أينما اتجهت في الطرق المؤدية إلى قرى "دير الزور" فستجد الفلاحات في حقول القطن وهن يعملن طوال النهار، وقد يستمر هذا المشهد لأكثر من شهر في فصل الخريف، عندما تقوم الفلاحات بجمع حطب القطن..

eSyria التقى بعض العاملات في جمع حطب القطن، ومنهن السيدة "نوف العايد" من أهالي قرية "حوايج ذياب شامية"، والتي حدثتنا قائلة: «بعد انتهاء موسم القطن لا يبقى في حقوله إلا نباتاته التي تأخذ بعد فترة باليباس، إذا لم يتم استخدام الحقل للرعي من قبل الماشية، إذ إن بقايا محصول القطن هذه على درجة عالية من الاستساغة من قبل الماشية، هي مصدر جيد لما يسمى الأعلاف الخضراء، لذا يشرع الفلاحون بجمع هذا الحطب بغية الاستفادة منه، إما كوقود لطهو الطعام أو لخبز الخبز في التنور، كما يمكن استخدام هذا الحطب عندما يتم ربطه بشكل حزم في بناء الحظائر».

يتم بيع حطب القطن لمن يشتريه، في حال لم يرغب صاحب الأرض بالاستفادة منه إما مقايضة مقابل قيام المشتري من خلال مجموعة من العاملات وبأجر يومي، بجني محصول القطن جمع الجوزات بعد تفتحها من هذه الأرض، أو تضمين بيع الحطب بتقدير قيمة معينة لوحدة المساحة وهي هنا الدونم

أما كيفية توزيع هذا العمل فقد بينتها لنا السيدة "العايد" بقولها: «تقوم النسوة بهذا العمل في ريف "دير الزور" وبشكل مجموعات كأن تتعاون النساء اللاتي تربطهن علاقات قرابة أو علاقات جوار في جمع الحطب، "فنحن الآن في هذا الحقل كما تشاهدون سبع نسوة، ويستمر العمل طوال ساعات النهار، بحيث تستطيع كل عاملة من العاملات أن تجمع الحطب في نصف دونم من الأرض في اليوم الواحد، ويتم العمل بأن يقص هذا النبات بالمناجل والفؤوس في الجزء السفلي منه، ثم يجمع في كومات صغيرة، ثم تجمع هذه الحزم في حزمات أكبر بانتظار نقلها بواسطة "التريلات": "العربات التي تقطرها الجرارات الزراعية"».

السيدة سهام المهيدي الذياب أثناء العمل في جمع حطب القطن

وبالنسبة لعملية النقل، وكيف تتم، فقد أخبرنا عنها السيد "جاسم حمد التركي" وهو من أهالي قرية "حوايج ذياب شامية" أيضاً الذي تفضل بالقول: «بعد أن تجمع النسوة حطب القطن في حزم كبيرة، نقوم بنقلها إما بواسطة "التريلات" أو سيارات الشحن مثل "الكيّا" ثم تنقل إما إلى المنزل أو يتم بيعها، ففي المنزل يتم استخدامها إما برصفها كجدران للحظائر وذلك بربط الحزم بعضها مع بعض، أو بوضعها بشكل عرضي فوق بعضها حتى تشكل جدارا، وهذه تحتاج لحطب أكثر، أو تجمع بجانب التنور لاستخدامها كوقود للاشتعال أثناء صناعة الخبز، وفي العامية نقول "نسجر بي التنور"، وكذلك يستخدم أيضا كوقود في صناعة خبز الصاج، أو في حال الطبخ بالقدور عند إعداد الولائم الكبيرة».

ولمعرفة تفاصيل هذا الطقس الخاص، وما يرافقه من غناء وفرح التقينا السيدة "سهام مهيدي الذياب" من قرية "حوايج ذياب شامية" فقالت: «في جو من البهجة، ورغم قسوة العمل وصعوبته، تبدأ النسوة بالغناء إما معاً أو أن تغني إحدى النساء مقطعاً وترد بقية المجموعة وراءها، ومن الأغاني التي تغنى في حقول القطن بشكل عام سواء في قطف الجوزات أو في جمع الحطب الأغنية التي مطلعها:

استخدام المناجل في قص الحطب في ناحية الكسرة

"يا حوّاشات القطن/ حوشوا القطن بازهارو"، أو يغنين: "مندل يا كريم الغربي مندل/ عل قلًب عناقيدو، مندل/ جاني الحلو يتعلل، مندل/ والساعة تلمع بيدو، مندل"».

وأخيراً التقينا الشاب "أسعد موزّر الصالح" من ناحية "الكسرة"، الذي شرح الآلية التي يتم بها بيع حطب القطن في بعض الأحيان، فقال لنا: «يتم بيع حطب القطن لمن يشتريه، في حال لم يرغب صاحب الأرض بالاستفادة منه إما مقايضة مقابل قيام المشتري من خلال مجموعة من العاملات وبأجر يومي، بجني محصول القطن جمع الجوزات بعد تفتحها من هذه الأرض، أو تضمين بيع الحطب بتقدير قيمة معينة لوحدة المساحة وهي هنا الدونم».

تجميع الحطب بشكل مجموعات صغيرة