يرافق العرس "البوكمالي" العديد من العادات والطقوس التي تقام خلال فترة الزفاف كالحطوط والحوافات والحردة، فهي تعتبر جزءاً من الموروث الشعبي عند أهالي وادي الفرات، والتي تعاقبها الأبناء جيلاً بعد جيل.

مدونة وطن eSyria التقت بتاريخ 21/1/2013 الحاج "قدامه الصبحي" من أهالي "البوكمال"، الذي تحدث عن عادات وتقاليد العرس في مدينتهم بالقول: «من أهم مكونات الزواج في ريف "دير الزور" هو السؤال عن النسب، والحالة الاجتماعية، والمستوى الثقافي للشاب والفتاة، وحل الخلافات الزوجية بعقلانية، ولكن هناك تفاصيل اختلفت في زماننا هذا، ومنها أن الشاب والفتاة هما أصحاب القرار في هذا الشأن».

من أهم مكونات الزواج في ريف "دير الزور" هو السؤال عن النسب، والحالة الاجتماعية، والمستوى الثقافي للشاب والفتاة، وحل الخلافات الزوجية بعقلانية، ولكن هناك تفاصيل اختلفت في زماننا هذا، ومنها أن الشاب والفتاة هما أصحاب القرار في هذا الشأن

الباحث أسعد الفارس" أشار في كتابه "شعب ومدينة على الفرات الأوسط" بالقول: «ما إن يرى البوكمالي شريكة العمر على مورد للماء تتهادى إلى حافة النهر، أو في عرس من أعراس المدينة، أو في تجمع للفتيات يخرجن من السهر على صناعة (الشعيريه) في الماضي، حتى يقول لأهله، فيقومون بارسال وجاهة لخطبة الفتاة يقودها وجيه من وجهاء المدينة فيستقبلهم أهل الفتاة بالترحاب، وبعد كلمات الود والمجاملة يقوم هذا الوجيه بطلب يد الفتاة لفلان الفتى ووالده الذي يود المصاهرة، وحالما يتم الإيجاب والقبول تقرأ الفاتحة، ويوزع التمر والحلوى والفاكهة».

يضيف: «بعد قراءة الفاتحة تبدأ الخطوة الثانية وهي ذهاب أهل الخاطب بقطعة من الذهب ومجموعة من الألبسة وقطع القماش لتقديمها للعروس، وهو ما يسمى "الحطوط"، وبعد فترة قد تطول وتقصر يحدد موعد لعقد القران يقوم بمراسيمه القاضي الشرعي أو من ينوب عنه، وتقام وليمة كبرى للنساء والرجال، وعندما ينصرف الزوار والمدعوون يدخل العريس على عروسه وهي في جمهرة من صويحباتها، ليضع في يدها أسورة من الذهب، ويتأنى في ذلك لتزغرد النساء

ويهزجن الأهازيج الجميلة منها:

حـدر على الخياط يفصــل بدلتـه / وزبيد والعربان كلهـــــــا بخدمته

شـعـلقوا للخيــل مــن تمــر عانه / والي يبغــض العريــس بحبس المهانه

ياصائدين الخشــف صيدوا بعجاله / عيــون علــى ليلــى عيون الغزاله

أما ما يسمى "الحطوط" وهو دلالة على أن الفتاة مخطوبة فحدثنا عنها قائلاً: «يقدم أهل الخطيب إلى الفتاة المخطوبة هدية لتكون علامة بأن الفتاة مخطوبة فعلاً، وهذه الهدية تسمى "الحطوط" وغالباً ما تكون من الحلي الذهبية المصوغة».

قبل العرس تبدأ أيام الحناء، إذ تذهب النسوة بأدوات الزينة وبالحناء في طبق يرفع فوق الأكف والرؤوس في موكب حاشد تهزج فيه الأهازيج حتى الوصول إلى بيت العروس والذي تحدث عنها الباحث "عواد الجاسم" قائلاً: «يسبق يوم الحنة يوم "الحوافات"، و"الحوافات" فتيات في مقتبل العمر يذهبن إلى بيوت الفتيات من قريبات العريس والعروس، وعندما يطرقن الأبواب يقلن "أعطونا عمر بنتكم" أي وجوب حضور بنتكم يوم الحنة، وفي يوم الحنة تذهب الفتيات بموكب حاملين على رؤوسهن أطباق الحناء والعطور والشموع، وعندما يصلن بيت العروس يبدأن بنقش الحناء بفنية ومهارة لتتشكل صورة في كف العروس، وكذلك تحنى المدعوات معها وتبقى العروس أسبوعاً بلا عمل قبل يوم الزفاف، حيث يقال لها "ايديكي محناية"».

وعن "الحردة" الذي يلجأ إليها العريس يوم زفافه قال "الجاسم": «يوم الزفاف الذي يبدأ بخروج العريس في أحسن ثيابه، وعندما يراه أقرانه يضربونه ليهرب، وفي أقرب بيت يجده يلتجئ إليه، وهذه تسمى "الحرده"، وفي هذا البيت يتجمهر الناس ويدعى الحلاق ليأتي بكرسي الحلاقة، ويقوم بحلاقة شعره وسط الطلقات المدوية والأهازيج، ويطول زمن الحلاقة ويقصر حسب الحالة الاجتماعية للعريس، وحسب رغبة جمهور المهنئين».

وأخيراً تذهب النساء في أزقة المدينة بثياب العروس قبل مغيب الشمس، وعندما تستعد العروس وتتزين وتلبس العباءة البيضاء، تقودها النساء مشياً على الأقدام إلى بيت زوجها وهن يهزجن ويزغردن، وتكسر جره عندما تتخطى عتبة الدار وتكون ملأى بالعطر، وعندما ينتصف الليل وتبدأ الدبكة، يخرج العريس في تظاهرة من شباب الحي تحت قوس من السيوف وسعف النخيل، وهم ينشدون أناشيد الرجال، وقد يعودون للدبكة، والدبكة العانية مشهورة في حركاتها وإيقاعاتها، وقد نسيها الجيل.

ومن أهازيج العرس:

يا هـرجة الشباب مـري وفــوتي / صـديقك يمــرحب وعـدوك يموت

حطـي جـراب المسك بينك وبينه / أصبــح جــراب المسك ينقط روايـح

عنــدي رمـانـه مـن ســوق حارس / أخذوا بنات العـم صـدور المجالس

صـينيـة أبو أحمـد عشــره نقلـوها / وزبيــد والعربــــان مـا خلصـــوها.