تعتبر الأمثال عصارة التجربة والخبرة البشرية في كل المجتمعات الإنسانية، ولا يخلو منها مجتمع على الإطلاق قديماً وحديثاً، وهو اختصار لخلاصة تجربة في كلمات قليلة موجزة تلخص الحالة التي قيل فيها المثل، والأم أخذت حيزاً كبيراً في الأمثال في "حوران" قديماً وجديداً تداولها الناس من أفواه الآباء والأجداد.

الباحث في التراث الشعبي والأمثال "تيسير الفقيه" قال لموقعنا عن الأم وما تمثله في المثل الحوراني: «المثل تعبير وجهة نظر تجاه وسائل الحياة اليومية، أو قواعد سلوكية أو إرشادات عامة، وهي ذات مدلول فكري واجتماعي تعكس الواقع الحقيقي للمجتمع، وتكون وليدة هذه البيئة الاجتماعية.

الأم هي الرابط الأساسي للعائلة، والدنيا أم فمنذ رؤية الطفل للحياة تقع عينيه على وجه أمه ويتغذى من دمها ولبنها، وفي حوران حين تذكر فتاة يقال "الرجل جنا والمرا بنا" فللرجل العمل خارج البيت والحصول على الرزق والمرأة تعتني بالأسرة. وهكذا تدور حكايا الأجداد تعلم الأجيال أدب الحياة دون أن تكتب بريشة أو قلم

وبالنسبة للمرأة ودورها في المجتمع فالأمثال مجدتها بشكل عام سواء كأمّ أو أخت أو زوجة أو بنت. فللمرأة قيمتها في المجتمع الحوراني، وهي تقف إلى جانب الرجل في السراء والضراء، ويؤخذ برأيها في كافة مناحي الحياة.

الباحث تيسير الفقيه

وبمناسبة عيد الأم فإننا نقدم لكل أم تحية الحب والتقدير بعيدها الغالي، والأم التي تهز السرير بيمينها تهز العالم بيسارها.

ويقول المثل الشعبي على لسان الأم "قلبي على ولدي انفطر وقلب ولدي عالحجر"، فغالباً ما يكون اهتمام الأم بأولادها أكثر بكثير من اهتمام الأولاد بأمهم، وبينما تكون حياتهم شاغلهم الوحيد تكون حياتها ومشاكلها جزءا عابرا من حياتهم».

الباحث محمد فتحي المقداد

وللتعرف على الأمثال التي تداولها أبناء حوران فيما يخص الأم التقى موقع eDaraa بتاريخ 21/3/2011 السيد "محمد فتحي المقداد" الباحث في التراث الشعبي والأمثال وقال بهذا المجال: «حياتنا وتراثنا فيهما الغنى الكبير في الأمثال، فكما نعلم أن في تاريخنا موسوعات كبيرة كتبت في الأمثال التي تطرقت للعديد من الأمور في حياتنا وخاصة الأم، لهذا نجد في المثل الشعبي من القوة ما يوازي مستوى القوة لمصدر نشوئها وتنوع ثقافتها، وهي في هذا تبعث في نفوس أبنائها دافعاً قوياً للاعتزاز بتاريخهم.

وهو نفس السبب الذي يبعث فيها الأمل في تربية الأجيال الحاضرة أو المستقبلية لإعادة الثقة بالنفس والأمل بالنهوض من جديد. الأم كان لها نصيب واسع في أمثال حوران الشعبية جمعناها من خلال جولاتنا وتوثيقنا للتراث بالمنطقة، ومن أهم الأمثال التي قيلت في المرأة:

السيد خالد فاعور

"أجت جيزة أمي مع الحصيدة" أي إن هناك أموراً صعبة كلها جاءت مع بعضها بعضا ولا يمكن تأجيل أي منها لوقت آخر، وأيضاً "إجا عرس أمي مع طهور أبي" أي إذا تشابكت الأمور بآن واحد، ولا يمكن تأجيلها فيصاب المرء بالحيرة، ومن الأمثال "اللي بيوخذ أمي بيصير عمي" ظاهرة القبول بالواقع والرضا على ما حصل.

