لا يبدو أن للعصا شاناً يذكر في حياتنا اليومية، إلا أنها ككلمة أنتجت مفردات لغوية وافرة وتعابير عديدة ونوادر جميلة.

وللتعرف على العصا في الحياة اليومية "الفراتية" وأماكن استخدامها التقى موقع edeiralzo بتاريخ 15/7/2011 الباحث "نوري علاوي" ليحدثنا عنها قائلاً: «للعصا شأن في الأساطير والتاريخ، كان حمل العصا من عادات العرب في كل العصور في حلهم وترحالهم، وكان أهل الفرات يتداولون أمثالاً كثيرة حول "العصا" توضيحاً وتأكيدا لما يريدون من المعاني والأهداف، ومن تلك الأمثال "باب الجسر قبقابها والميذنه عكازها"، "الياكل العصي مو مثل ليعدها"، "ضرب الحبيب زبيب وعصيته رمان"».

للعصا شأن في الأساطير والتاريخ، كان حمل العصا من عادات العرب في كل العصور في حلهم وترحالهم، وكان أهل الفرات يتداولون أمثالاً كثيرة حول "العصا" توضيحاً وتأكيدا لما يريدون من المعاني والأهداف، ومن تلك الأمثال "باب الجسر قبقابها والميذنه عكازها"، "الياكل العصي مو مثل ليعدها"، "ضرب الحبيب زبيب وعصيته رمان"

وهناك معاني بديعة ووصف جميل للعصا جادت به ذاكرة الغناء الشعبي فنسمعها فرحة في أهازيج الصبيان تارة وأخرى حزينة تتردد في أنين الثكالى ونعي المفارقين وتردد في القصيد البدوي وترانيم وهدي الأمهات ومن ذلك حدثنا "علاوي" قائلاً:

الباحث نوري علاوي

«في غناء "اللالا" يقولون: يا طولها نبعة حور/ خيزرانة رفيعة. أما في ترانيم فرح الأمهات بصبيانهم فيرددن: على الباب ويلاد اتريده/ عصيته والحاح بيده/ وعصيته بيد يته/ وجويبه مليان جعاب. وفي قصيد النعي والمعادة يغنون: على بابهم قضبة رماح/ ومعزب الخطار راح. ومن أهازيج صبيان الكتـّاب: يا ملا لا تقتلني/ طالع من ظهرك جني/ يا ملا لا تقتلني/ عصاتك اتويجعني».

ومن طرائف الحكايات الشعبية قال "علاوي": «تسلل ملا إحدى قرى الدير ليلا إلى كومة عدس محصود في بيدر ليأخذ كمية منه وشرع يخاطب العدس بقوله كمن يستفتي: يا عدس يا معدس/ يا محصود يا مكدس/ اجاك الملا يتهدرس/ أكلك حلال ولا حرام؟ واعتبر السكوت علامة الرضا وحمل مقداراً من العدس، وفي اليوم التالي لاحظ أصحاب العدس نقصانه فكمن أحدهم عند البيدر للقبض على السارق، وجاء "الملا" على عادته وأنشد استفتاءه، فرد عليه صاحب العدس بعصا غليظة اسمها "سبول" مخاطباً عصاه ويسمع "الملا": يا سبول يا مسبل/ يا مفتل يا منبل/ اجاك الملا يتهبل/ قتله حلال ولا حرام؟».

عصا لعبة الحاح

الباحث "غسان رمضان" حدثنا عن استخدام أهل "الدير" لألعاب تعتمد على العصا قائلاً: «إلى مدة قريبة كان الصبيان في "دير الزور" وريفها يلعبون ألعاباً عديدة تعتمد جلها على العصا والعود، ومنها "لعبة الحاح" والتي تعتمد على عصا بطول ذراع تسمى "الماكولة" وعود قصير بطول قلم الرصاص مبري من الطرفين يسمى "حاح" يقسم الصبيان إلى فريقين يتبارى بداية واحد من كل فريق والذي يوصل "الحاح" مسافة أبعد يكون بيده "الحاح" و"الماكولة"».

ويضيف في نفس الإطار: «وهناك لعبة "الحوري وتشبه الهوكي يلعبها الصبيان والشبان في فصل الربيع في طرقات الحارات وأدواتها "الشولحية"وهي "عصا" بطول متر وربع أحد طرفيها معقوف أو منحنٍ، والكرة والتي تكون معبأة من الألبسة البالية (الخرق) والخيطان يحكمون شدها ولكل فريق 11 لاعباً ولكل فريق مرمى على شكل خط في نهايتي الحارة ويحاول كل فريق أن يصل بالطابة وهي على الأرض بالعصا إلى محور الفريق الثاني».

زهير العلي

أما عن أسماء العصا فتحدث عنها الباحث "زهير العلي" بالقول: «سمى العرب أولادهم ذكوراً وإناثاً بأسماء العصا وشجرها ومنها "طرفة – طريف" نسبة لشجر الطرفاء الفراتية و"غرب – غربة" نسبة لشجرة الغرب، وكذلك تسموا بـ "محجن - طلحة - الخيزران - عويد - عيدان - دبوس - خشبة - خشاب – حطاب"، وللعصا أسماء كثيرة منها عربية فصحى ومنها ما هو شائع في "دير الزور" وشط الفرات وأخذت تسميتها من طريقة استعمالها وتختلف الأسماء قليلاً بحسب الأماكن ومناطق العشائر وهذه الأسماء:

  • "باسطون": جاءتنا مع الأتراك كان يحملها عليةَ القوم، رأسها من المعدن معقوفة بشكل نصف دائري.‏

  • "باكور": كلمة تركية هي عصا تتخذ من أشجار مختلفة، رأسها معقوف يُـتوكأ عليها.‏

  • "بلطة": عصا بطول 50 سم ركبت في رأسها فأس صغيرة ذات حدين متعاكسين.‏

  • "جناية": عصا بطول 50 سم ركبت في رأسها كتلة من القير بشكل كمثرى.‏

  • "دبوس": عود غليظ طويل يستعمل لخبط أغصان الأشجار لإسقاط الثمر.‏

  • "شابوح": عصا طويلة رفيعة تستعمل لضرب أغصان أشجار الفاكهة.‏

  • "شبي": عود من الخشب يدخلون في رأسه فأساً أو مجرفة أو مراً أو بلطة.‏

  • "شدحة": عود طويل، رأسه العلوي ذو شعبتين ترفع به أعمدة الحطب وحبال الغسيل.‏

  • "شوليحية": عصا طويلة منحنية من طرف واحد من شجرة الطرفا تستعمل في "لعبة الحوري".‏

  • "عامود": عصا طويلة وغليظة تستعمل في رفع الاخبية وبيوت الشعر وأسقف البيوت.‏