عشق خشبة المسرح واعتبرها ملاذه، رسم بخطواته فوقها عالماً سحرياً، ليحصل على جائزة أفضل راقص لرقصة السماح في التاريخ المعاصر.
إنه الراقص والمدرب "مازن غزول" والذي تحدث إلى "eLatakia" في هذا الحوار حول البدايات وعالم الرقص:
أرى أن مازن هو من أهم الراقصين في رقص السماح، بشهادة الجميع، وهو مدرب متميز يعطي الراقصين حرية مطلقة ويتعامل بطريقة حرفية في اختيار الحركات التي تناسب الراقصين ويقودهم نحو الحرفية في الأداء وكأنه يدرب نفسه
** بداياتي كانت من المنزل، وبتشجيع من الأهل ومن ثم مع بداية الثمانينيات تحديداً في عام "1985" مع اتحاد شبيبة الثورة كما يبدأ معظم الراقصين في سورية لأن اتحاد شبيبة الثورة هو الحاضن الأساسي للمشاريع الفنية الكبيرة التي وجدت في سورية، عملت من عام "1985" إلى عام "1995" كراقص تحت إشراف المدرب "فؤاد واكيم" في أثناء ذلك وفي عام "1986" خضعت لدورة تدريبية لإعداد مدربين بالتعاون مع وزارة التربية وتحديداً نحو رقصة السماح، والتي أعتبرها أجمل أنواع الرقص السوري، ومن ثم عملت مع مجموعة من الفرق منهم فرقة الشام والتي أصبح اسمها أورنينا الشام، ومع فرقة "كركلا" في "لبنان" ودرست في المعهد العالي للموسيقا "قسم الباليه" والذي أصبح اسمه المعهد العالي للفنون المسرحية قسم "الرقص التعبيري".
** الرقص هو لغة الجسد لأنك من دون أي كلمة أو حرف تقدم حالة بشكل واضح وصاف غير مشوش للمتلقي وتحديداً للحالة التي تعمل عليها، سواء أكانت الحالة غضباً أم فرحاً أم قلقاً وهذه المواضيع لا تأتي أثناء الرقص الشعبي أو أثناء تأديتها في حفل عادي أو مكان تواجد الأهل والأصدقاء، فهي بحاجة إلى تدريب وعمل خاص لإيصال الحالة الخاصة للجسد ونحن قاصرون بشكل عام لعدم وجود معاهد تدرب الرقص الشرقي بشكل احترافي ونستطيع ببعض الاهتمام والبحث أن نطور الرقص الشرقي الخاص بنا وبجهودنا الخاصة ونقدمه كحالات، ولا بد أن نتعاون مع بعضنا كمجموعة من المختصين في أداء حركات الرقص لنقدمها للعام ونؤكد أن الرقص هو غير مؤطر.
** أعتبر أن الرقص الشرقي تعرض لهجوم من خلال قيام القيمين عليه باستقدام خبرات أجنبية لتدريب كوادره على الرقص، وهذا شيء خطير جداً، لأنه لا يستطيع أن يعطينا الحالة الخاصة بالرقص الشرقي لأنهم يختلفون في نظرتهم ورؤيتهم للحركة التي تخص فلكلورنا وتاريخ الرقص في بلدنا.
** في العالم الغربي هناك فلكلور كما هو موجود في أي بلد في العالم، وهذا شيء مؤكد ولكن طغى عليه الأكاديميات، حيث قاموا بتنسيق وتنظيم حركات الرقص وقدموا شيئاً أطلق عليه الرقص الأكاديمي، ومثال ذلك لا نستطيع أن نقول إن رقص الباليه اخترعه شخص أو بلد بل هو شكل من الأشكال التي اتخذت من حالات وبلدان مختلفة، وقد قام الروس بإرسال طلاب لدراسة الرقص في كل من "إيطاليا" و"فرنسا" ودمجوا بين ما علّمه الطرفان وحصلوا على ما يسمى التعبير عن حالتين مختلفتين كالفرح والحزن والحالات الانفعالية الكبرى، وهكذا حصلوا على الأكاديمية.
أما في عالم الشرق فلا يزال الرقص مؤطراً بالفلكلور، فرقص الدبكة يعبر عن الحالات الشعبية البحتة، ولكن إذا أدخل إليها امتداد تاريخي يتحول الرقص إلى رقص حرب ولم نعتمد الأكاديمية فالرقص الأكاديمي له نقاط وأسماء للحركة كما هناك أسماء لحركة الباليه، ففي السماح والذي يطلق عليه الباليه العربي هناك أسماء لحركاته كـ "السحنة" و"الدوم" و"التك" و"الصيصانية" وغيرها، وحاول بعض الخبراء السوريين أن يطوروا هذا الموضوع وأن ينقلوه إلى الدبكة ولكن المشكلة أننا لم نستطع أن نقدم الشيء الشرقي السوري بالشكل العالمي حتى الآن رغم تقارب الأساس والأكاديميات ولم نستطع أن نقنع الناس بوجود الأكاديمية السورية في الرقص.
