ترافق الأعراس التقليدية في ريف منطقة "عفرين" مجموعة من الألعاب المسلية التي تضفي المزيد من البهجة والمرح عليها.
السيد "بشير حمو" 65 سنة من أهالي مدينة "عفرين" يتذكر أجواء الأعراس التقليدية في المنطقة ويقول لموقع eAleppo: «كانت تلك الأعراس تُقام على بيادر القرى والأرياف وساحاتها بمشاركة ومساعدة جميع أبناء القرية الذين كانوا يعملون معاً دون كلل أو ملل في خدمة ضيوفهم من القرى المجاورة الذين كانوا يحضرون العرس كمدعوين، ولأنّ الريفيين كانوا يملكون وقت فراغ كافياً فقد كانت أعراسهم تستمر لسبعة أيام بلياليها.
إنّ الإنسان يشعر بالحزن عندما يقارن أعراس هذه الأيام بضجيجها وصخبها وبين الأعراس التقليدية التي كانت مبعث سعادة حقيقية للناس، اليوم تحولت تلك الأعراس بطقوسها وألعابها الجميلة إلى جزء من تراث المنطقة وفلكلورها ويسعى الكثيرون من شباب الجيل الحالي إلى إحياء تلك الطقوس والألعاب المسلية في أعراسهم المعاصرة بهدف حمايتها من الضياع والاندثار
وللعرس التقليدي في الريف برنامج معروف بموجب الأعراف الاجتماعية ويتم تنفيذه خلال الأيام السبعة بلياليها، لقد كان هذا البرنامج يتضمن فقرات فنية ورياضية وشعبية، إضافةً إلى إقامة أسواق مصغرة بجانب ساحة العرس».
ويضيف متحدثاً: «لقد كانت هناك العديد من الألعاب والتي كانت جزءاً من الطقوس الأساسية لتلك الأعراس وكانت تُمارس على سبيل التسلية وإثبات الرجولة وإضفاء البهجة والطرافة على أجوائها.
تلك الألعاب كانت تتضمن فقرات تمثيلية فنية يؤديها المهرّج /القشمر محلياً/ وفقرات رياضية كسباق الخيول و"الجريت" /محلياً/ والمصارعة والرمي على هدف معين للحصول على هدية من العروس والقفز على النار وسط حلقة الدبكة وغيرها من الألعاب».
ويختم: «إنّ الإنسان يشعر بالحزن عندما يقارن أعراس هذه الأيام بضجيجها وصخبها وبين الأعراس التقليدية التي كانت مبعث سعادة حقيقية للناس، اليوم تحولت تلك الأعراس بطقوسها وألعابها الجميلة إلى جزء من تراث المنطقة وفلكلورها ويسعى الكثيرون من شباب الجيل الحالي إلى إحياء تلك الطقوس والألعاب المسلية في أعراسهم المعاصرة بهدف حمايتها من الضياع والاندثار».
الدكتور "محمد عبدو علي" مؤلف العديد من الدراسات والأبحاث والكتب حول تاريخ منطقة "عفرين" يتحدث عن الألعاب التي كانت تُمارس في الأعراس التقليدية بالقول: «أولى الألعاب التي كانت تُمارس ضمن أجواء اجتماعية ساحرة كانت "الجريت" /محلياً/، فبعد خروج العروس من بيت أهلها وهي تركب الحصان وخلفها طفل صغير كانت مجموعة من شباب قرية العريس يركبون خيولهم وأحصنتهم ويتقدمون الموكب وذلك بهدف حماية العروس على الطريق وهم يمارسون حركات جميلة ومنوعة كالركض والتسابق وإطلاق النار في الهواء والتقاط أشياء يضعونها على الأرض وهم على ظهور الخيول وغير ذلك من حركات بهلوانية ويستمرون في تلك الحركات والألعاب حتى وصولهم إلى قرية العريس، وكان حامل مرآة العروس هو أول الواصلين للقرية وكان ذلك دليلاً على وصول الموكب وكان حامل المرآة يحصل على هدية ذات قيمة من العروس باعتباره شخصاً مهماً حتى أصبح يقال فيه المثل الشعبي الدارج في المنطقة وهو: هل أنت من حملت مرآة العروس؟.
بعد نزول العروس عن الفرس في باحة دار والد العريس كان أحد شباب القرية المعروفين بفروسيته يركب الفرس لإخراجه من الباحة ليبدأ بقية الشباب برميه بالحصى والحجارة فإن خرج سالماً أخذ هديةً من العروس».
ويضيف: «ومن الألعاب أيضاً الرمي، فبعد سلامة وصول العروس إلى بيتها الجديد يتسارع الشباب إلى وضع علامة في مكان بارز خارج القرية وغالباً ما تكون تلك العلامة المرآة الصغيرة للعروس ليبدؤوا بإطلاق النار عليها من بنادقهم فمن يصيبها أولاً يحصل على جائزة من العريس وهي عبارة عن طربوش ذي لون أبيض مصنوع من الحرير.
بعد ذلك يبدأ المدعوون بالوصول للقرية مصطحبين معهم الطبالين والعازفين والراقصين والمصارعين- "بوكه" /محلياً/ وفي العرس تُمارس ألعاب تسلية مشهورة مثل "سينك سينكي" /محلياً/ حيث تُشعل نار وسط حلقة الدبكة والرقص ومن ثم يقوم أحد المصارعين "بوكه" بالركض من حولها والقفز عليها في إشارات لتحدي المصارعين الآخرين، وفي آخر يوم لحفلة الزفاف كانت تجرى مباريات المصارعة بين المصارعين المشهورين في المنطقة والقادمين من عدة قرى وذلك على أصوات الطبول ووسط حلقة الرقص وهنا لا بد من ذكر اسم أشهر مصارع- "بوكه" في النصف الأول من القرن العشرين وهو "علي قهوة" من قرية "ترندة" التي أصبحت اليوم جزءاً من أحياء مدينة "عفرين".
ومن الألعاب المشهورة أيضاً التمثيلية الليلية التي تُسمى "المهرج" أو "القشمر" /محلياً/ حيث يقوم أحد الأشخاص فيلبس فرو الغنم ويشمّر عن ساعديه وساقيه ويدهنهما بالإضافة إلى وجهه بهباب الفحم وآخر يأخذ دور المرأة أو العروس المزينة ويتبادلون الأحاديث وسط فرح المتفرجين وتعليقاتهم المرحة ومن أعراف هذه اللعبة أن يقوم أحد الأشخاص بخطف عروسه ليقوم "القشمر" بالبحث عنها في أجواء اجتماعية مسلية وجميلة».