قلاع "حلب" و"سمعان" و"تدمر" الأثرية ومعالم تراثية، كانت على موعد في معرض الفنان الفرنسي "فيرنتيه فيرنتي" مع زائريه بصالة "الأسد" للفنون الجميلة مساء 19/3/2011، حيث ضم المعرض 31 لقطة ضوئية ظهر فيها طراز الهندسة المعمارية وبراعة اليد التي رصفت أحجار وزاويا فنون الحضارة العربية التي شكلت فيها مجموعة الأوابد التاريخية.
موقع eAleppo زار المعرض وعكس في عيون زائريه براعة اللقطات الضوئية وكانت البداية مع "أحمد ناصيف" رئيس فرع اتحاد الفنانين التشكيليين بحلب فيقول: «نلحظ في السنوات القليلة الماضية نشاط العديد من الفنانين الضوئيين في تركيز عدستهم نحو الفن الضوئي، وما أراده الفنان "فيرنتي" من لوحاته هو إظهار أهم اللقطات الأثرية التي تبرز سورية كموقع حضاري عريق».
وقد اخترت "سورية" باعتبارها أجمل حضارة تشكلت في حوض المتوسط التي شهد التاريخ على قدم مدينة "حلب"
وأضاف: «فقد ظهرت من بين لوحاته العديد من اللقطات الفنية التي عبرت عن الزوايا الضوئية التي اختارها عند شروق "الشمس" وغروبها، والمصورين في معظمهم يبحثون عن تلك المواقع لتزيد لديهم قيمة جمالية في عيون ناظريها».
لكن "ناصيف" أوضح بأن للوحة التشكيلية جمالية تختلف عن اللوحة الضوئية قائلاً: «فإن نظرت إليها ترى في كل مرة شيئاً جديداً ما يزيدها متعة خاصة، لكن الصورة الضوئية تتمتع بلقطة ذات أبعاد خاصة وبلحظات دقيقة وهذا ما ميزها عن اللوحة التشكيلية، وعموماً فإن مرتادي الفن الضوئي يختلفون بذوقهم عن الفن التشكيلي».
وإن قربنا الصورة أكثر نجد بان الفنانة التشكيلية "تيريز كركجيان" قالت: «إن الصورة الضوئية أسرع من اللوحة التشكيلية في فهمها للمتلقي لكونها لا تعتمد في أكثر الأحيان على ناقد يتوسط بين الفنان والمتلقي ليوضح مضمونها».
لكن الفنانين الضوئيين المحليين وبرأي "كركجيان" يحتاجون إلى تنمية مواهبهم وصقلها من خلال العديد من المقومات ومنها قالت: «نوعاً من الدعم لتطفو هذه المواهب وتبرز إلى السطح لوفرة العديد منهم، ويظهر جلياً حينما يقام أي معرض ضوئي تظهر فيها لقطات جيدة تحتاج لقليل من الصقل لتبدو أكثر جمالية، على عكس خبرة الفنانين الغربيين الذين يركزون على تفاصيل دقيقة نحن لا نعتبرها ذات أهمية وهنا تبرز براعة اللقطات الاحترافية.
لكن الفنان استطاع أن يظهر بلمسات غربية مسحة شرقية من ورائها حضارة شهد عليها التاريخ- والكلام لـ "كركجيان"- من خلال تركيزه على تفاصيل دقيقة عند شروق الشمس وغروبها فأعطت لوناً ترابياً مال في معظمها إلى الألوان الشرقية، التي تمتعت بها حجارة قلعة "حلب" وتدمر الأثرية».
لكن الكاميرا الاحترافية لا تجعل من الفنان فناناً ضوئياً إلا إن امتلك العديد من الصفات بينتها "كركجيان": «إن سبقها عين تلتقط ما لا تلتقطه أعين الآخرين ومنها يستطيع أي فنان أن يبرز اللقطة الاحترافية تكون أشد وقعاً على ناظريها».
وختمت قائلة: «إن عوامل بروز الفن الضوئي على الفن التشكيلي تكمن من خلال استخدم اللقطات في إنشاء فيلم توثيقي يمكن جعله وثيقة الكترونية في عالم سيطرت عليه فضائيات الصورة التسجيلية».
وحول المدة الزمنية التي استغرق التقاط صور المعرض حدثنا بها الفنان "فيرنتي" قائلاً: «صحيح أن الصور ليست بالكثير لكن مدتها قد جاوز الثلاثين عاماً كنت قد التقطها في كل زيارة للعديد من المناطق الأثرية التي امتدت من "دمشق" ومسجدها "الأموي" مرورا "بتدمر" و"الرصافة" و"أفاميا" و"بصرى الشام" و"قلعة الحصن" وصولا إلى قلعتي "صلاح الدين" و"حلب"».
وأضاف: «وقد اخترت "سورية" باعتبارها أجمل حضارة تشكلت في حوض المتوسط التي شهد التاريخ على قدم مدينة "حلب"».
وعن رأيه كفنان غربي في الاختلاف بين حضارة الشرق مع الغرب قال "فيرنتي": «هناك خلاف واسع ما بين الحضارتين فتاريخ المشرق قد تعاقب عليه العديد من الحضارات الإنسانية التي شكلت منعطفاً تاريخياً ضم في جنباته العديد من المهارات التي استودعت في الهندسة رونقاً تميزت بها نقوش الحجارة العربية القديمة».
وختم قائلاً: «لكن جزيرة "صقلية" تشبه إلى حد كبير تاريخ المشرق العربي من خلال الفتوحات الإسلامية التي شهدتها تلك المنطقة فكانت أقرب المدن الغربية إلى الأصالة الشرقية التي تمتع بها الوطن العربي».
يذكر أن الفنان "فيرنتي" من مواليد "فرنسا" عام 1960، له ثلاثة معارض فردية سابقة في "سورية" ويأتي هذا المعرض ضمن الأيام الفرانكفونية التي تقيمها جامعة "حلب" على مدار عشرة أيام بمناسبة اليوم العالمي للفرانكفونية.