** رقصة السماح يقال فيها رأيان: الأول هي أنها امتداد لرقص القصور في الأندلس على اعتبار أن الرقص يتم على الموشحات ولكن في الحقيقة هي رقصة سورية بامتياز بدأت في عام "550" للهجرة تقريباً على يد الشيخ "محمد المنبجي" واعتمادنا عن طريق شخصين هما "محمد كرد علي" في كتابه سفينة الحقيقة والأغاني لـ "أبي فرج الأصفهاني" وهما حددا أن رقص السماح هو سوري.
والسماح كمعنى هو أما من السماع سماعاً أو مشتقة من السماح حيث كان يطلب الأذن من المجموعة التي تنشد فيتم التصايح من قبل الموجودين بكلمة السماح وطلب الإذن من صاحب الجلسة أو الشيخ الأكبر بقيامهم بتقديم بعض الخطوات الإيقاعية على الأناشيد، وأول فاصل ديني هو فاصل "اسقي العطاش" وهو أول موشح قامت عليه الخطوات الأولى لرقصة السماح، حيث قام الشيخ "عمر البطش" بوضع الخطوط الحمراء لرقص السماح، وقدم النوتة الخاصة به وخطواته للتدريب كما هي حال الرقص العربي، والرقص يخص الرجال فقط ويعتد الرقص على الحركة الأنثوية وتطور أيام "أبي خليل القباني" الذي نقله من حالته الدينية إلى حالته المسرحية، ولكن التطوير الذي أدخل لرقص السماح من خلال حركات الأيدي هو من أضاع فكرة هل هو سوري أم تركي، أو رقص قصور.
** الراقص لا بد من أن يكون عنده موهبة في الأساس ليتم اختياره بين أعضاء فرقتي، والقواعد الأساسية متعارف عليها في كل أنحاء العالم من حيث السلامة البنيوية للجسد، والطول المقبول ولكن من الممكن أن يكون هناك استثناءات بسبب موهبة فذة أو مختلفة، فيتم إضافتها للفريق ولا بد أن يحس بالرقص لأن الرقص هو في الأساس حالة، ولكن مجتمعنا لا يزال يرزح تحت جمل أن الرقص حرام أو معيب بحق الرجل أن يقوم بالرقص لذلك نحن نختار الكم ومن ثم نختار من الكم النوع الأهم، ومن ثم العلاقة بالتدريبات.
** ما يقدم من أعمال مسرحية راقصة تقدم قصصاً تاريخية تخدم العرض الراقص إذا قدمت بشكل صحيح يناسب النص والحركات وكحالة، ولكن ما يحدث في الأغلب هو الخلط أو إدخال حركات أو رقصات لا تمت بصلة للعصر الذي أتحدث عنه، ولا بد من إدخال الحالة الصحيحة وتقديم اشتقاقات راقصة تخدم النص والوقت والعصر الذي أتحدث عنه، ومثال على ذلك عندما قدم المبدع عبد الحليم كركلا "ألف ليلة وليلة" أحضر فرقة عزف وآلات إيرانية "سيمفونية شعبية" وعزف المقطوعة التي خدمت النص وروحه الخاصة.
** لدينا الدبكة منذ القديم كالهوارة وعندما أراد الشباب إن يتطور تطور في الاتجاه الخاطئ في تطوير الرقص الخاص بالدبكة، ويتحمل الإعلام جزء من التعريف بهذا الفن وتطوير ذائقته الفنية عند الشباب، ونتيجة تقديم الرقص والدبكة بطريق خاطئة أصبح مفهوم إأن الرقص من العيوب مفهوم شائع، ولكنه بقي محصوراً ضمن المجموعات التي ترقص ولكنه اخذ في التقلص وهذه الممنوعات أثرت عليه، وعندما راح الراقصون يقدمون الرقص اخذوا حالات لا تشبه حالاتهم، ومن يرقصون أصبح لديهم نتيجة الضغط الوصول إلى حالة النشوة الخاصة بالرقص ولذلك هم تفوقوا.
وتقول "ميادة ديوب" إدارية في الفرقة ومسؤولة الملابس: «أرى أن مازن هو من أهم الراقصين في رقص السماح، بشهادة الجميع، وهو مدرب متميز يعطي الراقصين حرية مطلقة ويتعامل بطريقة حرفية في اختيار الحركات التي تناسب الراقصين ويقودهم نحو الحرفية في الأداء وكأنه يدرب نفسه».
أما "لينا رامز علي" وهي راقصة باليه فتقول: «للرقص قبل الاحترافية روح، وهذه الروح غالباً ما تكون ناقصة في الشرق بسبب العادات والتقاليد الخاصة بالرجال أما عند مازن فالرقص هو عالم متميز له رؤيته وروحه المتميزة التي تطير في كل الاتجاهات.
الجدير بالذكر أن الفنان حاصل على عدد من الجوائز العربية والدولية منها، ومن المهرجانات مهرجان الثقافة للأقليات في بولونيا ومهرجان في جورجيا وافتتحت مهرجان الرقص المعاصر الطبعة الأولى في الجزائر العاصمة، ومهرجان تيزي اوزوا الإفريقي بنسخته الرابعة والذي يقام كل أربعين عاماً مرة واحدة، ومهرجان فن الرقص الشعبي الفلكلوري بسيدي بلعباس ومهرجان بصرى الدولي ومهرجان إدلب للفنون الشعبية الدولي ومهرجان واصل في قطر.