انتشرت الألعاب الشعبية العنيفة في الجبل بشكل كبير، وخاصة تلك التي تتعلق بالحجارة المادة الخام المتوافرة بكثرة في تلك البقعة الصعبة المراس.. فكان أن اعتبرها الصغار متنفساً كبيراً لواقع يغلب عليه الفقر الشديد.

وقبل البدء في لعبة (اسطرطباش) مثلاً أو (طس القعاقير) اللتين تدميان اللاعبين مع انتهاء اللعبة، يتم اختيار زعيمي الفريقين من أكبر الأطفال سناً، وشراسة، وعند الانتهاء من توزيع اللاعبين بين هذين الرأسين تبدأ عملية القرعة التي تأخذ إشكالاً متعددة.

هناك قرعة "الدرابي" (قطعة من الثلج أو الطين على شكل كرة تسمى محلياً درباية وجمعها درابٍ) وهي تتم كالعادة في فصل الشتاء، وعندما تهطل الثلوج لتتجمع حول البيادر والطرقات لأيام عديدة، وقد تكون من التراب بعد جبلها بالماء لتشكل كرة لزجة حيث يوضع بداخل كل (درباية) حصاة صغيرة، وتتوزع الدرابي على كل اللاعبين، والذي يحصل على (الدرباية) الموجود بداخلها الحصاة يبدأ اللعب. أما قرعة الصيف والشتاء فهي بسيطة تعتمد على جلب قطعة حجرية رقيقة، يوضع على أحد وجهيها نقط من الماء يسمى الشتاء، والآخر صيف. وترمى إلى الأعلى بعد أن يتوقع أحد الخصمين الوجه الذي يريد، وبعد سقوطها على الأرض يتحدد من هو البادئ باللعب

مدونة وطن eSyria التقت السيد "معتز الطويل" المولود في مدينة "شهبا" في العام 1970 فتحدث لنا عن ذكريات الطفولة وعن القرعة التي كان الصغار يقومون بها للبدء باللعب، فقال: «كنا نلجأ للقرعة من أجل تحديد المواقع حيث يصادف أن يكون أحد المواقع أضعف من المواقع الأخرى، حيث تأخذ القرعة عدداً من الأشكال حسب اللعبة، منها الأكثر شعبية، والمنتشرة في كل أصقاع الدنيا، وهي (الطرة والنقش)، فالطرة هي وجه العملة النقدية المرسوم عليها شعار الدولة، والنقش هي الوجه الآخر وتظهر عليه قيمة العملة النقدية، حيث يأخذ أحد زعماء الأطفال القطعة النقدية ويضعها على سبابته ومن ثم يقذفها في الهواء عن طريق الإبهام، بعد أن يكون الزعيم الآخر قد اختار الطرة او النقش، وعندما تكون القطعة النقدية في الهواء يحاول اللاعب الذي رماها حمايتها حتى لا يظهر أي وجه منها للخصم، فإذا فاز الخصم بالقرعة اختار المكان الذي يريد أو العكس.

طنجرة ولاقت غطاها

أما القرعة الثانية التي تنتشر أيضاً في مناطق عدة غير "السويداء" فهي (الحكرة بكرة) وهي تعتمد على العد من قبل أحد زعيمي الفريقين، فيقول: حكرة، بكرة، قلي، ربي، عد، للعشرة، واحد، اثنان، ثلاثة، ... عشرة. وتتم من خلال مد الأصبع بين المتكلم وخصمه إلى أن تثبت على واحد منهما الرقم عشرة لتبدأ اللعبة، أو تشمل كل اللاعبين لترسو على واحد من الفريقين، وقد تختلف الحكرة بكرة في طريقة البداية مثل: كان، عصفور، على، الشجرة، عم، بيعد، للعشرة، واحد، اثنان،.. عشرة، وهكذا..».

أما السيد "سلطان قسام" أحد أبناء "شهبا" أيضاً فقد تحدث عن إجراءات أخرى للقرعة في السابق، حيث قال: «هناك قرعة "الدرابي" (قطعة من الثلج أو الطين على شكل كرة تسمى محلياً درباية وجمعها درابٍ) وهي تتم كالعادة في فصل الشتاء، وعندما تهطل الثلوج لتتجمع حول البيادر والطرقات لأيام عديدة، وقد تكون من التراب بعد جبلها بالماء لتشكل كرة لزجة حيث يوضع بداخل كل (درباية) حصاة صغيرة، وتتوزع الدرابي على كل اللاعبين، والذي يحصل على (الدرباية) الموجود بداخلها الحصاة يبدأ اللعب. أما قرعة الصيف والشتاء فهي بسيطة تعتمد على جلب قطعة حجرية رقيقة، يوضع على أحد وجهيها نقط من الماء يسمى الشتاء، والآخر صيف. وترمى إلى الأعلى بعد أن يتوقع أحد الخصمين الوجه الذي يريد، وبعد سقوطها على الأرض يتحدد من هو البادئ باللعب».

قرعة الطرة والنقش

الباحث الأستاذ "فوزات رزق" تحدث في كتابه (ألعاب الأطفال) الصادر عن وزارة الثقافة في العام 1996 عن القرعة، ومنها القرعة بين اللاعبين كافة، فقال: «ينبغي أن يشارك اللاعبون جميعاً في القرعة حينما يكون اللعب بطريقة الكل ضد واحد، وذلك للتخلص من الموقع الأضعف كما في لعبة (الكومستير)، أو للفوز بالموقع الأقوى كما في لعبة (الحجوج)، حيث تتم اللعبة بإحدى الطرق التالية: (أي – باي) وتتلخص هذه الطريقة بمد أحد اللاعبين راحة يديه المفتوحتان إلى الأعلى أو الأسفل، ثم يمد كل لاعب إحدى كفيه بالوضع نفسه فوق كف اللاعب الأول، فتتشكل طبقة من الأكف باتجاه واحد، وعندها يهز صاحب الكف السفلي يده قائلاً: آيا – باييا – كبانيه – أي باي – بف. مع كلمة بف يرفع كل لاعب يده، ويغير اتجاه الكف أو يبقيه على حاله. وفي هذه الحالة يكون هناك ثلاثة احتمالات أولها أن يكون عدد الأكف باتجاه الأعلى مساوياً لعدد الأكف باتجاه الأسفل، وهنا تعاد المحاولة.

والاحتمال الثاني أن يكون اتجاه الأكف غير مساوٍ، وفي هذه الحالة تخرج الأكف ذات الاتجاه الأكثر من القرعة، وتعاد القرعة بين الأكف الأقل وتستمر العملية حتى تنفرد كف باتجاهها لترسو على صاحبها القرعة. والاحتمال الثالث يقضي بأن تنفرد كف باتجاهها منذ المحاولة الأولى فترسو القرعة على صاحبها.

وهناك قرعة (الضمرة) حيث يجتمع الرأسين ويخفي احدهما شيئاً بين يديه، بينما يبقي الثانية فارغة. يعرض يديه أمام خصمه، ويتفق مسبقاً على موقع الذي من نصيبه اليد الفارغة.

وهناك طريقة (طنجرة وغطاها) وتستخدم هذه الطريقة في إجراء القرعة، وعند ذلك فالرأس الذي استطاع أن يغطي قدم خصمه يختار الموقع الأفضل».