ولكن هل أن الذي يتزوج أمنا بعد والدنا يصبح عماً؟ أي إننا نملك القابلية لأن نندمج بالوضع الجديد بما يؤمن لنا مصالحنا، وهذه قمة الانتهازية والهروب إلى الأمام من مواجهة استحقاقات المرحلة. ويقال "مية أم تبكي ولا أمي تبكي" في ظاهر هذا المثل هو الحب الشديد للأم الذي لا يريد أن يرى الدموع تنهمر من عينيها، ولكن التأمل في هذا المثل من الجانب الآخر أنه يمثل قمة الأنانية وتغليب المصلحة الشخصية على مصلحة الآخرين، بأي ثمن كان، حتى لو كان فيه الضرر لهم».

وتابع الباحث "المقداد" حديثه عن الأمثال التي تخص المرأة والأم بحوران ويقول: «من أهم الأمثال المتداولة "طب الجرة على ثمها بتيجي البنت لأمها" وهذا المثل المتداول على نطاق واسع بين شرق الوطن العربي وغربه، وهو أن البنت ستكون نسخة متطابقة عن أمها في تربيتها وأخلاقها وتعاملها مع الآخرين، وذلك بما يكون لدى الأم من فضائل وخبرة وتجربة تنقلها إلى ابنتها.

ويقال "قلبي على ولدي وقلب ولدي على الحجر" إن الحنان والحب الشديد الذي تكنه قلوب الأمهات للأبناء لفلذات أكبادهن، وهي تفدي ابنها بنفسها، وتتأوه لحاله وتتمنى له التوفيق في حياته، وهو لا يبالي بمشاعر أمه. ومن الأمثال "أخوي من أمي مثل الذهب بكمي" ويقصد بذلك أن من طلقت أمه وله إخوة من أمه من أب آخر، فإن الحنان متصل لأنه جزء من حنان الأم.

والمثل كاملاً "أخوك من أبوك مثل القوم لنهبوك، وأخوك من أمك مثل الذهب بكمك". و"قلب الأم دليلها" إن قلب الأم ليس كباقي القلوب، وهذا القلب من شدة رهافته ورقته يتحسس ويستشرف الأمور إذا لا سمح الله حصل مكروه لأحد أبنائها.

وعن أدب البنت وطهارتها يقال "ما باسها على ثمها غير أمها".

و"خذ البنات من صدور العمات" يقال هذا المثل للشاب المقبل على الزواج على سبيل النصح، بأن البنت لمعرفة حياتها الخاصة من جمال وأخلاق، يجب أن تنظر إلى عماتها أخوات والدها، لأنها بكل تأكيد تكون قد اكتسبت شيئاً من صفاتهن الخلقية والخلقية».

وعن الحسب والنسب يقال "خذ الأصلية ونام على الحصيرة" هذه من النصائح الذهبية في الحياة الزوجية، أن يكون الأصل في الحسب والنسب أحد الوسائل لاختيار الزوجة، لأن الأصل يردع صاحبه من اقتراف الكثير من المشاكل التي لها تأثير سيئ على مسار الزوجية، والأصل كذلك يجعل صاحبه يصبر على مجالدة مصاعب الحياة، هذا على الأغلب.

وآخر الأمثال "يعني مين بدو يشهد لها، غير أمها وخالاتها وعشرة من جاراتها" هذا المثل يقال لمن سأل عن فتاة ليتزوجها، فإن هؤلاء النسوة هن اللاتي يظهرن محاسن تلك الفتاة، مبتعدات عن عيوبها ولا يذكرنها».

السيد "خالد فاعور" يقول أيضاً: «الأم هي الرابط الأساسي للعائلة، والدنيا أم فمنذ رؤية الطفل للحياة تقع عينيه على وجه أمه ويتغذى من دمها ولبنها، وفي حوران حين تذكر فتاة يقال "الرجل جنا والمرا بنا" فللرجل العمل خارج البيت والحصول على الرزق والمرأة تعتني بالأسرة. وهكذا تدور حكايا الأجداد تعلم الأجيال أدب الحياة دون أن تكتب بريشة أو قلم».