كان ليل "الدير" فيما مضى يضم الكثير من الطقوس والعادات، ففيه يجتمع الكبار للتسامر، بينما ينصرف صغارهم للعب، ولعل "أنا الحزري" هي واحدة من أشهر الألعاب الليلية آنذاك. eSyria حاول الإلمام بتفاصيل هذه اللعبة التراثية من خلال اللقاءات التالية...
البداية كانت مع الشاب "صبحي الرمضان"، والذي بين بدوره عدد اللاعبين في "أنا الحزري" وكيفية بدء اللعب بقوله:
يمارس هذه اللعبة الأولاد الذين هم في سن التعليم الابتدائي، وعدد اللاعبين غير مقيد برقم معين، لكن يشترط أن يكون العدد زوجياً، ينقسم الأولاد إلى فريقين متساويين ويجرون قرعة بينهما لمعرفة من يكون في الأمام ومن الثاني الذي خلفه ليقوم باللعب
«يمارس هذه اللعبة الأولاد الذين هم في سن التعليم الابتدائي، وعدد اللاعبين غير مقيد برقم معين، لكن يشترط أن يكون العدد زوجياً، ينقسم الأولاد إلى فريقين متساويين ويجرون قرعة بينهما لمعرفة من يكون في الأمام ومن الثاني الذي خلفه ليقوم باللعب».
كما تتسم هذه اللعبة بأنها لعبة ذات طابع ذكوري، فعادة لا تلعبها الفتيات، إذ يوضح الشاب "وابصة العبد الله" ذلك بالقول:
«كنا نمارس هذه اللعبة فيما مضى سواء بالمدرسة أثناء درس الرياضة، أو في الحارة التي نقطن فيها، ولم تكن الفتيات يشاركننا اللعب، إذ لم تكن "أنا الحزري" من الألعاب المشتركة معهن، وربما كان ذلك لاستخدام بعض الخشونة "قرص النقرة" السبب الأساسي في عدم رغبة الفتيات بلعبها».
أما طريقة اللعب التي تميز "أنا الحزري" فقد شرحها لنا الباحث "عباس طبال" من خلال تقسيمه لمراحل اللعب إلى نقاط أساسية هي:
«يصطف الفريق الأول في خط مستقيم مرسوم الواحد إلى جانب الآخر يضع كل منهم إبهامه بين الوسط والسبابة مشكلاً بالأصابع ما يشبه الدائرة، ثم يضع أصابعه على عينيه، اليد اليمنى على العين اليمنى واليسرى على اليسرى بشكل يستطيع رؤية ما أمامه من أشياء، ولا يرى ما خلفه فالرؤية تكون من خلال الدائرة التي شكلها الإبهام مع السبابة».
ثم تبدأ المرحلة الثانية من اللعبة التي يباشر بها الفريق الثاني، حيث يقوم كل لاعب منهم بقرص نقر أفراد الفريق الأول، إذ يضيف "الطبال" متابعاً كلامه:
«يقوم الفريق الثاني بالاستعداد ثم ينطلق كل لاعب ويقرص قرصاً خفيفاً جداً اللاعب الأول من نقرته فيمشي الأول وهو يردد "أنا الحزري، أنا المزري، وأنا من قطاعه الجزر، ما يطلع إلا فلان" ثم يلتف على الخلف لمعرفة الشخص الذي يمسك به، فإذا كان الثاني صاحب الاسم الذي ذكره خرج من اللعب، وإلا فإنه يقوم بإركابه على ظهره وإعادته إلى خط البدء وهكذا يتكرر اللعب حتى يسقط جميع أفراد الفريق الثاني ويقفون في مكان الفريق الأول وهكذا».
وتنتمي "أنا الحزري" لزمرة الألعاب الجماعية التي تنمي الروح الجماعية، والتي للأسف لم تعد معروفة كلعبة من قبل الجيل الجديد، إذ عبر الأستاذ "زهير العلي" عن خطورة غياب هذه الزمرة من الألعاب بقوله: «ساد في "دير الزور" فيما مضى مجموعة من الألعاب الجماعية مثل "طب مهزوم" أو "الصميمة" أو "الشكام" والتي عملت على تنمية روح الفريق، ومشاعر الغيرية عند الجيل آنذاك، والآن وفي العقد الأخير على وجه الخصوص شهدت "دير الزور" اختفاءً لهذه الألعاب على حساب سيادة ألعاب الكمبيوتر التي تميل إلى تعميق النزعة الفردية عند أبناء جيلنا الحالي وهذا الأمر يعتبر خطيرا تربوياً».
وتحتاج هذه اللعبة لدرجة عالية من التركيز والانتباه، إذ أكد لنا السيد "أحمد الآغا" هذه النقطة من خلال حديثه لنا إذ يقول: «عادة ما يتفوق في هذه اللعبة من هم سريعو البديهة، ومن يتمتعون بقدرة جيدة على التركيز، إذ إن أساس اللعبة قائم على ذلك، لذا تجد فيما مضى أن بعض الأطفال الذين يتحلون بهذه الصفات يحبون ممارسة هذه اللعبة أما من لا يمتلكون هذه البداهة العالية فلا يفضلون ممارسة "أنا الحزري" أو لنقل أنهم يتجنبون لعبها مع الأشخاص الأذكياء مما يثير جواً من الدعابة عند انتقاء اللاعبين للعب إذ يهرب البعض من اللعب وخصوصاً من لا يفضل التشكيلة التي تحوي لاعبين أكفاء لعدم قدرته على مجاراتهم».