تعتبر الحكايات والسير الشعبية جزءاً لا يتجزأ من التراث الشعبي "الحوراني"، وقد عكست جوانب الحياة المختلفة على مر العصور.
يقول الحاج "عبد القادر الحريري" من سكان "نوى" عن الحكايات الشعبية بأنها كانت أساس السهرات المسائية، وأضاف بقوله: «سواء أكان المجتمعون من الرجال أم من النساء؛ تجد أن الحكاية والقصة الشعبية حاضرة، فهي تضفي نكهة خاصة على السهرة وقد تكون مدخلاً لمناقشة موضوع أو قضية ما في المجتمع، وقد تكون دليلاً لأحد الأطراف على صدق وصحة رأيه، والبعض يعتبرها بمثابة كسر الجليد في بداية السهرات المسائية».
سواء أكان المجتمعون من الرجال أم من النساء؛ تجد أن الحكاية والقصة الشعبية حاضرة، فهي تضفي نكهة خاصة على السهرة وقد تكون مدخلاً لمناقشة موضوع أو قضية ما في المجتمع، وقد تكون دليلاً لأحد الأطراف على صدق وصحة رأيه، والبعض يعتبرها بمثابة كسر الجليد في بداية السهرات المسائية
السيد "تيسير الفقيه" الباحث في قضايا التراث الحوراني عرف بتاريخ "5/8/2011" لموقع "eDaraa" الحكايات الشعبية الحورانية قائلاً: «الحكاية الشعبية قصة قصيرة لها طابع روائي، تحكى باللهجة العامية، وتنتقل إلى الأحفاد بشكل شفوي، وتقدم لهم لمحة شاملة عن حياة أجدادهم السالفين، وعن أخبارهم وبطولاتهم وقيمهم ومعتقداتهم الفكرية والدينية والفلسفية.
ولم تكن مجرد نزوة عابرة قالها بعضهم من جراء ملاحظة مباشرة، وإنما كانت حصيلة للتجارب والملاحظات الكثيرة التي مر بها الناس، وبالتالي فهي انعكاس حقيقي للظروف التي عاشوها خلال الحقب الزمنية السالفة.
وقد استخدمت للترويج عن النفس، حيث يهرب الإنسان من ضغوط الحياة اليومية إلى عالم الخيال الممتع، وفي المجال التعليمي والتربوي حيث ينقل الإنسان خلاصة تجاربه في الحياة وعصارة أفكاره وعقائده إلى الأجيال اللاحقة عن طريق الحكاية بأسلوب شيق وممتع».
وعن تاريخ الحكايات في "درعا" يقول "الفقيه": «عرفت "حوران" الحكايات الشعبية قبل آلاف السنين، وتعود أقدم قصة شعبية إلى ألفي عام قبل الميلاد، وهي قصة تتناول العلاقة بين الإنسان والحيوانات القوية كالأسود، إذ تشير إلى أن الإنسان ضعيف جسدياً مقارنة بالحيوانات المفترسة، لكن فطنته وحيلته وذكاءه تبقى أقوى بكثير من القوة الجسدية. وهناك قصة أخرى مشابهة ذكرت في رسائل تل العمارنة تروي القصة نفسها على لسان التمساح والذئب».
وفيما يخص العوامل التي تأثرت بها الحكاية الشعبية قال السيد "نضال شرف" باحث في قضايا التاريخ والتراث "الحوراني": «كانت "حوران" قبل آلاف السنين ممراً للهجرات من وإلى الجزيرة العربية وبلاد الشام، كما شكلت مواقع استقرار لحضارات وشعوب كثيرة، ما جعلها تتأثر وتؤثر في الثقافات المختلفة.
وهناك عامل آخر يتعلق بعلاقات النسب والمصاهرة بين أهالي "درعا" وباقي المناطق المجاورة، إذ ظهرت العديد من الحكايات الشعبية التي تعود إلى مناطق أخرى مثل "دمشق وحماة وحلب" حفظتها النساء من أمهاتهن ونقلنها إلى أبنائهن في "حوران"، وبذلك لم يعد هناك أصل للحكايات، ولم يعد يعرف صاحبها لأن عملية التناقل الشفهي من قيل إلى قال أفقدتها موطنها الحقيقي.
إضافة إلى أن هناك قصصاً وفدت من "تركيا" ودول أخرى "كأرمينيا والصين"، لها مقابل باللغات اللاتينية وروايات أجنبية استندت إلى قصص عربية أو بالعكس».
وفيما يتعلق بالعناصر الهامة التي تعتمد عليها الحكايات الشعبية يقول "شرف": «هناك عوامل هامة تعتمد عليها الحكاية أهمها اللغز وهو عنصر هام تعتمد عليه الحكاية الشعبية، ويطرح كمعجزة صعبة.
والحظ هو الأساس الذي تقوم عليه قدرات البطل الخارقة، ولا يكون للحكايات طعم إذا لم يلعب الحظ دوره، سواء مع البطل أم مع أعدائه، وهذا الحظ يفعل فعله في حدود الأشخاص لا في حدود الأمم والجماعات.
والقدر يظهر بالحكاية بشكل مباشر أو غير مباشر، على أنه لابد من وقوعه، مهما وقف الإنسان في سبيله، أو حاول أن يهرب منه، ويقوم بدور ايجابي تتجدد فيه آمال الناس وأحلامهم.
وتقسم الحكاية الشعبية إلى عدة أنواع أساسية منها: الملحمة الشعبية، والحكاية المرحة، وحكايات الجن، والحكايات الخرافية، وحكاية الحيوانات وغيرها».
وحول مقوماتها قال "شرف": «لا تختلف الحكايات الشعبية الحورانية في مقوماتها عما هي عليه في المناطق العربية الأخرى، الإ في بعض العناصر الهامشية التي لا تتعلق بجوهر المقومات الأساسية.
وبالتالي فإن الحكاية الشعبية الحورانية مازالت بحاجة إلى دراسة، وإلى جمع ميداني يلمها، لكون ما هو متدوال بين كبار السن والعجائز، جزء يسير من تراث لا يزال مطموراً في الذاكرة، تأنس بحيويته القلوب وترتاح إلى سماعه النفوس».
وعن السير الشعبية ذكر السيد "حسين الرفاعي" باحث في قضايا التراث الحوراني: «السير الشعبية هي نثر فني متداول بين الرواة والأصل فيها حفظ الحوادث التاريخية وأنساب العشائر والأسر ووقائع العداوة والغزو.
وظلت هذه السير تنتقل شفاهاً بسبب الافتقار إلى العلم والورق والكتابة، وقد ساعدت السير الشعبية وأعانها على البقاء حرص القبائل والعشائر والعائلات على ترويج مأثوراتها وموروثاتها، واستمرارية تواترها قدر المستطاع، لتبقى ذكراها في أذهان الناس على مر العصور، ولتبرهن على أصالة الفكر العربي.
وكانت السير دعامة من دعائم الحياة الفكرية في "حوران"، إذ يتلقف الناس أخبارها بشغف ونهم وينفعلون ويتعاطفون مع البطل، حتى إذا وصل الراوي إلى فقرة في السيرة، وقد وقع البطل في الأسر، يثورون على الرواي ويأمرونه بمتابعة القراءة حتى يخلص البطل من الأسر وتحل قيوده».