قطعة من جلد الماعز، تتم معالجتها بشكل متقن، وخياطتها بإحكام وترك فتحة صغيرة في الأعلى من أجل سكب اللبن داخلها وربطها بخيط متين، ومن ثم تُخضّ حتى ينتج عنها الزبدة الخالصة التي تتحول عند الغلي إلى سمنة عربية صافية.
مدونة وطن "eSyria" التقت السيدة "نايفة الصحناوي" يوم الأحد الواقع في 8 كانون الأول 2013 وهي المولودة في قرية "الجنينة" في العام 1956، حيث تحدثت بداية عن كيفية صناعة "الشكوة" من جلد الماعز، فقالت: «ينتقى الجلد من الماعز الكبيرة، وبعد سلخها بشكل جيد من دون أي أخطاء على الجلد حتى لا يتشوه، ويصبح بلا قيمة! وبعد انتهاء عملية فصل اللحم عن الجلد نقوم بجلب الجلد الذي يكون مع شعر الماعز من أجل معالجته بطريقة تقليدية كانت متبعة قبل أن تدخل آلات الكهرباء، حيث نضع الجلد في حفرة صغيرة، ونضع في داخله الطحين الأسمر العادي المنتج من القمح، ونطمره بالرماد من الخارج مدة أسبوع كامل في نفس الحفرة، بعد ذلك نزيل الشعر عن الجلد بشكل كامل لأن الطحين من الأسفل، والرماد من الأعلى يجعلان الشعر يخرج بسهولة دون أن يؤثر ذلك في الجلد. بعد ذلك يأتي وقت الدباغ حيث يوضع الجلد كاملاً في الدباغ الذي يحافظ عليه زمناً طويلاً مع الاستعمال المتواصل، ولكن قبل أن يتم تجهيزه ليصبح صالحاً للخض، نقوم بخياطته جيداً بواسطة المسلة والخيط (المصيص) القوي المعالج هو الآخر بالشبة التي تحفظه من "الهريان" والتفتت، ونقوم بصنع مكان من جانبي الجف من الأعلى من أجل عمل اليدين، وبعد ذلك نجلب لبن (الشنينة) والملح ونضعه في (الجف) أو "الشكوة" حتى تنظف جيداً من أي أثر أو طعم أو أي شيء يمكن أن يؤثر في اللبن مدة يوم كامل، وعندها تصبح جاهزة للعمل».
عندما تكون درجة الحرارة مرتفعة قليلاً لا نضع شيئاً لـ"الشكوة"، لأن الجلد يحافظ على درجات حرارة عادية، ولكن مع ارتفاعها بشكل كبير يجب فتح الجف وإضافة قطعة من الثلج إلى السائل حتى لا يفسد اللبن. أما في الشتاء فالأمر معاكس تماماً، حيث نقوم بفتح الجف وإضافة قليل من الماء الساخن حتى نستطيع تجميع الزبدة في "الشكوة"
وعن طريقة إعداد الزبدة من خلال "الشكوة" تابعت السيدة "منيرة قرقوط" المولودة في قرية "البثينة" في العام 1960 الحديث بالقول: «قبل الخض يقوم رب البيت بإيجاد مكان مناسب لوضع "الشكوة" وتثبيتها من خلال وضع ثلاثة أعمدة على شكل مثلث، وربطها جيداً بالحبال من أجل تثبيت "الشكوة" عليها لمساعدة النساء على الخض في حال كانت صغيرة الحجم، أما في حال كانت كبيرة، وتدعى (الجف) فيمكن للنساء أن تخض بلا مساعدة. وعندما تقرر سيدة المنزل الخض من أجل إنتاج السمن العربي، تكون قد جعلت الحليب (خاثراً) حيث تقوم بوضع الخاثر في "الشكوة" في الليل، وتركه حتى الصباح الباكر، حيث تبدأ الخض بعد نفخ الجف ووضع قليل من الملح والماء، ومن ثم ربطه جيداً، ثم تقوم بالخض للأمام والخلف مدة كافية حتى تشعر بتغير في صوت "الشكوة" ويصبح مثل رنين الجرس العادي، وهو يأخذ وقتاً وجهداً ليس بالسهل، وهكذا نقوم بإفراغ "الشكوة" بماعون كبير، فنحصل على الزبدة المطلوبة لإنتاج السمن العربي ذي الرائحة الزكية».
لصنع الزبدة عادات تقليدية محببة عند الجبليين، تترافق عادة بالأغاني التقليدية المحفوظة عن ظهر قلب، ولكن لكي تصبح الزبدة جاهزة يتطلب ذلك عادات متبعة في الصيف والشتاء، تقول السيدة "جليلة العريضي" المولودة في مدينة "شهبا" عن هذا الأمر: «عندما تكون درجة الحرارة مرتفعة قليلاً لا نضع شيئاً لـ"الشكوة"، لأن الجلد يحافظ على درجات حرارة عادية، ولكن مع ارتفاعها بشكل كبير يجب فتح الجف وإضافة قطعة من الثلج إلى السائل حتى لا يفسد اللبن. أما في الشتاء فالأمر معاكس تماماً، حيث نقوم بفتح الجف وإضافة قليل من الماء الساخن حتى نستطيع تجميع الزبدة في "الشكوة"».
وفي النهاية لا بد من ذكر أهم أغنية تراثية عن "الشكوة" حيث تقول:
"تشرب شنيني / قعدي عالشكوي تشرب شنيني
تتذكريني / كل ما خضيتي تتذكريني
بالله تطعميني / شي رغيف بزبدي بالله تطعميني".