تسميات كثيرة تتعلق بالحالة العمرانية في وادي الفرات قد يمر عليها الجيل الشاب اليوم مرور الكرام إلا أن لتلك التسميات وقعها في ذاكرة آبائنا ممن عايشوا "السيباط " و"الدبدابة" و"دور اللبن" وغيرها من المساكن على أنها واقع ملموس ارتبطت بحياة آبائهم وبجزء كبير من حياتهم.

يقول السيد "محمد العواد" مدير مدرسة من سكان قرية "ذيبان" بتاريخ "2/1/2012" لموقع "eSyria": «تميزت كل من البادية والريف والمدينة بمجموعة من الظروف البيئية والاقصادية والاجتماعية وبالتالي كان لكل منها نمط عمراني يتلاءم مع تلك الظروف، فقد تميزت البادية ببيوت الشعر أما بيوت المدينة فلم يطرأ عليها ذاك التغير الجذري في حين أن بيوت الريف شهدت تطوراً كبيراً خلال العقود الماضية، ويظهر ذاك التطور في اختفاء بعض أنماط السكن البسيطة التي كانت منتشرة في الريف».

تميزت كل من البادية والريف والمدينة بمجموعة من الظروف البيئية والاقصادية والاجتماعية وبالتالي كان لكل منها نمط عمراني يتلاءم مع تلك الظروف، فقد تميزت البادية ببيوت الشعر أما بيوت المدينة فلم يطرأ عليها ذاك التغير الجذري في حين أن بيوت الريف شهدت تطوراً كبيراً خلال العقود الماضية، ويظهر ذاك التطور في اختفاء بعض أنماط السكن البسيطة التي كانت منتشرة في الريف

وللتعرف على مساكن أهل الريف قبل الطفرة العمرانية الحديثة التقينا الباحث "محمد المفلح" من أبناء قرية "مراط" في ريف "دير الزور" والذي أفادنا بالقول: «تنوعت المساكن في الريف وتعددت وكان من المساكن المستخدمة بيت الشعر الذي ظل يستخدم في الريف فترة من الزمن وخاصة عند من هم أقرب إلى البداوة وكان موجوداً بشكل أساسي عند سكان الريف الذين يربون الماشية ولا يعتمدون بشكل أساسي على الزراعة، وظل استعمال هذه المساكن مستمراً حتى منتصف القرن الماضي إلا أن استعماله ظل مستمراً عند هؤلاء في ترحالهم في البادية حتى يومنا هذا وذلك في فصل الربيع.

البيوت الحجرية في الريف الفراتي

وهناك أيضاً "السيباط" وهو عبارة عن مسكن سقفه من الشجر، أما جدرانه فمن شجر الغرب أو من "اللبن" هذا من الجهات الثلاثة أما الجهة الأمامية فتكون مفتوحة للهواء ولهذا يعد "السيباط" مسكناً صيفياً ملائماً للقيلولة وغالباً ما نجد "السيباط" في الحقول لدرء حرارة الصيف عند من يضطر للعمل طوال النهار وبإمكاننا القول إن هذا النوع من البناء انعدم وجوده بسبب التطور العمراني في الريف ولكنه ظل حياً في ذاكرة أهالي المنطقة».

وللتعريف بالأنواع الأخرى للمساكن وهي "الدبدابة" و"دور اللبن" التقينا الباحث "غسان شاكر" والذي أفادنا بالقول: «كان هناك نوع من المساكن يسمى "الدبدابة" وهي عبارة عن حفرة مستطيلة بعمق نصف متر تحت الأرض وطول ستة أمتار وعرض أقل من ذلك بقليل، ويكون سقفها عبارة عن أغصان أشجار وتراب، ينزل إليها بدرج، وربما يعتبر هذا النوع من المساكن الأكثر غرابة في مساكن الريف إلا أنه الأكثر ملاءمة إذ تجد أنه حار شتاءً وبارد صيفاً ولكن مع التطور العمراني ودخول وسائل التبريد والتدفئة الحديثة انتفت الحاجة نهائياً إلى "الدبدابة"».

الباحث محمد المفلح

أما "دور اللبن" فعنها أضاف "الشاكر" قائلاً: «"اللبن" هو الطين الممزوج بالتبن حيث يصب بعد مزج المادتين في قوالب مستطيلة تجفف تحت أشعة الشمس وقد كان "اللبن" يستخدم بكثرة في عملية البناء وذلك لتوافر مواده الأولية وسهولة الحصول عليها ودور "اللبن" هي عبارة عن دور تأخذ شكل الغرف الحالية التي نعرفها إلا أنها مبنية من "اللبن" ولا تتمتع بمساحات واسعة في الغالب ولها أبوب ونوافذ كالغرف المعروفة اليوم إلا أن السقف يكون مصنوعاً من الطين وأغصان الأشجار، وهناك أيضا "العرزالة" وهي أرض فسيحة أعمدتها من شجر الغرب أو الطرفاء أو التوت وجدرانها من الطين وكان لها العديد من الاستخدامات».

وحول آخر أشكال البناء العمراني حدثنا السيد "حسن العجاج" من ريف "دير الزور" قرية "سعلو" بالقول: «بعد "السيباط " و"الدبدابة" و"دور اللبن" جاءت الدار الحجرية وهذه الدار بدأت تشاهد في ريف "دير الزور" في الستينيات من القرن الماضي والحجر هنا هو الحجر الصخري أو الحجر الكلسي يبنى به باستخدام مادتي الطين أو الجص وبدأت تتشابه مع بيوت المدينة وكانت الغرف تطلى من الداخل بالجص من أجل إعطائها اللون الأبيض، ومع وجود الدور الحجرية بإمكاننا القول إن البيت الريفي بدأ يأخذ الشكل المعروف عنه حالياً، إلى أن انتشر الاسمنت وصارت بيوت الريف تبنى من الحجر والاسمنت وصارت إلى درجة كبيرة أشبه ببيوت المدينة وهذا هو حالها الآن».