يعد الأب المرحوم "فردينان توتل" شخصية حلبية مشهورة في مجال توثيق تراث وتاريخ مدينة "حلب" وأدبها الشعبي والتي تعد اليوم من التحف الثقافية النادرة.
حول هذه الشخصية التقت مدونة وطن eSyria بتاريخ 25/5/2013 السيد "إبراهيم سليمة" 73 عاماً وهو من أهالي حي "الجديدة" فقال: «لقد قرأت الكثير حول الشخصيات الحلبية المؤثرة في المجتمع الحلبي ومن هؤلاء "فردينان توتل" الشخصية الشهيرة التي لعبت دوراً مهماً في توثيق حياة المجتمع وأرشفة يومياته التي تعد اليوم من التحف الثقافية النادرة بحلب والتي تحكي حول يوميات الناس من خلال قيامه بنشر يوميات "البخاش" الهامة، وهي تتضمن يوميات شخصية حلبية تدعى "نعوم بخاش" كان يعلم الأطفال القراءة والكتابة في أحد البيوت التي تجاور ساحة "إلياس فرحات" المجاورة، فقد كان "نعوم بخاش" يكتب في دفتر خاص كل الأحداث اليومية التي تجري معه من أخبار طلابه وأخبار المجتمع الحلبي المحيط به».
عندما تعرضت بعض أبنية الجامعة اليسوعية في "بيروت" للدمار في العام 1974 انتقل الأب "توتل" إلى "مشفى الجمهور" بعيداً عن أصدقائه وأهله حيث أصبح التواصل معه صعباً فقد كان يتألم بجسده ويقول: "يا قلب يسوع الأقدس أضع ثقتي بك"، وقال مرة: "ربما ارتكبت حماقات في حياتي ولكنني لم اقترف حماقة ضعف ثقتي بالله أبداً". وفي الثاني عشر من شهر أيار في العام 1977م توفي بسلام وانتقل إلى رحمته تعالى
المهندس والباحث "عبد الله حجار" مستشار جمعية العاديات للفترات الكلاسيكية يتحدث حول شخصية "توتل" وأهم انجازاته الثقافية بالقول: «المرحوم "فردينان توتل" اليسوعي هو ابن "حلب" البار حيث ولد فيها في العام 1887م ودرس فيها وهو من أبناء الطائفة المارونية، تابع "توتل" دراسته في "فرنسا" وانتسب إلى الرهبنة اليسوعية في العام 1906م، وسمي كاهناً في العام 1918م، تنقل بعدها بين "لبنان" و"مصر" و"سورية" يعمل في مجال التربية والتعليم والإدارة ورعاية المؤمنين، بقي بحلب بين العامين 1937 -1947م وكان من جيران المؤرخ الحلبي الشيخ "كامل الغزي" في حارة "الشرعوس" منذ الصغر وتربطه مع العائلة صداقة حميمية».
وتابع: «لقد عرّفنا المرحوم "فردينان" وبأسلوب بسيط ومختصر على أهم الأحداث التي جرت في المجتمع الحلبي وخاصة المسيحي في السلسلة التي أصدرها بعنوان "وثائق تاريخية عن حلب" تكلم فيها عن مختلف الطوائف المسيحية من "أرمن" و"روم" و"سريان" و"موارنة" و"لاتين" وغيرها، والتي تعتبر أقدم السجلات الخاصة في هذا المجال والمتوافرة وذلك حتى منتصف القرن العشرين مما كان له أطيب الصدى من حيث الحقيقة التاريخية لذاكرة المدينة الطيبة والعريقة. ومن انجازاته الثقافية أيضاً أنه عرّفنا على حياة وأرجوزة الشيخ "محمد أبي الوفاء الرفاعي" 1765-1847م الشهيرة بعنوان "منظومة الشيخ وفاء" التي ذكر فيها جميع الأولياء المدفونين بحلب ويذكر في حاشية الصفحة الخامسة أسماء الأسر الحلبية وذلك في العام 1941م. كما لا ننسى أن له الفضل في تعريفنا بالمجتمع الحلبي المسيحي العادي وليس الرسمي عن طريق تحقيقه يوميات "نعوم بخاش" بشكل موجز والتي قام بنشرها في العام 1962م وكان ذلك الدفتر هو الدفتر الثاني ليوميات "نعوم بخاش" وقد اشتراه من السيد "باسيل خوام" في العام 1957م، و"خوام" هذا كان صاحب دكان وقبو في ساحة "فرحات" إلى الغرب من التمثال وكان الدكان لبيع وشراء الكتب القديمة والمستعملة وقطع الأثاث وسواها، ليكون ما نشره هنا عبارة عن صورة مشرقة من صور الأدب الشعبي في "حلب" بين بداية الربع الثاني ونهاية الربع الثالث من القرن التاسع عشر».
ويختم حديثه: «عندما تعرضت بعض أبنية الجامعة اليسوعية في "بيروت" للدمار في العام 1974 انتقل الأب "توتل" إلى "مشفى الجمهور" بعيداً عن أصدقائه وأهله حيث أصبح التواصل معه صعباً فقد كان يتألم بجسده ويقول: "يا قلب يسوع الأقدس أضع ثقتي بك"، وقال مرة: "ربما ارتكبت حماقات في حياتي ولكنني لم اقترف حماقة ضعف ثقتي بالله أبداً". وفي الثاني عشر من شهر أيار في العام 1977م توفي بسلام وانتقل إلى رحمته تعالى».