كان "الحواج" يدور في قرى دير الزور، وكان له دور كبير فيما مضى عندما لم يكن من السهل الوصول للمدينة لتأمين بعض مستلزمات أهل القرية الذين كانوا ينتظرونه بفارغ الصبر، فهو عبارة عن دكان متنقل بين القرى.

الكثير من أبناء هذا الجيل في محافظة الدير وريفها لا يعرفون ماذا تعني كلمة "الحواج" أو ما هو عمل هذا الرجل الذي كان يحمل قطعة من القماش كبيرة يجمع فيها حوائجه وبضاعته وتسمى البقجة ويضعها على ظهره، وكان يجوب مناطق البدو والقرى ماشياً على قدميه، حيث كانت الفرحة تعم قلوب النساء والصبايا والأطفال، هذا ما تحدثت عنه السيدة "كفى العمر" من ناحية "البصيرة" في ريف ديرالزور لمدونة وطن "eSyria" التي التقتها بتاريخ 8/4/2013 مشيرة بالقول: «اذكر عندما كنت صغيرة ولم تكن هناك الكثير من وسائل النقل التي تساعد للوصول لمركز المدينة لتأمين المستلزمات الضرورية التي تحتاجها نساء القرية، كانت والدتي والجيران يجتمعون في احد البيوت بانتظار قدوم "الحواج" الذي كان له موعده المحدد الذي نادراً ما يتخلف عنه، فكان هو الوسيلة الوحيدة لهم لتأمين مستلزماتهم.

جاءت كلمة "الحواج" من الحاجيات التي يحملها معه أي الأشياء التي يحتاجها الناس، وكان مشهوراً في قرى "دير الزور، لأهميته في تأمين المستلزمات والحاجيات لهذه القرى فهو عبارة عن دكان متنقل ومهمته كانت هي أن يزور القرية مرة كل أسبوع لبيع أغراضه، ولكل منطقة حواجها الذي يبيع فيها ولا أحد من الحواجين يتعدى على منطقة الآخر، والبيع بالمقايضة فالبعض يعطيه البيض أو الجبن أو السمن وغيرها من منتجات القرية وهو يقوم أيضاً ببيعها في المدينة ونادراً من يعطى النقود ثمناً لبضاعته، وبعض الحواجين كان يأتي بزوجته وتسمى حواجة أيضاً، وذلك لأن بعض النساء لديهن خصوصيتهن في عملية الشراء أو في إحضار طلباتهن

وعندما يسمعون صوته وهو ينادي تخرج النساء للباب وينادونه ويأتي مسرعاً يقف أمامهن وهم يلتففن من حوله، ويبدأ بعرض بضاعته وتتسارع النساء في التقاط هذه البضاعة لشرائها قبل أن تسبقها إحدى النسوة وتندم بأنها لم تشترها هي قبلها، وكثيراً ما كانت بعض النساء يوصينه على أشياء لإحضارها معه في المرة القادمة كأنواع معينة من القماش لخياطتها أو مستلزمات الزينة من المراهم والكحل وغيرها».

السيدة "كفى العمر"

أما السيد "كحيط الفياض" من قرية "الصبحة" فذكر: «يعتبر "الحواج" فيما مضى بائعاً محترفاً في عرض منتجاته وإظهار مميزاتها فقد كان يجوب القرى ماشياً على الإقدام حاملاً بضاعته ببقجة من القماش أو سلة من القش أو حاملاً أغراضه على دابته، وأهل القرية ينتظرونه بفارغ الصبر، وعندما يسمعون صوته وهو ينادي "حواج" "حواج" "حواج" تراهم يلتفون من حوله ليرون ما يحمله من بضائع.

وأغلب زبائن الحواج من النساء والصبايا والأطفال لأنهم غالباً لا يزورون المدينة، وتكون بضاعته عبارة عن مستلزمات الخياطة كالقماش والخيوط والإبر وأيضاً مستلزمات الزينة من كحل ومراهم ودهون وأمشاط وربطات للشعر إضافة إلى حاجيات البيت التي لا تتوافر في القرية من سكر وشاي وكبريت وغيرها من المواد، وكذلك الألعاب والحلويات المميزة للأطفال من بسكويت وسكاكر، وهذه الطريقة كانت توفر على الناس مشقة الذهاب للمدينة، وإحضار أشياء كثيرة لهم والبعض كان يشتري أشياء لا حاجة له بها المهم أن يشتري من "الحواج"».

السيد "كحيط الفياض"

وعن "الحواج" يحدثنا الباحث "كمال الجاسر" قائلاً: «جاءت كلمة "الحواج" من الحاجيات التي يحملها معه أي الأشياء التي يحتاجها الناس، وكان مشهوراً في قرى "دير الزور، لأهميته في تأمين المستلزمات والحاجيات لهذه القرى فهو عبارة عن دكان متنقل ومهمته كانت هي أن يزور القرية مرة كل أسبوع لبيع أغراضه، ولكل منطقة حواجها الذي يبيع فيها ولا أحد من الحواجين يتعدى على منطقة الآخر، والبيع بالمقايضة فالبعض يعطيه البيض أو الجبن أو السمن وغيرها من منتجات القرية وهو يقوم أيضاً ببيعها في المدينة ونادراً من يعطى النقود ثمناً لبضاعته، وبعض الحواجين كان يأتي بزوجته وتسمى حواجة أيضاً، وذلك لأن بعض النساء لديهن خصوصيتهن في عملية الشراء أو في إحضار طلباتهن».