للإبرة حضور كبير في حياة نساء "حلب" الاجتماعية وفي معتقداتهم الشعبية وأمثالهم وتهكماتهم، ولها أنواع وأشكال مختلفة بين الريف والمدينة تتحدث عنها السيدة "فاطمة أحمد" من حي "الخالدية".
مدونة وطن "eSyria" بتاريخ 5 كانون الثاني 2014 التقت السيدة " فاطمة" لتقول: «في مدينة "حلب" أنواع متعددة من "الإبر" وذلك بحسب شكلها وحجمها واستعمالاتها وأهم هذه الأنواع: "الإبرة الملاحفية" أو "الإبرة الشقوفية": وهي إبرة خاصة بخياطة "الملاحف" المنزلية أو في المحلات، و"الميبر": وهي إبرة أكبر من "الإبرة الملاحفية" وأصغر من "المسلّة" ويستعملها المنجد في عمله لشدّ اللحاف السميك والفراش، أما "المسلّة" فهي الإبرة الخاصة بخياطة الأكياس الكبيرة، وفي "حلب" عائلة معروفة تسمى "المسلاتي" استمدت اسمها من المسلّة، وأصغر الأنواع يسمى "الدبوس" وهو قضيب معدني رفيع شبيه بالإبرة ليس له ثقب إنما أحد طرفيه مسنن والآخر كرة تستعملها النسوة في "حلب" وريفها في تثبيت الشالات على رؤوسهن وغير ذلك.
قبل نحو نصف قرن من الزمان كان الناس يتعلمون في الكتاتيب لدى الشيوخ ومن الأناشيد المعروفة في تلك المدارس البدائية التي كانت ضمن مغاور أو تحت الشجر النشيد التالي ويُذكر فيها "الإبرة": "والله والله مرتين.... لحفر بئر بإبرتين وكنس أرض الحجاز... في يوم ريحٍ بريشتين وغسل عبدين أسودين... حتى يعودا أبيضين ولا الوقوف مع اللئيم.... لأجل درهم أو درهمين"
أما نساء النَوَر أو "القرباط" فيستعملن الإبر في عمل خاص بهن وهو "الوشم" من خلال غرزها في الجلد ومن ثم ذر "النيلج" أو "الرماد" عليه ورسم رسومات مختلفة».
وحول أنواع "الإبرة" في ريف "حلب" الشمالي قالت السيدة "حميدة مصطفى" من "جنديرس": «في منطقة ريف "حلب" الشمالي عدة أنواع من الإبر التي يستعملها الناس وخاصة النساء، وأهم هذه الإبر ما تسمى "إبرة الخياطة" ويتم استعمالها في خياطة الملابس العادية وهي أكثر الأنواع استعمالاً، و"إبرة العباءة" وتستعمل لخياطة العباءات، و"إبرة مالافة" وتستعمل في خياطة "اللحف والفرش"، و"إبرة القبعات" وتستعمل لخياطة القبعات، وفي منطقة "عفرين" تحديداً هناك نوع خاص من الإبر يستعمل لصناعة قبعات الرأس المثقوبة وذلك من الخام الأبيض؛ حيث يتم ثقبه بشكل متناسق بواسطة شوكة حيوان "النيس" وخياطتها بخيوط من الحرير بواسطة إبرة رفيعة وقصيرة وخاصة.
ومن أنواعها أيضاً: "شوجن" أو "المسلّة" وتستعمل في خياطة أكياس الخيش الكبيرة المملوءة بالزيتون والتبن وغيرها، و"المسلّة" كانت تُصنع محلياً من أعواد أشجار الزيتون قبل أن تظهر المعدنية منها».
أما حول حضور "الإبرة" في المعتقدات الشعبية لأهل "حلب" فتحدثت السيدة "أمينة حمو" من حي "الأشرفية" في "حلب" قائلة: «من الأمثال الحلبية المتعلقة بالإبرة قولهم: "الإبرة غلبت الحايك" تعبيراً عن مهارة العاملين وتفوقهم على معلميهم، و"الإبرة بإيد البنت متل الرمح بإيد الفارس"؛ أي يجب أن تكون الفتاة الحلبية عارفة بالخياطة وماهرة فيها فهذا يفيدها كثيراً في حياتها بعد زواجها، ويقولون أيضاً: "إذا رميت الإبرة بتسمع صوتا"، تعبيراً عن قوة شخصية رب الأسرة وسماع كلامه من قبل جميع أفراد الأسرة، ومن تهكماتهم الشعبية مثلهم التالي: "يفتي عالإبرة ويبلع المادنة"*؛ وذلك تعبيراً عن المستهترين بأمورهم الدينية».
وتابعت "أمينة" حديثها: «في "حلب" هناك مصطلح شعبي شائع هو "شغل الإبرة"؛ وقد تم إطلاقه على كل عمل تستخدم فيه النساء الحلبيات "الإبرة" لصنع "البسط والزريفة والتنتنة"، والمشغولات الخرزية الملونة، وفي هذا المجال يجب أن نذكر "مجركسات حلب" أو "البدلة المجركسة" المزركشة والمنسوجة بالإبرة من الحرير المذهّب وهو أثمن ما يُنسج في "حلب"، و"المجركسات الحلبية" لا مثيل لها في جميع أنحاء العالم.
وفي المعتقدات الشعبية الحلبية والشائعة لدى النساء خصوصاً أنه إذا "انقرفت** الإبرة" يوم السبت حيث تعمل المرأة وقامت إحدى النسوة أو المرأة نفسها بشك الإبرة المتكسرة في ثوبها فلن يتكسر شعرها طوال عمرها».
وختمت: «قبل نحو نصف قرن من الزمان كان الناس يتعلمون في الكتاتيب لدى الشيوخ ومن الأناشيد المعروفة في تلك المدارس البدائية التي كانت ضمن مغاور أو تحت الشجر النشيد التالي ويُذكر فيها "الإبرة":
"والله والله مرتين.... لحفر بئر بإبرتين
وكنس أرض الحجاز... في يوم ريحٍ بريشتين
وغسل عبدين أسودين... حتى يعودا أبيضين
ولا الوقوف مع اللئيم.... لأجل درهم أو درهمين"».