مع اندثار "قلعة الشريف" التي كانت واقعة إلى الجنوب من "باب قنسرين" والتي لم يبق منها شيء ما زالت حاضرة في ذاكرة أهل "حلب" حيث أطلق اسم القلعة على مكان الحي.

التقى موقع "مدونة وطن" "eSyria" بعض المواطنين ودار حديث حول هذه القلعة، ومنهم السيد "عبد الحميد العلي" من حي "باب قنسرين" المجاور والذي تحدث بالقول: "«قلعة الشريف" هي قلعة معروفة لدى أهل "حلب" وكانت قبل حوالي قرن من الزمن وأكثر ذات شأن في تاريخ المدينة، وقد لعبت دوراً هاماً فيه، ومع الزمن خربت القلعة تماماً ولم يبق لها أثر سوى الذكرى».

قلعة الشريف" هي قلعة معروفة لدى أهل "حلب" وكانت قبل حوالي قرن من الزمن وأكثر ذات شأن في تاريخ المدينة، وقد لعبت دوراً هاماً فيه، ومع الزمن خربت القلعة تماماً ولم يبق لها أثر سوى الذكرى

وأضاف: «الذي يذكرنا بهذه القلعة هو إضافةً إلى تدوين تاريخها في كتب المؤرخين الحلبيين من أمثال "الغزي" و"الطباخ" هو تسمية الحي الذي كانت القلعة واقعة فيه بحي "قلعة الشريف" وهو أحد الأحياء الحلبية القديمة الواقعة بين "باب قنسرين" و"ساحة بزة" و"المغاير"».

المهندس عبد الله حجار -باحث أثري

السيد "محمود أحمد" من نفس الحي أضاف بالقول: «تدل تسمية حي "قلعة الشريف" على وجود تلك القلعة التي خربها الزمن أما سبب تسمية القلعة بقلعة الشريف فأعتقد بأنها جاءت لأن باني هذه القلعة شخص اسمه "شريف" وكان ذا شأن في المدينة وتاريخها.

لولا إطلاق تسمية "قلعة الشريف" على الحي واهتمام الباحثين والمؤرخين الحلبيين بها، باعتقادي لكان الكثيرون من أهل "حلب" لا يعرفون بجودها إذ تشكل القلعة الثانية في "حلب" بعد قلعتها التاريخية المعروفة».

خريطة أبواب حلب ويبدو فيها قلعة الشريف -كتاب الغزي

ويختم: «هنا لابد من القول بأن أهالي حي "قلعة الشريف" هم أناس طيبون وكرماء يحافظون على عاداتهم وتقاليدهم الأصيلة ويفتخرون بأن حيهم كان يضم قلعة "حلب" الثانية وعلى الرغم من زوالها إلا أنها ما زالت تذكرهم بالأيام الخوالي الجميلة».

وحول القلعة وتاريخها يقول المهندس "عبد الله حجار" الباحث الأثري ومستشار جمعية العاديات للفترات الكلاسيكية: «"قلعة الشريف" هي باسم "الشريف أبو الحسن الحتيتي" الذي سلّم مدينة "حلب" إلى "مسلم بن قريش العقيلي"، وعند موت "مسلم" قام "الشريف" في العام 478 هجرية 1085 -1086 م ببناء هذه القلعة إما لأنه خاف من أن يقتله الأهالي كما تؤكد النصوص التاريخية وإما بهدف الاستيلاء على المدينة التي لم تعرف منذ موت حاكمها "العقيلي" حاكماً فعلياً سواه وقد سمحت له نقطة الاستناد هذه بأن يفاجئ حامية القلعة الحقيقية والتي كان يحكمها أحد قواد "مسلم" الموثوق بهم».

ويتابع "حجار": «يصف المؤرخ "ابن شداد" حول هذه القلعة قائلاً: بالنسبة لقلعة الشريف فهي ليست قلعة بالمعنى المعروف إذ إن جدار السور كان يتبع في الواقع السور الحالي نفسه، بينما كانت القلعة تشغل التلة الملاصقة للمدينة في طرفها الجنوبي وسورها مواز لجدار السور وبتعبير آخر فإن "قلعة الشريف" كانت مبنية دون اتصال مع تحصينات المدينة وكان سورها يشكل حول التلة حزاماً مغلقاً يشبه بشكله العام السور المحيط بالمدينة لكن بقياس أصغر».

ويضيف: «يمكن التعرف بسهولة اليوم على موقع "قلعة الشريف" في الحي الذي يحتفظ حتى الآن بالاسم نفسه وهي قائمة على مرتفع صخري يقع خارج السور القديم في طرفه الجنوبي، ويصعب بالمقابل معرفة حدودها لأن السور فيها قد تهدم في عام 510 هجرية 1116- 1117 م كما أنه ليس من المؤكد أن السور الذي تم إنشاؤه لاحقاً على السفح الغربي والجنوبي للتلة هو المسار الصحيح وإن كان يمكن قبوله مبدئياَ ونستدل على الواجهات الأخرى للقلعة بالأرض في الشرق وفي الشارع المتجه من الشرق إلى الغرب في الشمال فالمعروف أن إنشاء شوارع بشكل مقصود أو عشوائي حول سور أو بناء معماري هام تبقى مبينة لحدودها وذلك حتى بعد فترة طويلة من اندثاره».