إن الذّهب؛ ذلك المعدن الذي ارتبط اسمه ربما في أغلب الأحيان بالترف والغِنى؛ ويتميّز بلمعته المُغرية، مُعرضٌ للكسر كغيره من المعادن الأخرى أو حتى ضياع جزءٍ من بريقه، فكان لا بد على الصاغة ومن يهتم بهذا المعدن الثمين من إيجاد طريقةٍ ناجعة تحميه من التلف، فكانت مهنة تصليح الذهب هي الحل.

وعلى الرغم من إعادة الهيبة لقطعة الذهب بعد ولادة هذه المهنة؛ إلا أن الشكّ ظلّ ينتاب الكثيرين فترة من الزمن فيما يخص الوزن الحقيقي له جراء إدخال مواد دخيلة أثناء تصليحه؛ وفي نهاية الأمر بدأت هذه الظنون تتلاشى شيئاً فشيئاً بعدما أصبحت هذه المهنة واضحة المعالم.

لا يمكن لقطعة الذهب المكسورة أن تعود لطبيعتها الأولية؛ لكن يمكن تلحيم مكان الكسر بمادة خاصة تجعلها تبدو كهيئتها الأساسية بنسبةٍ تساوي 80%

فيقول الصائغ "إياد السلطان": «لا يمكن لقطعة الذهب المكسورة أن تعود لطبيعتها الأولية؛ لكن يمكن تلحيم مكان الكسر بمادة خاصة تجعلها تبدو كهيئتها الأساسية بنسبةٍ تساوي 80%».

الصايغ "إياد السلطان"

بينما يقول الصائغ "عبد الغفور رمضان" بأن «نوع المادة الداخلة في اللحام تناسب طبيعة الذهب؛ ولا يؤثر ذلك على وزنه ولا عياره؛ لأن هذه المادة أساساً مؤلفة من ذهب بعيارات مختلفة تُناسب عيار القطعة المراد تصليحها».

وقد يتساءل البعض عن إمكانية تصليح خاتم من الذهب بمادة اللحام وفق عيار مختلف عن عيار هذا الخاتم للاستفادة منها في فرق الوزن والعملة، فيقول في ذلك الصائغ "حسن وكاع": «إذا كانت المادة الممزوجة مع اللِحام تساوي أو لا تساوي عيار القطعة المكسورة؛ فإن ذلك يتوضّح للصاغة باستعمال المُكبر، فمثلاً إذا كانت القطعة من عيار /21/ وتم تصليحها بعيار /14/ أو /18/ فإن البياض الذي سيتشكل على القطعة الأصلية سيفضح الأمر».

الصايغ "حسن وكاع"

وعن كيفية تصليح قطعة من الذهب تعرّضت لكسرٍ في أحد أجزائها؛ يتحدث السيد "محمد فارس عمشة" أحد مزاولي مهنة تصليح الذهب منذ أن كان سعر الغرام الواحد يساوي /25/ ليرة: «عندما تأتي إلينا قطعة مكسورة نقوم على الفور بإحراقها عن طريق نارٍ منبعثة من (فرد لحام) لإزالة الوسخ المُتجمع بين تفاصيلها الدقيقة، بعدها نلحمه بمادة تسمى بـ (الكادميون) ثم نضعها في سائل يسمى (روح الملح) ووظيفته إعادة اللون الأصفر وأخيراً وضعه في ماء الذهب ليعطيه البريق».

بينما يتحدث السيد "محمد أشرف" أحد مُحترفي مهنة تصليح الذهب في مدينة "القامشلي" منذ عام /1975/م عن مقادير المواد الدخيلة في عملية تلحيم مكان الكسر بالقول: «يتم تلحيم قطعة الذهب المكسورة بواسطة مادة خاصة تناسب الذهب تسمى (الكادميون) ويضاف إليها ذهب خالص؛ فكل /1/ غرام من الذهب يُضاف /10/ سم من مادة (الكادميون) ويتم التعامل مع هذه المادة بنفس مبدأ إذابة القصدير أثناء تلحيم أية قطعةٍ مكسورة، أما كيفية إعادة اللون الأصفر فيتم عن طريق وضعه في مادة "الأسيد" أو "روح الملح" وهذا اللون لا يحمل بريقاً أو لمعة إلا إذا تم مسحه بفرشاة نحاسية تُعيد له المظهر الجذاب، وبنفس الطريقة يتم تصليح معدن الفضة أيضاً لكن يتم إضافة نسبة من الفضة مع (الكادميون) بدلاً من الذهب».

السيد "محمد أشرف" مصلح الذهب