للضيف كبيراً كان أم صغيراً حضور مميز في التقاليد الاجتماعية في منطقة "عفرين" فهو رمز الكرم والمحبة وحسن الضيافة.
حول شخصية الضيف في التقاليد الاجتماعية في منطقة "عفرين" يتحدث لموقع eAleppo السيد "نعسو عبدو" 74 سنة من مدينة "جنديرس" بالقول: «الناس في المنطقة يحبون الضيف بشكل كبير لدرجة أنّ أهل البيوت يتباهون أمام بعضهم بعضاً إذا ما حلّ ضيف على أحدهم دون غيره».
الناس في المنطقة يحبون الضيف بشكل كبير لدرجة أنّ أهل البيوت يتباهون أمام بعضهم بعضاً إذا ما حلّ ضيف على أحدهم دون غيره
ويضيف: «في تقاليد المنطقة الشعبية هناك دلائل وإشارات تبشّر بقدوم "الضيف" قريباً وأهم هذه الإشارات أن يقوم الطفل بحمل مكنسة البيت والقيام بعملية التكنيس وبشكل عفوي أو أن يستلقي على ظهره وهو يلعب، وكذلك إذا قام أحد أفراد البيت بحك أحد حاجبيه بشكل مفاجئ أو إذا طفت قطع من الشاي اليابس على سطح الكأس بعد صب الشاي فيه، وهنا يمكن معرفة حتى شكل الضيف القادم فإذا كانت تلك القطعة كبيرة فهذا يعني بأنّ الشخص الذي سيحل ضيفاً هو قصير وسمين أما إذا كانت صغيرة فإنّ "الضيف" سيكون نحيفاً وطويلاً.
عندما يحل "الضيف" على أي بيت في المنطقة فإنّ العادة تقضي بذبح جدي أو ديك عند رجليه كنوع من الإكرام والتقدير له وذلك عندما يصل إلى باب /الحوش/ وهناك مقولة عفرينية مشهورة تقول: ولله ذبحنا الديك عند رجليه /أي "الضيف"/.
مكان جلوس "الضيف" في البيت هو الصدر /أعلى مكان في الغرفة/ ومن المعيب أن يجلس احد أفراد المنزل في مكان أعلى منه أما إذا حل "الضيف" شتاءً فمكان جلوسه عرفاً هو بالقرب من موقد النيران وذلك لمنحه أكبر قسط من الدفء والراحة».
وقال متابعاً: «عندما يحل الضيف على أي بيت عفريني فإنّ الأسرة بأكملها تكون مستنفرة لخدمته فالنسوة يقمن بطبخ لحم الديك أو الجدي مع الفريك أو البرغل أو الرز ويوضع بجانبه على المائدة عادةً مرقة البطاطا أو الفاصولياء فهذه الطبخة هي طبخة "الضيوف" الشائعة في المنطقة، كما يُفك /"الآستير"*/ إكراماً له ليجلس وينام على الفرشة المحشوة بصوف الغنم وليس من المحبب أن يجلس الضيف أو ينام على الاسفنجة العصرية.
ولأجله أيضاً تعد النساء فطوراً فاخراً مؤلفاً من البيض البلدي الذي تبيضه دجاجات المنزل في الخم كل صباح إضافة إلى العسل الصاغ حيث يقوم الرجل ومنذ الصباح الباكر بحلب النحل، كما يوضع على مائدة الفطور اللبن والقشدة والزيتون المخلل والعتون والجبن وغيرها».
وتقول السيدة "فيدان بكر" من "جنديرس": «قبل حوالي 50 سنة لم تكن الكهرباء قد وصلت إلى الريف العفريني ووسيلة الإضاءة الرئيسية كانت لمبة الكاز أما مختار القرية فكان يملك لوكساً يعمل على الكاز والكحول وكان اللوكس أكثر إضاءة ودليل على الوجاهة، وعند مجيء ضيف إلى أحد البيوت كان أصحابها يطلبون اللوكس من بيت المختار لإشعاله في منزلهم إكراماً للضيف ولذلك كنا نعرف بأنّ البيت الفلاني عندهم ضيوف وذلك من خلال ضوء اللوكس المشتعل لديهم.
في الأعراس التقليدية التي تقام في المنطقة هناك مدعوون من أقارب ومعارف أهل العريس يأتون لحضور العرس والعادة تقضي بتوزيع هؤلاء المدعوين على كل بيوت القرية حيث يقوم أصحاب كل بيت بتكريم هؤلاء الضيوف والسهر على راحتهم فالمعروف أنّ الأعراس القديمة في المنطقة كانت تستمر سبعة أيام بلياليها فخلال النهار كان الضيوف /المدعوون/ يشاركون أهل العريس أفراحهم في ساحة القرية الرئيسية أما في الليل فكانوا يقيمون أجمل السهرات التي يتخللها أداء الأغاني وتقديم الرقصات وذلك حتى الساعات الأولى من الصباح».
وتختم: «على الرغم من عشق العفرينيين للضيوف وإكرامهم اللامحدود لهم إلا أنّ هناك عادات وتقاليد قديمة حول فئة من الضيوف هم الضيوف الثقيلي الظل فإذا أراد صاحب البيت التخلص منهم وتمنى أن يغادروا منزله فما عليه وبحكم العادة الاجتماعية الشعبية إلا أن يضع قليلاً من الملح في أحذيتهم ليبادروا فوراً بالمغادرة».