تعد "زاوية أصلان دادا" من الصروح الدينية القديمة في مدينة "حلب" وتقع في "سوق البلاط" من محلة "سويقة علي" وقد بُنيت في القرن السابع عشر مكان "خانكاه البلاط" التي تعود إلى العهد السلجوقي في "حلب".

حول جامع "زاوية أصلان دادا" وما يعنيه للحلبيين التقى موقع eAleppo عددا من المواطنين فقال السيد "محمد دهان" وهو أحد أصحاب المحلات التجارية في السوق المجاور للزاوية والذي يُسمى باسمها: «إنّ "جامع أصلان دادا" هو من أبرز المعالم الأثرية والدينية في "حلب" وهو أحد الصروح الأثرية فيها لكونه يعود إلى فترة تاريخية قديمة ويظهر ذلك من خلال النص الكتابي الموجود على بابه الشرقي وهو: "جامع أصلان داده" /"زاوية البلاط"/- أصله زاوية أنشأها "شمس الخواص لؤلؤ الخادم" عتيق الملك "رضوان ابن تتش" السلجوقي سنة 509 هجري 1116 ميلادي- الفترة السلجوقية، والشيء الجميل في الجامع هو أنه وعلى الرغم من قدمه فهو لا يزال يستقبل زواره من المصلين من أبناء المنطقة وخاصّة من الأسواق المجاورة إضافةً إلى الباحثين والسياح الذين يزورونه لكتابة الأبحاث أو التمتع بفنونه الزخرفية والعمرانية».

تكمن أهمية الجامع في أنه جامع قديم وقد أعطى اسمه للسوق الذي نحن فيه الآن وبحسب معلوماتي فإن "أصلان دادا" المدفون في الجامع كان رجلاً من أهل الكرامات وهو درويش تركي وما يزال قبره موجوداً فيه إلى جانب قبور أخرى، وكلمة "دادا" هي كلمة تركية ومعناها الجد وبالتالي تكون الكلمة هي "أصلان الجد" وسموه بذلك ربما كنوع من التقدير له

السيد "حمزة العلي" أحد المصلين في الجامع قال: «هذا الصرح القديم الواقع في قلب الأسواق الحلبية له أهمية تاريخية واجتماعية وسياحية فهو دليل على قدم مدينة "حلب" وناسها ويجعل المصلين فيه يشعرون بعبق التاريخ والاعتزاز والفخر ويجعلهم يتواصلون اجتماعياً فتزداد بينهم أواصر المحبة والإخوة، ومن هذا المبدأ فأنا أشعر براحة تامة عندما أصلي فيه وأحرص ألا أفوت الصلاة فيه أو في أي مسجد حلبي قديم».

المدخل الشرقي للزاوية

"صبري عثمان" وهو مواطن كان في زيارة لسوق "أصلان دادا" قال: «تكمن أهمية الجامع في أنه جامع قديم وقد أعطى اسمه للسوق الذي نحن فيه الآن وبحسب معلوماتي فإن "أصلان دادا" المدفون في الجامع كان رجلاً من أهل الكرامات وهو درويش تركي وما يزال قبره موجوداً فيه إلى جانب قبور أخرى، وكلمة "دادا" هي كلمة تركية ومعناها الجد وبالتالي تكون الكلمة هي "أصلان الجد" وسموه بذلك ربما كنوع من التقدير له».

وحول تاريخ هذه الزاوية وميزات عمارتها تقول الدكتورة "لمياء الجاسر"* لموقعنا: «لقد بُنيت هذه الزاوية ضمن "خانكاه البلاط" التي رُممت في العام 1082 هجري 1672 ميلادية وسُميت "زاوية أصلان دادا" نسبة إلى المجذوب الدفين فيها، وهي كعمارة تنتمي إلى العهد العثماني أكثر من انتمائها إلى العهد السلجوقي.

دهليز المدخل الغربي

فمن حيث التصميم يعود أغلب البناء فيها إلى العهد العثماني وقد أُجريت له ترميمات وإعادة بناء وإضافات كثيرة على الرغم من أنّ المراجع لم تذكرها، ولعل البركة وشكل القبلية وبعض الخلوات ومحراب القبلية فيها هي العناصر الوحيدة التي يمكن أن تعود إلى العهد السلجوقي.

لقد بقي من الخانكاه الجهة الشرقية وهي مشتملة على باحة مستطيلة تضم حوضاً مستطيلاً مفصص الزوايا يعود إلى أصل البناء /"خانكاه البلاط"/ وهو مؤلف من ثمانية أحجار ضخمة ويحد الباحة من الجنوب قبلية أمامها إيوان وشرقيها المدفن ومن الشرق حجازية حلّت محل الإيوان في "خانكاه البلاط" وعلى طرفيها غرفتان صغيرتان وفي الشمال إيوان يوزع شمالاً إلى قاعة وشرقاً إلى دهليز يضم خمس درجات تؤدي إلى دورات مياه في الشمال يليها ست درجات تؤدي إلى المدخل الشرقي للزاوية وغرباً إلى دهليز يؤدي إلى المدخل الغربي».

المقرنصات في الزاوية

وتابعت حديثها حول الزاوية «القبلية مستطيلة الشكل تنقسم بواسطة قوسين كبيرين مدببين لثلاثة أقسام سُقف الأوسط منها بقبة حجرية نصف كروية فوق رقبة مرتفعة اثني عشرية تضم 12 طاقة كبيرة يعلو كل منها قوس مدبب عثماني /ذو المراكز الأربعة/ يعلوها صف من المقرنصات، ويتم الانتقال من الشكل المربع إلى الشكل المضلع بالمثلثين الهرميين المقلوبين ويعلوها صف من المقرنصات تدور حول الصالة، ومن الشكل المضلع إلى الدائري بمثلثات كروية صغيرة يليها مقرنصات، وسُقف كل من الطرفين الجانبيين بقبو متطاول.

