الموسيقا العثمانية في الأوبرا السورية عنواناً ليس غريباً أبداً فمئات من العازفين السوريين والأتراك لعبوا على المسارح السورية برامج موسيقية تركية عديدة، من هنا جاءت أهمية محاضرة الباحث الموسيقي التركي "فكرت كاركايا" حول الموسيقا العثمانية وذلك ضمن مهرجان" مساحات شرقية" الاثنين 23/5/2011.

الباحث التركي قال بداية أن الموسيقا العثمانية كانت استمراراً للموسيقا التي تم تطويرها في العصور الوسطى في إيران «فحملت آثار العديد من موسيقى الحضارات القديمة في بلاد ما بين النهرين من حيث النغم والبنى الإيقاعية وكذلك بالنسبة لموسيقى الآلات حتى أواخر القرن السابع عشر، ولكن منذ بداية القرن الثامن عشر دخل صوت الإنسان والتراكيب الصوتية، أما العصر الذهبي للموسيقا العثمانية كان في أواسط القرن التاسع عشر بظهور موسيقيين مثل جميل بيك الطنبوري، وفاسيل أفندي».

إن دار الأوبرا السورية مهتمة جدا في الموسيقيين الأتراك القدامى على سبيل المثال هي أصدرت مجموعة متاكلمة لجميل بيك الطنبوري

ويضيف السيد "فكرت" أنه عند دخول العود والقانون صارتا آلتين مرغوبتين بسرعة وذلك بتأثر من مصر وسورية.

الباحث التركي "فكرت كاركايا"

وبالنسبة للغناء قال: «إن في الفترة المبكرة أي في القرن السابع عشر كانت القطع المغناة قصيرة جداً "البشارف" و"السماعي" وهي ليست مختلفة عن الارتجال و في نهاية القرن بدأت تطول وتتخذ إيقاعات أكثر».

ويتابع حديثه قائلاً: «في عام 1975 أنشأت الحكومة المعهد الوطني للموسيقى التركية في اسطنبول، كما أنه أُنتج أيضا في نفس العام مجموعة من الموسيقى الكلاسيكية التركية المرتبطة بوزارة الثقافة وعرفت حينها باسم الموسيقى التقليدية، وأنشأت وجمعيات مماثلة في مدن أخرى».

الفنان "فراس شهرستان"

** التقسيم في الموسيقا التركية.

كما تطرق الباحث "كاركايا" إلى موضوع "التقسيم في الموسيقا" فقال بداية أن كلمة "تقسيم" هي كلمة عربية تعني "تجزئة" «لكن في الموسيقا يعني "التوحيد" أو "التجمع" ، وليس الإنقسام، أعتقد أننا لن نعرف أبداً سبب اختيار هذه الكلمة التي تأتي بمعنى "الارتجال" الموسيقي».

الصحفي "أحمد بوبس"

وقسّم الباحث "كاركايا"الارتجال إلى قسمين «الكلي والجزئي وهو يعني تغييرات صغيرة أثناء تنفيذ العمل، أو قد يكون استبدال نمط كامل، اليوم الموسيقيين الذين يرتجلون أغلبهم غير متعلم ولا يعملون ذلك ضمن خطة، كما أن الارتجال في الفترة المبكرة من الموسيقى العثمانية كان أقل إبداعاً».

وأضاف: «إن التسجيلات الصوتية التي لا يتعدى عددها المئات لجميل بيك الطنبوري وسامي حافظ بك هي الوثائق الوحيدة الموجودة عن التقسيم في القرن الماضي».

كما أن هناك موسيقيين اهتموا بتجديد هذا النوع مثل "مسعود جميل" و"رفيق فيرسان" و"حسن فريت" ازف القانون المبدع وكان مكسباً كبيرا للموسيقا التركية ولكنه اختار في وقت لاحق الموسيقى الغربية.

وعرض الباحث فكرت عدداً من الأمثلة عن التقسيم لموسيقيين أتراك.

وفي تصريح لموقع "eDamascus" تحدث عازف القانون السوري "فراس شهرستان" الذي أجرى عددا من ورشات العمل في تركيا مع عازفين أتراك فقال: «استمعنا لأمثلة مهمة جداً عن التقسيم فهؤلاء الذين ذكرهم الباحث اليوم وأعطى لمحة عن أعمالهم هم عمالقة الموسيقا في المنطقة ولابد من دراستهم بشكل تفصيلي أكثر»، وأضاف "شهرستان" أن العازفيين السوريين الذين يذهبون لتركيا غالباً ما يتعلموا التقنيات في العزف أو ما يُعرف بالتكنيك أكثر منه بحوث تاريخية موسيقية ودراسات عن العازفين الأتراك».

أما الباحث الموسيقي التونسي "محمود قطاط" فذكر أن دراسة الموسيقا التركية هي جزء من دراسة الموسيقا العربية أيضاً «لأن موسيقا المنطقة وحدة متكاملة لا يمكن فهم واحدة منها دون الأخرى وذلك نتيجة تأثير كل واحدة منها في الأخرى خصوصاً فيما يتعلق بالتقسيم وذهنية العازف والبيئة الموسيقية التي ينشأ بها».

الصحفي السوري "أحمد بوبس" وهو مختص في الشأن الموسيقي قال إن التقسيم عند العازفين العرب يتميز عن الأتراك بكونه فردي كل آلة لوحدها بينما في تركيا نلاحظ أن هناك تقسيم جماعي أو ما يعرف بالمساجلات، وأضاف: «إن دار الأوبرا السورية مهتمة جدا في الموسيقيين الأتراك القدامى على سبيل المثال هي أصدرت مجموعة متاكلمة لجميل بيك الطنبوري».

يذكر أن الباحث التركي "فكرت كاركايا" تخرّج من كليتي الفنون الجيملة والآداب، وعمل في راديو "اسطنبول" عازفا على آلة الكمان وأسس مجموعة "بزمارا" الهادفة إلى تقديم الموسيقى التركية في القرنين السادس عشر والسابع عشر، ودرس آلة الكمان في المعهد الموسيقي في جامعة "سكاريا" كما ألقى عديد من المحاضرات في المعهد الموسيقي لجامعة "المعمارستان" كما صنع عدد كبير من الآلات الموسيقية.