يعد من أحد أقدم الأحياء السكنية في مدينة "حلب"، وأكثرها محافظة على التقاليد الحلبية الأصيلة وارتباطاً بها، حيث تكثر فيه الأبنية التي تعود إلى عصور تاريخية قديمة.

مدونة وطن "eSyria" زارت حي "باب النيرب" بتاريخ 4/5/2013 والتقت السيد "حنان عبدو" صاحب محل وهو من أهالي الحي، الذي تحدث عن ميزات الحي بالقول: «يقع هذا الحي في الطرف الجنوبي الشرقي من مركز المدينة القديمة وهو بالأساس قرية صغيرة كانت خارج الأسوار له باب يؤدي إليه سمي باب النيرب.

لقد أصيب الحي مؤخراً بتبدلات جذرية أوجدتها مخططات مجلس المدينة التنظيمية فزال قسم من الحي وفتحت شوارع عريضة وبقيت أوابده التاريخية كما بقي اسمه حتى اليوم

إلى جانب عراقة الحي وهذا واضح من كثرة الأبنية التاريخية العائدة لمختلف العصور التاريخية فإن سكان الحي أصلاء مازالوا محافظين على تقاليدهم القديمة الجميلة، حيث يسود الحياة الاجتماعية هنا المحبة والتسامح ومساعدة الفقراء ومشاركة البعض في الأفراح والأتراح وهذه سمة رئيسية من سمات حياة الناس».

قسطل علي بك

حول هذا الحي أيضاً يتحدث الباحث الأثري "عبد الله حجار" بالقول: «حي "باب النيرب" هو الشارع المتجه شرق غرب إلى الجنوب من جامع "ألطبغا" وقد تم فتح شارع بعرض 120م إلى الشرق من الأسوار قرب "باب النيرب" وقد أظهر قبلية "المدرسة الطرنطائية"، وسمي "باب النيرب" بهذا الاسم لأنه يؤدي إلى قرية "النيرب" القريبة والتي كشف فيها بعض التماثيل العائدة إلى الألف الأول قبل الميلاد.

من أهم آثار الحي "قسطل علي بك" وهو من أشهر قساطل "حلب"، وقد كانت الجمال الواردة إلى المدينة من الشرق ترتوي منه، ويعود بتاريخه إلى الفترة المملوكية ولا يعلم مصير القسطل بعد فكه ورفعه من مكانه إثر فتح شارع "باب النيرب" العريض في بداية الثمانينيات من القرن العشرين.

حي باب النيرب من "غوغل إرث"

ومن آثار الحي أيضاً "مسجد قرمط" أو "جامع عفان" المجدد في العام 1822م و"مسجد الشيخ ضاهر" /"الشيخ بدوي"/ المرمم في العام 1928 و"جامع وزاوية وقسطل الشيخ حيدر"».

الدكتور "محمود حريتاني" مدير آثار ومتاحف سورية الشمالية سابقاً يتحدث حول تاريخ هذا الحي العريق قائلاً: «لقد نشأ حي "باب النيرب" أولاً داخل الأسوار حياً سكنياً كباقي أحياء المدينة السكنية وشكل محوراً بين "باب النيرب" التاريخي وقلعتها التي كانت المركز قبل أربعة قرون من ميلاد السيد المسيح، ومن ثم توسع هذا المحور ليصل إلى المركز الجديد وهو أسواق المدينة القديمة بعد القرن الخامس الميلادي.

الباحث الأثري عبد الله حجار

لقد أنشأ ملوك "حلب" قبل ألف عام من الآن تقريباً سوراً خارجياً اعتبروه خطاً دفاعياً للسور القديم للمدينة، فتوسعت المدينة وامتد حي "باب النيرب" قربه كما امتدت أحياء أخرى مثل حي "باب المقام" و"القصيلة" وغيرها.

وخلال حكم الدولة الأيوبية تم إنشاء مبانٍ دينية متعددة خارج الأسوار فقد امتد "حي النيرب" أيضاً حولها وهكذا مرت مراحل ثلاث على توسع هذا الحي العريق.

لقد ضم هذا الحي كغيره عدة مبان دينية هامة ففيه "المدرسة الجابية" وكانت فيها محكمة على المذهب الشافعي وفيه "المدرسة الطرنطائية" نسبة إلى مجددها "طرنطاوي" بعد بانيها المؤرخ الحلبي الكبير "ابن العديم" في أوائل القرن الثالث عشر الميلادي، كما توجد في الحي "تربة العلمي" الأيوبي و"مسجد آشقتمر" أو "السكاكيني" وهو من العصر المملوكي و"جامع التوبة" المملوكي وقد جدد عدة مرات، يضاف إلى ذلك حماما "برسين" و"الذهبي" المملوكيان وقد دمر جزء من الحمام الأخير في العام 1850م ومقهيان وعدة خانات».

يضيف: «لقد كان للحي تقاليد بدوية ما زال بعضها قائماً وبعضها دثر مثل اجتماع النسوة من جميع الأديان كل يوم اثنين وخميس لبيع خيوط الصوف المغزولة في "زقاق الزيتونة" وهو أحد أزقة الحي إلى جانب "زقاق النخلة" و"الدحدالة" و"البستان" و"محمد بك" وهذا الاسم الأخير كان يطلق على مجموع الحي نفسه.

في العام 1911م ردم الخندق المجاور للحي لفتح جادة "باب النيرب" إحدى أكبر جادات "حلب" في ذلك الوقت فازدادت أهميته فبقي الحي محافظاً على نشاطه التجاري الذي يعتبر مركزاً للتبادل التجاري بين المناطق الشمالية والشمالية الشرقية من سورية مع مدينة "حلب"».

ويختم "حريتاني" حديثه: «لقد أصيب الحي مؤخراً بتبدلات جذرية أوجدتها مخططات مجلس المدينة التنظيمية فزال قسم من الحي وفتحت شوارع عريضة وبقيت أوابده التاريخية كما بقي اسمه حتى اليوم».