تقوم النسوة الريفيات في بلادنا بصنع الكثير من الأدوات المنزلية لاستعمالها في حياتهن اليومية ومن هذه الأدوات "الجيب لك".

حول وظيفة "الجيب لك" وطريقة صنعه تقول السيدة "فاطمة يوسف" من قرية "كوردان" في منطقة "عفرين" وهي خياطة مشهورة في قريتها لموقع eAleppo: «في البداية أود القول بأنني أمارس مهنة الخياطة منذ أكثر من خمسين عاماً ولدي ماكينة خياطة يدوية نادرة ما زالت ترافقني في عملي هذا منذ تلك الفترة، وأنّ جميع ألبسة الريفيين في قريتي والقرى المجاورة وحتى فترة قريبة كنت أخيّطها لهم.

الأتراك يقولون عنها "جيب لك" وباللغة العربية تعني هذه الكلمة "الجيب" وأهم ما يميزها هو ألوانها المتنوعة والزاهية ورسوماتها

وبالنسبة للجيب لك فهو ابتكار ريفي بامتياز، وهو هدية من نوع خاص تقدمها الخياطات التقليديات للنسوة اللواتي يأتين إليها كي تخيّط لهن أو لبناتهن اللباس ويتم صنعه يدوياً من بقايا القماش المقصوص والتالف، فبعد الانتهاء من خياطة اللباس للزبائن يبقى عادةً مجموعة من تلك القطع القماشية المختلفة الألوان والأشكال والتي تجمعها الخياطة عندها لاستخدامها في صنع "الجيب لك"».

صنع "الجيب لك" باستعمال الماكينة اليدوية

وأضافت: «"الجيب لك" مستطيل الشكل ويتألف من عدة جيوب /ثلاثة على الأغلب/ وفي طرفه الأعلى علاّقة مصنوعة من الخيط لتثبيتها على المسامير في جدران المطابخ الريفية، وتُستعمل هذه الجيوب لإخفاء وحفظ الكثير من الأدوات المنزلية فيها وخاصة الصغيرة منها مثل القداحة وإبر الخياطة وبكرات الخيط وأزرار اللباس وغيرها».

وحول معنى كلمة "جيب لك" قالت: «الأتراك يقولون عنها "جيب لك" وباللغة العربية تعني هذه الكلمة "الجيب" وأهم ما يميزها هو ألوانها المتنوعة والزاهية ورسوماتها».

"الجيب لك" معلقاً على جدار مطبخ ريفي

السيدة "فيدان محمد" تقول: «في كل بيت ريفي في منطقة "عفرين" يوجد "الجيب لك" وهي جزء أساسي من أثاث البيوت القديمة وكان من ضمن جهاز العروس قبل حوالي الثلاثين عاماً ويُصنع يدوياً من قبل الخياطات الريفيات وذلك باستعمال بقايا القماش المقصوص بدلاً من رميه.

الخياطة التقليدية في الريف تتفنن في صناعتها مستخدمة في ذلك حسها الفطري فترسم عليها الورود الحمراء والعصافير السوداء والأشجار الخضراء وغيرها من مختلف الأشكال والألوان مستوحية أفكارها من الطبيعة المحيطة بها لتكون بحق إبداعاً ريفياً جميلاً».

وختمت: «كباقي الأدوات التقليدية أصبح "الجيب لك" اليوم جزء من تراث منطقة "عفرين" وفلكلورها الشعبي وعلى الرغم من أنّ الاهتمام ازداد به في الوقت الحالي كنوع من أنواع الزينة المنزلية إلا أنه لم يعد هناك من خياطات قادرات على صنعه بسبب قلة استعمال ماكينات الخياطة اليدوية في تخييط الملابس في الريف وتحول الناس إلى شراء الملابس الجاهزة التي يتم تخييطها بالماكينات الكهربائية الحديثة في الورشات المنتشرة والكثيرة».

وأخيراً تقول الشابة "دجلة مصطفى" حول "الجيب لك" واستعمالاته في الوقت الحالي: «"الجيب لك" هو نوع من الفنون الشعبية التي تبدعها أنامل الريفيات وخاصة كبيرات السن في منطقة "عفرين" ويُستخدم منذ القدم في البيوت لوضع بعض الأدوات المنزلية الصغيرة في جيوبه وحمايتها من الضياع.

اليوم وعلى الرغم من ظهور الأدوات الحديثة التي تُستخدم لحفظ الأدوات المنزلية والمطبخية إلا أنّ الاهتمام بالجيب لك وخاصّةً من قبل فتيات الجيل الحالي قد ازداد كثيراً في الفترة الأخيرة وذلك باستخدامه في بيوتهن كنوع من أنواع الزينة حيث ألوانه الزاهية ورسوماته الفنية الجميلة التي تُستخدم فيها الأقمشة الملونة والخرزات الصغيرة لتكون بذلك لوحة فنية رائعة الجمال، كما يتم استعماله لوظيفته الأصلية وهي وضع أدوات البيوت الصغيرة فيه».

وختمت: «أنا أحتفظ في بيتي بجيب لك قامت الخياطة "فاطمة يوسف" بصنعه لي كهدية وسأظل أحتفظ به كي يراه أولادي وأحفادي ليتعرفوا من خلاله على جزء من تراث وفلكلور منطقتهم».