يعد وقف "ابشير باشا" الواقع في الضاحية الشمالية من "حلب" القديمة /"الجديْدة"/ من أهم وأكبر المنشآت الاقتصادية والدينية بحلب.
بتاريخ 15/4/2012 قام موقع eAleppo بزيارةٍ للموقع والتقى بعض المواطنين فيه، السيد "حنان أبو عبدو" صاحب محل حقائب قال: «يضم هذا الموقع الذي يسميه المؤرخون وقف "ابشير باشا" عدداً من الأبنية والفعاليات التجارية والاجتماعية والدينية القديمة التي يعود تاريخها بحسب ما هو مدوّن على مسجده إلى حوالي ثلاثة قرون ونصف القرن وقد بُنيت أساساً لتدعم الأعمال الخيرية فالمعروف عن أهل "حلب" اهتمامهم بالأوقاف وأعمال الخير، وما زال الموقع يشهد حركة تجارية كبيرة بسبب موقعه الحيوي والسياحي الهام».
يضم وقف "ابشير باشا" أسواقاً وجامعاً وأبنية اقتصادية وخاناً ومصبغة و3 قيساريات وفرناً وقهوة ويشمل مجموعة الأبنية الواقعة بين "سوق الصاغة" وشارع "حمام بهرام باشا" و"الجديْدة" و"ساحة الحطب" بمساحة حوالي 6000 متر مربع وبأبعاد 90×85 م تقريباً
السيد "عبد الله عبد الواحد" من حي "العزيزية" قال: «المحلات والدكاكين التي شكلت أساس الوقف في بدايات نشوئه تحولت مع الزمن إلى محلات لبيع البضائع والمواد المعاصرة مثل الذهب والإكسسوارات والسمك والجلديات وغيرها.
يشهد الموقع حركة سياحية كبيرة خلال موسم السياحة وذلك لوقوعه في مكان استراتيجي وهام من مدينة "حلب" وقربه من "ساحة الحطب" التي تم تأهيلها لاستقبال مئات الزوار يومياً إضافة إلى ذلك فإنه يشهد إقبالاً كبيراً من الباحثين والدارسين للتعرّف على جزء من تاريخ "حلب" الثقافي والعمراني».
وحول تاريخ الوقف وأهميته يقول الدكتور "محمود حريتاني" مدير آثار ومتاحف سورية الشمالية سابقاً: «في العام 1654م ظهرت شخصية هامة هو الوزير "ابشير باشا" وكانت زوجته "عائشة" أخت السلطان "محمود الثاني" وقد أوجد منشأة ضخمة نموذجية في الضاحية الشمالية /الجديْدة/ التي كانت مسرحاً لتوسع الطائفة المسيحية الحلبية.
لقد كان الغرض الاقتصادي فيه راجحاً يتناسب مع فعاليات الجالية المسيحية الاقتصادية من تجارة وحرف ولكن صيغ الوقف تضمنت أيضاً غرضاً دينياً إذ احتل الجامع الزاوية الجنوبية الشرقية بمساحة 237 متراً مربعا من مساحة كلية قدرها 0,6 هكتار.
تضمن الوقف أيضاً خاناً وثلاثة قيساريات ومداراً لطحن الحبوب ودكاكين وسبيلاً ومقهى وقد صُمم مدخل الخان بفخامة وكذلك المقهى بقبابه كما تميّز المقهى بواجهة مطلة على الطريق وهي واجهة غنية بالزخارف وتضاهي واجهات الخانات الكبيرة واعتبر البناء فيه من أجمل أبنية العالمين العربي والإسلامي، ويجب أن يلقى العناية اللائقة به وخاصة بسبب مجاورته لبيوت عربية معاصرة له».
أما المهندس "عبد الله حجار" مستشار جمعية العاديات للفترات الكلاسيكية فيقول: «يضم وقف "ابشير باشا" أسواقاً وجامعاً وأبنية اقتصادية وخاناً ومصبغة و3 قيساريات وفرناً وقهوة ويشمل مجموعة الأبنية الواقعة بين "سوق الصاغة" وشارع "حمام بهرام باشا" و"الجديْدة" و"ساحة الحطب" بمساحة حوالي 6000 متر مربع وبأبعاد 90×85 م تقريباً».
ويضيف "حجار": «أجمل ما في الوقف هو المقهى بأعمدته وقبته وواجهته البديعة الزخرفة والمقابلة لحمام "بهرام باشا" مقابل "بوابة الياسمين".
إنّ تاريخ بناء الوقفية يعود إلى 1064 هجرية 1654 م وهي في أواخر أيام إقامة "ابشير باشا" في مدينة "حلب" وقد أنجز المسجد في تشرين الأول 1653م كما تبين الكتابة الموجودة فوق مدخل قبيلتيه، مساحة الجامع 250 متراً مربعاً ولا يشغل سوى 5% من مساحة الوقف الكلية ولعل السبب في صغر الجامع يعود إلى وجود "جامع شرف" القريب أو بسبب كثرة السكان المسيحيين في محلة "الجديْدة" خاصة أنّ دخل الوقف كان مخصصاً لأعمال خيرية في "مكة المكرمة" و"المدينة المنورة"، ويبدو أن الوقف أنشئ في حي "الجديْدة" لأسباب اقتصادية بحتة ليعطي مردوداً جيداً».
وحول "ابشير باشا" صاحب الوقف يقول مضيفاً: «صاحب الوقف "ابشير مصطفى باشا ابن عبد المنان" 1607 -1655م كان والي "حلب" في العام 1651م وكان قبل ذلك والياً لدمشق في العام 1649م ويحمل لقب "داماد" وهو اللقب الذي كان يُعطى لصهر السلطان عادةً وقد تدرج في المراتب العليا ليصبح صدراً أعظم لفترة قصيرة حيث توفي في أيار من العام 1655م».