حي عريق نشأ داخل أسوار "حلب" القديمة، فوق "تلة حوارية" ويتميز بوجود عدد من الأوابد التاريخية، ذو موقع استراتيجي بالنسبة إلى الحياة الاقتصادية فهو بالقرب من أهم الأسواق التجارية في "حلب" القديمة.

إنه حي "الجبيلة" الذي زارته مدونة وطن "eSyria" والتقت بتاريخ 4/7/2013 السيد "عبد المنعم طراب" -نجار عربي من الحي- للحديث عن هذا الحي وتاريخه، فقال: «حي "الجبيلة" من الأحياء العريقة والشعبية المعروفة بمدينة "حلب"، يعود تاريخه إلى أكثر من /900/ عام بدليل وجود بعض الأوابد الأثرية القديمة فيه مثل مدرسة "بني العجمي" التي يعود تاريخها إلى عام /1198/ على سبيل المثال.

من أهم العائلات التي سكنت الحي عائلة "أحمد أفندي طه زادة" المعروفة بعائلة "الجلبي" كما دُفن في مقبرتها عدد كبير من مشاهير "حلب" من أمثال: "محمد بن محمد البلخي" مدرس "المدرسة الأتابكية" المتوفى في العام /1255/م، و"علي بن خليل قرجا" أمير إمارة "ذي القدر" المتوفى في العام /1437/م، و"أحمد بن إبراهيم الخلاصي" الطبيب المتوفى في العام /1828/م. وقد سُميت المقبرة بمقبرة الأربعين ربما لأنها كانت قريبة من "باب الأربعين" أحد أبواب "حلب" المندثرة أو لأن أربعين ولياً دفنوا فيها

يقع هذا الحي في الطرف الشمالي من حي "البياضة" الذي يتصل بالقلعة من جهتها الشرقية، وفي الطرف الجنوبي من "شارع الخندق" الذي أنشئ في بداية القرن /20/ وهو حي شعبي ذو عمارة حلبية أصيلة ومازال محافظاً على نسيجه العمراني القديم ولم تزحف إليه الأبنية الحديثة إلا بشكل خجول.

المخفر العثماني -1848م - من آثار الحي

كان لموقع الحي أهمية اقتصادية كبيرة ومازالت بسبب وقوعه على محور "باب الحديد" الذي يؤدي إلى القلعة، بالتالي إلى أسواق المدينة القديمة وهي من أكبر الأسواق التجارية في العالم».

الدكتور "محمود حريتاني" مدير آثار ومتاحف "سورية" الشمالية سابقاً قال حول الحي وتاريخه: «"الجبيلة" من المحلات المرتفعة في مدينة "حلب" وهي من المحلات القديمة التي بنيت داخل الأسوار في المنطقة ما بين بابي "النصر" و"الحديد"، وقد أُطلق عليه اسم "الجبيلة" وهو تصغير لكلمة "الجبل" لأن الحي يقع على مرتفع من الأرض من الطبقة الحوّارية الكلسية، وبسبب وقوع الحي على كتف خندق المدينة فقد جُعل قسم منه مقبرة تدعى "مقبرة الجبيلة" تضم عدداً من القبور القديمة.

درب الحوار

حينما ردم الخندق وأصبح طريقاً وقد كان من الطرق العريضة في "حلب" في أواخر القرن التاسع عشر دعي القسم المجاور لمحلة "الجبيلة" بدرب الحوّار، والجدير بالذكر أن "شارع الخندق" الذي نتحدث عنه يمتد من "باب الحديد" وحتى "باب الفرج" وسمي أيضاً درب العربية لأن عربية "الحنتور" كانت تسير عليه وقبل ذلك التاريخ وتحديداً قبل العام /1883/م كان الشارع خندقاً ثم رُدم ببقايا أبنية تهدمت في زلزال العام /1822/م.

إن محلة "الجبيلة" تسمى أيضاً "الكلتاوية" وذلك بسبب وجود "مدرسة الكلتاوية" فيها، وقد تم بناؤها في العام /787/ هجرية /1385/م».

شارع الخندق - أو شارع العربية المجاور للحي

وتابع "حريتاني": «حي "الجبيلة" من الأحياء الكبيرة والقديمة في "حلب" ويقع على أحد محاور الدخول إلى مركز المدينة وهو يضم عدة أزقة وسوقاً ومركز شرطة عثماني جانب الباب المعروف بباب القناة أو "باب الحديد"، كما توجد فيه أكبر مقبرة كما قلت.

من أكبر وأقدم الأزقة الموجودة في الحي "زقاق الكلتاوية" ويقسم إلى "الكلتاوية الصغرى" و"الكلتاوية الكبرى"، وينسب الزقاق إلى "المدرسة الكلتاوية" المشهورة الواقعة بالقرب من "مدرسة ابن العجمي" التي نسبت إلى مؤرخ "حلب" "سبط بن العجمي" وقبره فيها ومدرسة "ابن العجمي" أقدم من "الكلتاوية" إذ تعود إلى العام /595/ هجرية /1198/م، وقد عُرف بجامع "أبي ذر" المؤرخ الحلبي الذي توفي في العام /884/ هجرية /1479/م.

توسع حي "الجبيلة" وقد حدده المؤرخ "الغزي" بين "البياضة" و"الشارع الأعظم" أي "شارع الخندق "وقد سكنه المسلمون وذكر "الغزي" أيضاً عدة مبانٍ أثرية مثل: "مسجد الزركشي" جانب "باب الحديد" و"قسطل الشعار" من العام /1532/م و"مسجد أبي الشامات".

أبرز قسم في حي "الجبيلة" هو "قبو الأكنجي" أو "قبو المسلاتية" المعروف حالياً بقبو النجارين الذي مازال يحافظ على عمارته وفعاليته وبعض النصوص الكتابية المحفورة على جدرانه، أما مخفر الشرطة الذي يسميه "الغزي" "المغفر" أي "المخفر" فمازال قائماً لحراسة باب المدينة وقد تم بناؤه في العام /1848/م، وتم ترميمه ليستعمل قصراً لضيافة الدارسين لمدينة "حلب" من الأجانب».

وختم بالقول: «من أهم العائلات التي سكنت الحي عائلة "أحمد أفندي طه زادة" المعروفة بعائلة "الجلبي" كما دُفن في مقبرتها عدد كبير من مشاهير "حلب" من أمثال: "محمد بن محمد البلخي" مدرس "المدرسة الأتابكية" المتوفى في العام /1255/م، و"علي بن خليل قرجا" أمير إمارة "ذي القدر" المتوفى في العام /1437/م، و"أحمد بن إبراهيم الخلاصي" الطبيب المتوفى في العام /1828/م. وقد سُميت المقبرة بمقبرة الأربعين ربما لأنها كانت قريبة من "باب الأربعين" أحد أبواب "حلب" المندثرة أو لأن أربعين ولياً دفنوا فيها».