يهديك إليها العبير في حقول احتضنت شتولها التي تفتحت للمرة الأولى لتظهر أن في "السويداء" وعلى هذه الأرض موطن "للوردة الدمشقية" التي غابت لعقود طويلة لتعود مبشرة بالخير في الأراضي المجاورة لقرية "المزرعة".
عندما نتحدث عن هذه الوردة ترتسم في مخيلتنا صورة لتلك الأيام التي كانت فيها هذه الورود سياجاً للمنازل للزينة فقط لكننا اليوم نضيء على ما يمكن لهذه الوردة أن تقدمه من منتجات متنوعة، جعلت زراعتها أحد أبواب الاستثمار الزراعي والصناعي لأن المنتجات قد تبدأ بماء الورد لكنها لا تنتهي عند التقطير.
من خلال التعرف على تجارب عالمية كانت فكرة صاحب المشروع تشير إلى ضرورة استثمار جمال الورود في مواسم تفتحها بما يمكن أن يصنف بالسياحة البيئية والمنتجعات الصحية، فقد خططنا ليكون هناك شكل هندسي دقيق يحافظ على وجود ممرات ومساحات تصلح لتحضير حدائق طبيعية، ليكون للزائر فرصة الاستمتاع بجمال الورود وهذا المخطط ينفذ على مراحل لكن البداية ستكون بعملية التصنيع
فبعد جولة لموقع eSuweda في حقول الورد الممتدة حدثنا الزميل الصحفي "رفعت الديك" الذي كان من المهتمين بالفكرة وقال: «موضوع من أجمل المواضيع التي قد يتناولها الصحفي لأنك تتنقل بين حقول خضراء تزينها الورود، وليست ورود عادية بل هي نوع نادر له مزايا خاصة عرفها العالم قبل أن نكتشفها في موطنها الأصلي سورية، فهناك أبحاث متنوعة تناولت الزيوت العطرية التي تحتويها هذه الوردة التي تستخدم لصناعة أفخر أنواع العطور، إلى جانب عدد كبير من المنتجات تجعل من الوردة خياراً زراعياً مناسباً لعدة مناطق في المحافظة، وإذا كانت الدعوة في السابق لزراعة الوردة الدمشقية دعوة اعتمدت على المعلومات النظرية اليوم لدينا تجربة حقيقة يمكن لكل مهتم الاستفادة منها وتطبيقها».
انتشار الوردة الدمشقية جذب الانتباه لفكرة تظهر للمتابع أنها زراعية لكن مرامي المشروع أبعد من ذلك هذا ما حدثنا به المشرف على المشروع وأحد المهندسين الذين شاركوا في إعداد الدراسة المهندس الزراعي "نسيب أبو فخر" وقال: «كان الهدف الأولي للدراسة إيجاد زراعة بديلة تحقق ريعية جيدة للفلاح وتنسجم مع ظروف قلة الأمطار، فكانت الوردة الشامية فكرة اعتمدناها بعد زيارة عدد من المناطق التي زرعت فيها الوردة مثل منطقة "المراح" و"يبرود"، وقد اعددنا الدراسة التي أطلعت عليها أحد أصدقائي وهو السيد "صقر الملحم" الذي تجول في عدد من دول العالم وتابع التجربة في عدد منها مثل إيران وبلغاريا، حيث اقتنع بالفكرة وطرح المشروع ليشمل في مؤتمر الاستثمار للمنطقة الجنوبية الأخير، وكخطوة أولى تمت زراعة 60 دونما وبعد ستة أشهر حان موسم القطاف الذي أكد فكرتنا في وجود الظروف المناسبة لهذه الزراعة التي نعتبرها زراعة واعدة بكل المقاييس، فهذا العام اختبرنا الإنتاج بصناعة ماء الورد وشراب الورد لكن في المستقبل وبعد مضاعفة المساحة المزروعة سيتم تأسيس معمل خاص للتقطير لاستخراج الزيوت العطرية وهو المشروع الذي نعلق عليه الآمال».
لم تكن الزراعة بشكل عشوائي بل هي طريقة تمت من خلالها المحافظة على حالة جمالية تكمل مشروعا مستقبليا يوضحه المهندس "نسيب" بالقول: «من خلال التعرف على تجارب عالمية كانت فكرة صاحب المشروع تشير إلى ضرورة استثمار جمال الورود في مواسم تفتحها بما يمكن أن يصنف بالسياحة البيئية والمنتجعات الصحية، فقد خططنا ليكون هناك شكل هندسي دقيق يحافظ على وجود ممرات ومساحات تصلح لتحضير حدائق طبيعية، ليكون للزائر فرصة الاستمتاع بجمال الورود وهذا المخطط ينفذ على مراحل لكن البداية ستكون بعملية التصنيع».
تنوع حيوي يعد بالكثير، فكرة تحدث عنها المهندس الزراعي "نايف السنيح" المشارك في إعداد الدراسة وقال: «هناك نباتات تشبه هذه الوردة تنتشر في جبل العرب وهذا ما جعلنا نتفاءل بفكرة زراعتها، لتكون هذه الوردة فرصة زراعية يجدر بالفلاح الاستفادة منها حتى وإن كانت بحدود ضيقة لتكون سياجا لمشروع زراعي أو مساحات صغيرة لأننا أمام مادة قابلة للتصنيع المنزلي بشكل كبير، وإدخال هذه الزراعة يعني الخروج من الطرق التقليدية التي كانت تركز على زراعة التفاح والزيتون والعنب في كل المناطق في الوقت الذي قد تكون فيه زراعات أخرى أكثر فائدة ولديها فرصة كبيرة للتسويق، لأننا ومن خلال الدراسة وجدنا أن مردودية الدونم الواحد قد تتجاوز 25 ألف ليرة في السنة، وقد باشرنا في مراحل سابقة لدراسة نسبة الإنتاج لهذه الوردة في مناطق مختلف لكن الدراسة تعثرت وكان الهدف منها اكتشاف أكثر المناطق ملاءمة لهذا النوع لتكون زراعة مجدية للمستقبل».
مديرة فرع الاستثمار في "السويداء" السيدة "زهر أبو خير" بينت الحاجة لأفكار استثمارية جديدة تعتبر "الوردة الدمشقية" من أهمها لكونها تعد بالكثير وقالت: «عانينا لسنوات من تكرار الأفكار الاستثمارية، لكن زراعة "الوردة الدمشقية" جديدة على منطقتنا وهي فكرة درسها عدد من المهندسين الزراعيين للخروج من دائرة التكرار للحصول على زراعة بديلة، وقد كانت تقديرات الريعية مشجعة، لأن هناك عددا كبيرا من المنتجات التي تعتمد على هذه الوردة وكلها منتجات مطلوبة مثل شراب الورد والمربى إلى جانب الزيت المنتج الأهم الذي يباع بأسعار مرتفعة ومن المواد المطلوبة عالميا لاستخدامات متعددة، لذا فقد حظي المشروع بالاهتمام وتمت زيارته من قبل عدد كبير من المهتمين لكونه زراعة نادرة في هذه المنطقة نتوقع لها النجاح».
الجدير بالذكر: أن المساحة المخصصة للمشروع تصل إلى 175 دونما على بعد 3كم من بلدة "المزرعة" باتجاه قرية "الثعلة"، ستكون نواة لصناعة جديدة تعتمد على استخراج الزيوت العطرية التي يتراوح سعر الكيلو الواحد منها، الذي يتطلب لانتاجه أربعة أطنان من الأزهار، من 3 إلى 5 ملايين ليرة سورية.