وبالنسبة للمحراب فمسقطه الدائري نصف دائرة وله ناصيتان مجوفتان تضم كل منهما عموداً صغيراً من الرخام الأبيض يعلوهما تاجان كورنثيان يشبهان عمودا محراب "خانكاه الفرافرة" ويحد الحنية من الأمام قوس مدبب، وأرجّح أن يكون هذا الجزء من المحراب من أصل البناء لأنه وبحسب معلوماتي لم تُستعمل التيجان الكورنثية في العهد العثماني، وعلى طرفي المحراب في الأعلى ظفرين حجريين مزخرفين وهناك فوق المحراب طاقة تضيق فتحتها مع عمق الجدار كمرامي السهام ويعلوها قوس مفصص سداسي ويحيط بها إطار من المكعبات المتناوبة تشكل في الزوايا الأربعة أربعة مربعات من المكعبات المتناوبة أيضاً.

وفوق المدخل خشبية تضم زخارف نجمية بارزة في سقف المدخل بينما تضم الأطراف زخارف نباتية محفورة وناعمة وفوق ظفرين حجريين تقوم السدة، أما بالنسبة للإيوان الواقع أمام القاعة فيحده من الأمام قوس مرتفع مدبب ويسقفه قبو متطاول مدبب يتقاطع في الطرفين مع قوسين آخرين أخفض منه وهذه الطريقة في التسقيف ظهرت في العهد العثماني».

«وهناك القاعة -والكلام للدكتورة "الجاسر"-وأعتقد أنها مقتطعة من "المدرسة الجردكية" المتاخمة للخانكاه شمالاً وهي مربعة الشكل يسقفها قبة مقطعها نعل الفرس الدائري وهي حجرية مرتفعة مبنية فوق رقبة مثمنة تضم ثمان طوق كبيرة يعلو كل منها قوس مجزوء ويتم الانتقال من الشكل المربع للصالة إلى الشكل الدائري للقبة عن طريق حنايا ركنية مضلعة يتقدمها عقود ركنية مدببة ترتكز على مقرنصات هذه العقود، والانتقال من زاوية القاعة المربعة إلى الحنية الركنية يتم بواسطة ثلاثة مثلثات هرمية مقلوب، أما الانتقال من الشكل المثمن للرقبة إلى الشكل الدائري للقبة فيتم بواسطة مجموعة من المقرنصات في كل زاوية تنتهي في الأعلى بصف من المقرنصات تدور على المحيط ترتكز عليه القبة وهذه المقرنصات ناعمة من النوع الذي شاع استعماله في العهد العثماني.

وإلى الشرق من القبلية يقع المدفن وهو مربع الشكل تسقفه قبة حجرية لها مقطع نعل الفرس الدائري تقوم فوق رقبة اثني عشرية تضم 12 طاقة كبيرة يعلو كل منها قوس مدبب عثماني يعلوها صف من المقرنصات ويتم الانتقال من الشكل المربع إلى المضلع بالمثلثين الهرميين المقلوبين يعلوها صف من المقرنصات ومن الشكل المضلع إلى الدائري بالمقرنصات، أما محراب المدفن فهو حجري بسيط يتقدم حنيته قوس مدبب وعلى طرفيه في الأعلى ظفران مزخرفان ويضم المدفن ثلاثة قبور لا كتابة عليهما ربما كان الأوسط منها قبر "أصلان دادا" المجذوب /القرن 11 هجري 17 ميلادي/ وقد عُرف المكان منذ ذلك الوقت باسمه.

للجامع مدخلان شرقي وغربي، الغربي منهما عبارة عن باب منخفض يعلوه قوس مجزوء مزرر اُستعمل فيه وعلى طرفي الباب نظام الأبلق فوق لوحة حديث كتب عليها: "جامع أصلان دادا" تأسس عام 1082 هجرية، أما المدخل الشرقي فهو عبارة عن باب ينخفض درجتين عن الشارع يعلوه قوس مجزوء مزرر بسيط اُستعمل فيه وعلى طرفي الباب التناوب اللوني وينتهي القوس على الطرفين ببروز خفيف يضم مقرنصات ناعمة ويعلو القوس صف مكون من ثلاث قطع من الحجارة البيضاء تضم الوسطى منها نصاً يليها إلى الأعلى صف من الحجارة السوداء ويليها كورنيش يضم صفاً من اللسينات تضم زخارف يتناوب فيها شكلين نباتيين».

وبالنسبة للزخارف في الزاوية قالت وبه ختمت حديثها: «اُستعملت في الزاوية زخارف نباتية كما في الأظفار والسدة والزخارف الهندسية في السدة والتاج الكورنثي في المحراب والمكعبات المتناوبة في القبلية والمقرنصات الناعمة التي تضم زخارفاً أو أشكالاً مروحية في المدخل والقاعة والإيوان والقبلية، كما اُستعملت فيها زخارف شبيهة بالشرافات تبرز قليلاً عن الجدار في المدفن ومزررات بأشكال معقدة أو بسيطة والتناوب اللوني في الواجهات».

  • الدكتورة "لمياء الجاسر" – قسم العلوم التطبيقية من معهد التراث العلمي العربي.