يعتبر "سوق النحاسين" في "دمشق" من الأمكنة الهامة التي مازالت تحافظ على حرفة النحاس القديمة حتى يومنا هذا، جيث مهارة الحرفيين في الزخرفة والنقش.

تقترب من المكان لتنهال أصوات المطارق مباشرة محدثة قرقعة وضجيجا لا ينقطعان في هذا السوق، ومع ذلك تبقى روعة الحرفة المتقنة، وجمال المعروضات، بالإضافة إلى تاريخ هذا السوق المغطى بسقف قديم من أهم الأمور التي تنسي الزائر ذلك الضجيج.

إن استعمال الأدوات النحاسية في الطبخ صحي أكثر من المعادن الأخرى التي تستخدم هذه الأيام مثل الألمنيوم والستانلس لأن معدن النحاس من المعادن التي تحافظ على الأطعمة وخاصةَ المشروبات بدرجة حرارة مناسبة وحتى طعم الطبخ يكون في الأدوات النحاسية ألذ وأشهى ولكن بشرط أن يكون المعدن مبيضاً وملمعاً بشكل جيد

السيد "نجيب صملاجي" يعمل في مجال بيع الشرقيات ولديه محل في منطقة "دمشق القديمة" يقول عن "سوق النحاسين": «أذهب إلى "سوق النحاسين" عدة مرات في الشهر الواحد لأني أتعامل مع ورشة في السوق تصنع لي بعض المواد والأدوات النحاسية لأعرضها داخل محلي، أنا أهتم بهذه المنتجات لأن الحرفة النحاسية تصنع رسومات وزخارف مدهشة من شيئين هما "معدات بسيطة ومهارة المُصنّع" لذلك تحتل الشرقيات النحاسية في سوق بيع الشرقيات مكانا مهما لامتلاكها إبداع اليد العاملة وحفاظها على التراث».

السيد "جان الداية" لديه معرض كبير في "حارة حنانيا" "بدمشق القديمة" أيضاً يحدثنا عن "سوق النحاسين" فيقول: «قديماَ كنت أذهب بنفسي إلى السوق لأتابع مع الحِرَفي أشكال الرسومات والزخارف التي أريدها، أما الآن فيأتي هو إلى معرضي لأن أصوات ضربات المطارق على النحاس تجعل الأشخاص وكأنهم في ساحة معركة، لكن يوجد أمر مهم هو أن السائح يهتم كثيراً بهذه الأدوات وعندما يقتنيها يفرح فيشعر بأنه امتلك شيئا من تاريخ بلادنا».

موقع "eDamascuos" بتاريخ 18/3/2012 زار السيد "نبيل الدبس" حِرَفي وتاجر في سوق النحاسين يحدثنا عن هذا المكان وهذه الحرفة ليقول: «يقع "سوق النحاسين" في "دمشق القديمة" على امتداد شارع "الملك فيصل" عند دخلة "مقام السيدة رقية"، ورثنا الحرفة عن أجدادنا وحافظنا عليها لنقدمها إلى الأجيال القادمة فهي من بين بعض الأعمال الحرفية التي بقيت تحافظ على أصالتها ورونقها، وأصبحت إلى حد معين عبارة عن ثقافة وتراث من الماضي، بحيث تشكل صلة وصل بينه وبين الحاضر. في "دمشق" يوجد عدد قليل من الورشات التي تصنع النحاس ولا تزال تتوارثها من أجدادها فحرفة النحاسين تعود إلى مئات السنين وتعتبر "دمشق" من الأماكن التي كانت مشهورة في هذه الحرفة لدرجة أنه كان يوجد سوق كبير في نفس المكان مخصص للصناعات النحاسية، لكنه الآن تراجع بسبب إنتاج المواد الاستهلاكية الجديدة، فاستبدل النحاس بالبلاستيك والمواد المطاطية، وأصبحت الأدوات النحاسية عبارة عن صمديات وزينة داخل المنازل لأن الناس تشتريها لقيمتها التراثية».

يتابع السيد "الدبس": «تعمل المحلات بصناعة وبيع الأدوات النحاسية بأنواعها وأشكالها المختلفة التي تعود بالإنسان إلى ذكريات البيت القديم الذي لا يخلو منها، وقد استمد هذا السوق تسميته من شهرته بصناعة وتلميع وبيع الأدوات النحاسية وكل ما يتعلق بهذا المعدن الثمين. لا يعرف تماماً تاريخ السوق ولكنه قديم بقدم الأسواق الأخرى لأنه يملك ذات الطابع في البناء والاختصاص كسوق الخياطين، وسوق الشماعين.

صناعة النحاسيات تسير بعدة مراحل منها مرحلة صب النحاس ومرحلة التبريد والزخرفة أو الرسم ثم التلميع والتبييض، وجميع هذه المراحل تعتمد على دقة الملاحظة وحسن الإتقان في أدائها وخاصة الرسم ونقش الزخارف والتزيين، وهي تحتاج إلى الكثير من الصبر لأنها تستهلك من صانعيها وقتاً وجهداً وتركيزاً بشكل كبير».

يضيف السيد "الدبس": «نصنع من خلال هذه الحرفة كثيراً من الأدوات التي كانت تحتاجها العائلة مثل القناديل والثريات والأدوات المستخدمة في المطبخ كالصحون والكاسات والأباريق، كما نصنع أيضاً بعض المواد التي كانت ومازالت تستخدم للعرض مثل السيوف الخوَذ ولوحات نحاسية كبيرة مرسوم عليها أو مزخرفة بآيات من القرآن الكريم، نحن اليوم نفتخر بأن عملنا ينافس الأسواق العالمية بمهارة الصناعة اليدوية، وصحيح أن الصناعة الحديثة تعتمد على خطوط إنتاج كبيرة ومتقنة لكن يبقى للعمل اليدوي إبداع المهارة البشرية وملاحظتها التي لا تستطيع أية آلة أن تنافسها».

يضيف السيد "الدبس": «إن استعمال الأدوات النحاسية في الطبخ صحي أكثر من المعادن الأخرى التي تستخدم هذه الأيام مثل الألمنيوم والستانلس لأن معدن النحاس من المعادن التي تحافظ على الأطعمة وخاصةَ المشروبات بدرجة حرارة مناسبة وحتى طعم الطبخ يكون في الأدوات النحاسية ألذ وأشهى ولكن بشرط أن يكون المعدن مبيضاً وملمعاً بشكل جيد».