"الكماج" أكلة سورية قديمة، تشبه الخبز ولكنها أكثر سماكة، وهي واحدة من أنواع "فطائر التنور" المتنوعة مثل "المحمرات" و"القريشة" و"السلق مع السبانخ" و"الجبنة"، المنتشرة بكثرة في الساحل السوري.

وللحديث عن "الكماج" التقت مدونة وطن "eSyria" في 3/9/2013 السيدة "ابتسام درويش" التي حدثتنا عن طريقة صناعة العجينة قائلةً: «عجينة الفطائر واحدة لكل الأنواع ولكنها تختلف في "الحشوة" و"التتبيلة" التي توضع عليها، حيث نبدأ بوضع الطحين في وعاء كبير ثم نضيف فوقه الملح وزيت الزيتون البلدي بالإضافة الى الخميرة، وبعدها نضيف كمية قليلة من السكر لمساعدة الخميرة على النضج بسرعة وأداء عملها بشكل أفضل، ثم تعجن المكونات مع بعضها جيداً بالماء الدافئ حتى تصبح عجينة متماسكة».

سر نكهة "المحمرات" بالبصل، حيث تقطع كمية كبيرة منه ويتبل بالملح لإخراج الماء منه ويذبل ويصبح طرياً، ثم يوضع فوقه دبس الفليفلة الحمراء الحارة، ويمكن التحكم بمذاقها اللاذع حسب الطلب بخلط الفليفلة الحارة بنظيرتها الحلوة فيتعدل الطعم، ثم نضيف البقدونس المفروم وحبة البركة والسمسم وكمية وافرة من زيت الزيتون البلدي

وتابعت: «نغطي العجينة ونتركها لترتاح حتى يتضاعف حجمها، ثم "تقرَّص" ويصنع منها كرات بحجم قبضة اليد، وتوضع في أوعية مسطحة ويرش فوقها الطحين لمنع التصاق الكرات بعضها ببعض، إلى أن يحين موعد خبزها، فيصنع منها "الكماج" السادة الذي كان يشبه الخبز، ولكنه بشكل فطائر سميكة، حيث كان يرقُّ وتغرز به الأصابع لترك انتفاخات في وسطه وإعطائه شكلاً جميلاً، ويضاف له السمسم وحبة البركة والملح لإكسابه طعماً زكياً، وصولاً إلى فطائر "المحمرات" و"السلق مع السبانخ" و"القريشة"».

الفطائر في التنور

"المحمرات" واحدة من فطائر التنور الأكثر طلباً وحدثتنا السيدة "ايمان حسام الدين" عن طريقة صناعتها بالقول: «سر نكهة "المحمرات" بالبصل، حيث تقطع كمية كبيرة منه ويتبل بالملح لإخراج الماء منه ويذبل ويصبح طرياً، ثم يوضع فوقه دبس الفليفلة الحمراء الحارة، ويمكن التحكم بمذاقها اللاذع حسب الطلب بخلط الفليفلة الحارة بنظيرتها الحلوة فيتعدل الطعم، ثم نضيف البقدونس المفروم وحبة البركة والسمسم وكمية وافرة من زيت الزيتون البلدي».

السيدة "تغريد درويش" حدثتنا عن فطائر "السلق والسبانخ" فقالت بأنها من أشهى أنواع الفطائر طعماً وأصعبها إعداداً وأضافت متحدثة: «فطائر "السلق والسبانخ" بحاجة إلى نظافة كبيرة وتتطلب الكثير من الجهد والوقت لإعدادها، حيث تبدأ بعملية "تبويق" السلق أي جعلها على شكل باقات، وغسلها بشكل جيد بالماء لإزالة التراب العالق بكل ورقة على حدة وخاصة في الرأس المغروس بالتراب، ثم تفرم وتوضع في قدر يحتوي على ماء مغلي وتترك فيه بضعة دقائق حتى يقل حجمها وتنضج نصف استواء، ويكرر الأمر عينه مع "السبانخ"، ثم يتم خلطهما معاً، ونبدأ بعصرهما جيداً بكلتا اليدين لإزالة الماء منهما، وتشكيلهما على شكل كرات».

السيدة تغريد تعد فطائر السلق

وأضافت: «يقطع البصل ويوضع على النار مع زيت الزيتون إلى أن يذبل وتفوح رائحته، ثم يوضع معه مقدار ملعقة طعام كبيرة من دبس الفليفلة الحمراء وتقلّى قليلاً، ومن ثم توضع كرات "السلق والسبانخ" معها ويرش فوقها الملح وتحرك إلى أن تنضج، وتوضع بعدها في مصفاة للتخلص من كمية الزيت الزائد الذي قد يتسبب بتشقق العجينة وخروج الحشوة منها وإفسادها».

