رغم عمرها القصير فهي مرغوب فيها ومطلوبة بكثرة، ويكمن سحرها في جمال مكوناتها البنيوية وعبق رائحتها الذي يستفاد منه في استخلاص العطور بالإضافة إلى استخدامه كنوع من أنواع المنكهات الغذائية، ويصل عدد أنواعها الى حوالي خمسة وثلاثين ألف نوع.
إنها أزهار "الأوركيد" أو "السحلب" أو كما أسماها البعض "أوكد"، أزهار ذات تنوع هائل في أشكالها وأحجامها وألوانها، هذا ما تحدث عنه الباحث البيئي "إياد السليم" المقيم في "طرطوس" "لمدونة وطن- eSyria" والذي عمل على تصنيف أنواعها ومناطق انتشارها وتسمياتها بالقول:
تتمتع زهرة "الأوكد" بسحر يعشقه الباحثون والمهتمون بالبيئة، وهي لم تجد حتى الآن مدخلاً إلى حياة الأهالي اليومية سوى للتمتع بجمالها ورائحتها العطرة، وقد استَخَدمت هذه الزهرة هذا الجانب من عطرها ورائحتها الذكية لإتمام عملية التلقيح فيما بينها، وذلك بإطلاق عطرها لخداع ذكور الحشرات وجذبها للوقوف عليها، فيعلق عليه غبار طلع الزهرة وينقله لزهرة أخرى
«أزهار "الأوكد" من أجمل الأزهار البرية ومنتشرة في مختلف مناطقنا، وهي تعد من عائلة السحلبيات، أو كما تسمى باللهجة المحلية "العنطريف"، وقد لاحظت أن بعض أنواعها ينمو لدينا في مناطق دون غيرها، وعدد منها موجود في "سورية" دون غيرها من دول العالم، وغير معروف أو مصنف عالمياً، فمنها المنتشر على شريط الساحلي ومنها المنتشر على المرتفعات الجبلية.
وقد لا حظت انتشارها بعدة مناطق وقرى طرطوسية منها قرية "بملكة" الواقعة شرقي مدينة "طرطوس" وقرية "بجمرا" وفي مدينة "الدريكيش" الريفية وفي قرية "النقيب" وفي "غابة سرستان" الواقعة غربي مدينة "صافيتا" وفي منطقة "جبال الشعرة" وفي منطقة "نبع الغمقة" وفي منطقة "حصن سليمان"، وفي "غابة تيشور"، حيث إن لكل منها شكل مميز عن الآخر من خلاله كانت التسمية لكل زهرة».
يتابع: «تتمتع زهرة "الأوكد" بسحر يعشقه الباحثون والمهتمون بالبيئة، وهي لم تجد حتى الآن مدخلاً إلى حياة الأهالي اليومية سوى للتمتع بجمالها ورائحتها العطرة، وقد استَخَدمت هذه الزهرة هذا الجانب من عطرها ورائحتها الذكية لإتمام عملية التلقيح فيما بينها، وذلك بإطلاق عطرها لخداع ذكور الحشرات وجذبها للوقوف عليها، فيعلق عليه غبار طلع الزهرة وينقله لزهرة أخرى».
وعن تصنيفات زهرة "الأوكد" يضيف: «من خلال جولاتي الكثيرة في الطبيعة تمكنت من متابعة مختلف أنواع "الأوكد" بأدق تفاصيلها، وعلى هذا الأساس أطلقت التسمية على كل منها، فمثلاً "أوكد الحرباء السورية" تصنف لأول مرة وتتفاوت ألوانها من الأبيض إلى الوردي، وكذلك من نقط حمراء صغيرة إلى أكبر حجماً الى بقعة كبيرة، فهي متقلبة اللون والتبقعات.
