للأعراس الحلبية طقوس اجتماعية جميلة وقديمة ومن هذه التقاليد الشائعة والجميلة العادة التي يقدم بموجبها العريس لعروسه في ليلة دخلته هدية تسمى "آلة الخزانة"، وهو طقس ما زال يمارس إلى يومنا هذا في المجتمع الحلبي.
حول هذا الطقس الاجتماعي وحضوره في حياة الناس التقت مدونة وطن eSyria بتاريخ 1/8/2013السيدة "بديعة محمد" من حي "الأشرفية- بني زيد" فقالت: «تتميز الأعراس الحلبية بمجموعة من التقاليد الاجتماعية القديمة التي تضفي على هذه الأعراس جواً اجتماعياً جميلاً وعلى الرغم من أن الكثير من هذه العادات والتقاليد قد اختفت من حياة الحلبيين العصرية إلا أن بعضها ما زال يمارس بشكل واسع إلى يومنا هذا خصوصاً لدى أحياء "حلب" القديمة، بينما ليس ضرورياً أن يمارس باقي أهل "حلب" هذا الطقس وهم الذين جاؤوها من مختلف المناطق والأرياف والذين جلبوا معهم طقوسهم وتقاليدهم الاجتماعية الخاصة».
الأعراس الحلبية ذات نكهة خاصة وجميلة بطقوسها وتقاليدها القديمة ويجب علينا أن نحافظ عليها من الضياع والاندثار
وتابعت: «تتألف "آلة الخزانة" من مجموعة من الأكلات الطيبة واللذيذة والمغذية والمسلية التي يقوم العريس بشرائها وتجهيزها ووضعها ضمن خزانة خاصة في البيت الزوجي أو غرفة العروسين ليقوما بتناولها معاً خلال الأيام الأولى لزواجهما ولا يجوز لغيرهما تناولها، فتضفي على حياتهما في أولى مراحلها البهجة والسعادة كما تساهم في تحقيق المزيد من التآلف والانسجام بينهما».
وحول أهم الأكلات التي لابد من وجودها ضمن "آلة الخزانة" تقول: «تتألف "آلة الخزانة" من طعام خاص بالعروسين من "المكسّرات" بمختلف أنواعها وخاصة "الفستق الحلبي" و"فستق العبيد" و"اللوز" و"الجوز" و"البندق" وكذلك الحلويات المحشوة بهذه المكسرات، إضافة إلى "التخليطة" والتي تتألف من الموالح وبذور النباتات من قرع وعبد شمس وجبس وغيرها».
وقالت العمة "سهام حمو" من "الشيخ مقصود شرقي" حول أهمية "آلة الخزانة" ووظيفتها وضرورتها الاجتماعية: «"آلة الخزانة" أولاً أمر طقسي لا بد منه في العرس الحلبي، وثانياً يساعد العروس في التغذية دون أن تخجل من أهل زوجها لأن العادات الاجتماعية تمنعها من الظهور والكشف على أهل العريس والناس عموماً وخاصة الرجال منهم خلال فترة شهر عسلها ولذلك فإنها تأكل المأكولات الموجودة في "آلة الخزانة" دون خجل وهذه سمة العروس في أيام زواجها الأولى.
"آلة الخزانة" هي أيضاً دليل على كرم الزوج الحلبي تجاه زوجته ويجب أن يظهر هذا الكرم منذ الأيام الأولى للزواج لذا فإن الشخص الذي لا يقدم لزوجته "آلة الخزانة" في ليلة عرسها فإنه اجتماعياً رجل بخيل ويتعرض للنقد الاجتماعي الواسع من قبل المجتمع من حوله وخاصة من قبل أهل عروسه. إضافةً إلى ذلك فإن "آلة الخزانة" بمأكولاتها المتنوعة وخاصة المكسّرات منها هي إحدى وسائل التسلية للعروسين خلال الأيام الأولى من زواجهما وخاصة أنهما لا يخرجان كثيراً من غرفتهما وهما بالتالي بحاجة إلى وسائل تسلية وأفضلها التسلية بالمكسرات».
وتابعت: «في المعتقدات الشعبية الحلبية "آلة الخزانة" أمر ضروري وواجب اجتماعي على الزوج القيام به لأن "آلة الخزانة" بحسب هذه المعتقدات تمنح الزوجة مستقبلاً عزة نفس وشبعاً بمعنى ستكون عينها شبعانة من ناحية الأكل لأن الزوج الذي يحرم زوجته من "آلة الخزانة" فإنها ستبقى متحسرة على الأكل باقي حياتها ولذلك يقول المثل الشعبي الحلبي: "أللي ما بجيب لمرتو "آلة الخزانة" ليلة عرسو، تبقى مرتو جوعانة طول عمرا"».
وختمت: «الأعراس الحلبية ذات نكهة خاصة وجميلة بطقوسها وتقاليدها القديمة ويجب علينا أن نحافظ عليها من الضياع والاندثار».