فطائر "القريشة" تحمل نكهة الماضي فقالت عنها السيدة "ملكة حسن" مضيفةً: «كانت تصنع فطائر "القريشة" بكثرة في الماضي لتوافر مادة اللبن، حيث يوضع كمية كبيرة منه على النار مع قليل من الماء والملح ويترك حتى "يفرط" ثم يوضع في قطعة قماش ويصفّى حتى تخرج كمية الماء منه تماماً، ويضاف له بصل مقطع وحبة البركة ويرش عليها القليل من الفليفلة الحمراء الجافة، وتحشى بها العجينة، ويتم إغلاقها بشكل جيد كي تبقى "القريشة" ضمنها».

أقراص العجين

وكذلك الأمر بالنسبة لفطائر "الجبنة" المفضلة لدى الأطفال فحدثتنا عنها السيدة "سميعة أحمد" قائلةً: «فطائر الجبنة هي الفطائر المفضلة لدى الأطفال والأكثر طلباً من قبلهم، وتبدأ صناعتها بوضع كمية الحليب على النار حتى تصبح دافئة، ثم نضع حبة "المنفحة" بكأس ماء بعد هرسها جيداً مع ملعقة من الملح، ونضيف هذا المزيج إلى الحليب الفاتر، ويحرك بضع مرات ويترك مدة ربع ساعة، وبعد ذلك نرى أن الماء انفصل عن الحليب الذي أصبح جبناً في قاع القدر، ثم تؤخذ كمية الجبنة وتعجن مع حبة البركة وترصُّ في قطعة قماش بعد أن يتم قولبتها على شكل قرص وتوضع في مصفاة، ونضع عليه ثقلاً لضمان تخلصها التام من الماء، ويتم فرط الجبنة لصنع حشوة الفطائر مع إضافة زيت زيتون والقليل من النعناع المجفف عليها، وتحشى بعدها العجينة بها وتصبح جاهزة للخبز».

طريقة خبز كل أنواع "فطائر التنور" واحدة حدثتنا عنها السيدة "حياة سلمان" بالقول: «بعد تحضير "الحشوة" و"التتبيلة" تؤخذ مع العجين إلى التنور استعداداً للخبز، الذي يتم تجهيزه مسبقاً فيوضع فيه كمية وافرة من الحطب ويتم إشعالها وانتظارها حتى تصبح جمراً متوهجاً وعندئذٍ يكون جاهزاً، فيرق العجين على شكل دائرة متوسطة الحجم وتوضع فوقها "التتبيلة" ثم توضع على "الكارة" (عبارة عن قطع من القماش السميك تشكًل بشكل دائري وله فتحة من الاسفل لتوضع اليد فيها أثناء إدخالها إلى التنور لتمنعها من الاحتراق) وتلصق الفطيرة بسرعة على جدار التنور الحار إلى أن تنضج، ويجب ألا تترك طويلاً على الجدار لأنها عند الاستواء الكامل ستسقط وتقع على الرماد وتفسد، لذا يحب مراقبتها فعندما تنضج الأطراف تكون قد نضجت وحان موعد اخراجها والذي يتم في أغلب الاحيان باليد بعد ان يتم بلها بالماء البارد أو بالعصا».

عمل "فطائر التنور" يقوي أواصر المحبة والتعاون بين النسوة حيث حدثتنا السيدة "سميرة اسماعيل" قائلة: «تجتمع النسوة عند التنور بعد أن يقمن مسبقاً بتحضير الحشوات والعجين، ونتعاون معاً على إنتاج كمية الفطائر الخاصة بكل سيدة، فنخبز في اليوم الواحد ما يفوق /700/ فطيرة متعددة الأنواع، ويتم تقسيم المهام فيما بيننا فتنصرف واحدة "للرق" وأخرى "للحشو" وثالثة للخبز وأخرى لتفريق الفطائر كي لا تلتصق بعضها ببعض و"تعجِّن"، فيسود جو جميل من الألفة والتسلية وننجز العمل المطلوب بأقل جهد ودون الإحساس بالتعب».

الجدير بالذكر أن "فطائر التنور" لا تزال مطلوبة على الرغم من صعوبة عملها والجهد الذي تتطلبه بالمقارنة مع فطائر "الصاج" التي باتت أكثر انتشاراً هذه الايام.