ما زال الريفيون في منطقة "عفرين" يعتمدون على "الفزّاعة" لحماية الكثير محاصيلهم الزراعية من هجوم الطيور والعصافير وبشكل خاص طير "نقّار الخشب" الذي يجد في محاصيل الفلاحين غذاءً مفضلاً له.
موقع eAleppo التقى في "عفرين" بالمزارع "مصطفى إبراهيم" الذي تحدث حول هذه التقنية الريفية وفعاليتها في إبعاد هجوم "نقّار الخشب" عن محاصيلهم الزراعية بالقول:
بالرغم من تطوّر المزارعين في ابتكار أنواع "الفزّاعات" المختلفة إلا أنّ "الفزّاعة" الأساسية والناجحة لإبعاد العصافير عن بساتين الخضراوات هي التي يتم صنعها بالحجارة والأعواد وإلباسها لباس الإنسان فما زالت هذه "الفزّاعة" فعّالة وتُستخدم على نطاق واسع في الريف العفريني
«يُعتبر طير "نقّار الخشب" من أكثر أنواع الطيور إضراراً بمحاصيلنا الزراعية وخصوصاً الجوز واللوز وذلك منذ أقدم الأزمنة، وبسبب عدم توافر الدواء الزراعي الشافي لهذا الموضوع فقد ابتكر الريفيون طريقة طريفة للتخلص من شره وذلك بعمل فزّاعة مهمتها إخافته وإبعاده عن حقولنا.
يتم صنع "الفزّاعة" باستخدام الأعواد وذلك على هيئة إنسان واقف ويديه ممدودتان ومن ثم إلباسها ألبسة آدمية عادية وتكون في الغالب لباس فلاح وهو مؤلف من سترة وشروال كما يتم صنع رأس للفزّاعة ووضع طاقية أو جمدانة أو سطل بلاستيكي عليه، وبعد الانتهاء من إتمام صنع "الفزّاعة" توضع في مكان بارز بين أشجار الجوز أو اللوز المعرّضة دائماً لهجمات أسراب "نقّار الخشب" الذي يثقب حبات الجوز واللوز ليأكل اللب منها ويترك القشر.
كما يتم وضع "الفزّاعة" في بساتين الخضراوات وخاصةً البندورة والخيار والقرع والجبس والقتة أو أشجار التين وغيرها والتي تتعرض لهجمات مكثفة من العصافير الصغيرة التي تخرّب المحاصيل وتتلفها وتلحق بها أضراراً بالغة ومن هذه العصافير: "عصفور الدوري" المشاكس و"العصفور ذو الذيل الأحمر" وعصفور يسمى محلياً "طيطي"».
وأضاف: «عندما يأتي طير "نقّار الخشب" أو تأتي العصافير إلى الحقول والبساتين فإنّ "الفزّاعة" تقوم بدور صاحب الحقل الحارس لمحصوله، وعندما ترى هذه الطيور والعصافير "الفزّاعة" فإنها تعتقد بأنّ صاحب الحقل لم يغادر حقله بعد فتفر هاربة منه تاركة المحاصيل بحالها وبذلك يضمن الفلاح بأنّ محصوله بات في مأمن من شرها.
المزارع "شيار محمد" قال حول "الفزّاعة" ودورها الايجابي وأشكالها: «صنع "الفزّاعات" في منطقة "عفرين" لحماية المحاصيل؛ تقليد قديم ورثناه عن آبائنا وأجدادنا، فعندما كنا صغاراً كنا نراقبهم ونساعدهم في عملها بمتعة ولذة فائقة.
أتذكر عندما كنت طفلاً صغيراً كانت والدتي تحتفظ بألبسة أبي البالية من شراويل وقمصان وذلك لصنع "الفزّاعة" خلال أيام الموسم، كما تذكر بأننا كنا نقطف بعض حبات البندورة ونضعها في جيب "الفزّاعة" لاعتقادنا بأنها تجوع مثلنا تماماً».
وتابع قائلاً: «طبعاً مع مرور الزمن تغيرت أشكال وأنواع "الفزّاعات" في الريف حيث راح الفلاحون يبتكرون أساليب جديدة منها لإخافة الطيور والعصافير التي اكتشفت على ما يبدو وإلى حد كبير سرّ الفلاحين وعرفت بأنّ هذه "الفزّاعات" هي مجرد حجارة وأعواد أُلبست ثياب الإنسان فراحت تهاجم المحاصيل بالرغم من وجود تلك الفزاعات المنتشرة بين الحقول.
ومن "الفزّاعات" الحديثة التي ظهرت رغم الإبقاء على الأساسية منها: صنع الأفاعي واستعمال أشرطة الكاسيت والأكياس التي تُصدر أصواتاً وخشخشةً كلما هزتها الرياح.
فبالنسبة للطيور التي تخشي من الأفاعي فقد تم تصميم "فزّاعة" على هيئة أفعى سوداء اللون وذلك باستعمال خرطوم ذو لون أسود ولفه على أغصان الأشجار ليظن الطير بوجود أفعى فوق الشجرة فيفر بعيداً وهذه من الوسائل الفعّالة لإخافة الطيور وبخاصة "نقّار الخشب".
الوسيلة الثانية المستعملة اليوم وبكثرة في الريف هو لف النيكاتيف الموجود ضمن شرطان كاسيت أو فيديو ولفه بالشجرة فمن جهة تتحرك بشكل سريع ومرعب خلال تلاعب الرياح بها كما تصدر أصواتاً غريبة ترعب الطيور وتخيفها، وهناك أخيراً وسيلة فعّالة لإخافة الطيور من خلال ربط مجموعة أكياس نايلون تصدر خشخشة أثناء تلاعب الهواء بها بأغصان الأشجار».
وأخيراً قال: «بالرغم من تطوّر المزارعين في ابتكار أنواع "الفزّاعات" المختلفة إلا أنّ "الفزّاعة" الأساسية والناجحة لإبعاد العصافير عن بساتين الخضراوات هي التي يتم صنعها بالحجارة والأعواد وإلباسها لباس الإنسان فما زالت هذه "الفزّاعة" فعّالة وتُستخدم على نطاق واسع في الريف العفريني».