أما زهرة "أوكد الثور" التي يبلغ طول زهرتها حوالي ثلاثة سنتيمترات وطول نبتتها حوالي السبعين سنتيمتراً، فقد تميزت بتعدد الألوان التي تجمعها ومنها الأبيض والأخضر والبني المخملي والأصفر، كما أنها تميزت بوجود نتوءين في أعلى شفتها السفلى كقرني الثور، وأتوقع أنه يستهدف هذا النوع المميز من الأوكد، حشرة خاصة لإتمام عملية التلقيح، ومن هنا أرى أنه من الضروري إجراء دراسة دقيقة حولها ومن ثم حمايتها بالشكل الأمثل.
في حين أن "أوكد الوشق السوري" الذي يزهر في منتصف شهر شباط تميز بإزهاره المبكر قياساً مع بقية الأنواع، أما من ناحية اللون فهو أخضر مائل للصفرة وكأنه لون فوسفوري، وشكلها يوهم الناظر إليها بأنه شكل حيوان رؤوس أطرافه دائرية وذيله قصير.
وزهرة "أوكد الذنب الطويل الخضراء" النادرة تظهر متأخرة عن بقية الأنواع في شهر نيسان، وتتميز زهرتها بطول ذنبها المميز وقد يكون لها نوع خاص من الفراشات التي تساهم بإتمام عملية تلقيحها».
وفي لقاء مع المهندسة "هبة سلهب" من مديرية زراعة "طرطوس" حدثتنا عن هذه الأزهار بالقول: «تعد "الأوركيدات" من أقدم النباتات من حيث الوجود على سطح الكرة الأرضية، ويمتد عمرها الطويل إلى حوالي /120/ مليون سنة، وأزهارها غالية الثمن ومرغوب فيها بشكل كبير، و"الأوركيد" عشب معمر يصل ارتفاعه إلى حوالي الستين سنتيمتراً، وتعرف هذه الزهرة بأنها زهرة البتلات الثلاث غالباً، إلا أن قلبها يتغير شكله من نوع لآخر، وتعيش من سبعة أيام إلى حوالي أربعة عشر يوماً، وتحتوى ثمرة "الأوركيد" على ملايين البذور الصغيرة.
إن الكثير من أنواع "الأوركيد" مهددة بالانقراض عالمياً، بسبب الجني الجائر لها خلال القرون الماضية، لذلك تقرر منع قطفها وحمايتها، وتم التوصل إلى طرق زراعتها ورعايتها، بالإضافة إلى تهجينها لإنتاج أنواع جديدة منها».
وعن ميزات "الأوركيدات" أشارت بالقول: «تميز هذا النبات بتنوعه الكبير والذي يصل إلى حوالي خمسة وثلاثين نوعاً، وهو نبات ينتج أزهاراً مميزة وغير تقليدية تتمتع بالجمال والغرابة في نفس الوقت، حيث تنتشر بيئياً بشكل واسع ضمن كافة البيئات، إضافة إلى أن التنوع الهائل في الأشكال والأحجام الخاصة بها، فمنها ذات الزهرة الواحدة، ومنها المتعددة الزهرات على فرع واحد، وقد لا يزيد قطرها عن الملليمتر، ويبلغ قطرها أكثر من ثماني عشرة بوصة، ناهيك عن التنوع اللوني الغني الذي يمتد من الألوان البراقة والقوية إلى الهادئة، مروراً بكافة الألوان مع نقوش غريبة، وبعض أنواعها يحمل رائحة مثل رائحة "الفانيليا" التي تستخدم كمنكه ذو طعم مميز في صناعة الحلويات، حيث يتم استخراج هذه المادة منها، أما البعض الآخر فليس له رائحة».
يشار إلى أن الباحث البيئي "أياد السليم" قام بتصنيف الكثير من أزهار "الأوكد" منها "أوكد المرأة السورية" في قرية "بجمرا" و"أوكد النحل السوري" في جبال الشعرة في غرب محافظة "حماة" و"الأوكد البني" بالقرب من مدينة "الدريكيش" و"أوكد الأجنحة الحمر" في قرية "النقيب"، وغيرها.