تعتبر سورية من أقدم المناطق المأهولة بالسكان في العالم، وربما يعود تاريخ وجود البشر فيها إلى آلاف السنين، وتعتبر المنطقة الشمالية من سورية منطقة موغلة بالقدم، دلّ عليها آلاف اللُّقى والمعالم الأثرية التي وجدت فيها، وأثبتت العديد من الدراسات التاريخية في هذه المنطقة أن الحياة البشرية لم تنقطع عنها بتاتاً، بل استمرت منذ زمن بعيد، ولا تزال العديد من العائلات بهذه المنطقة ترتبط بالماضي ارتباطاً وثيقاً، ويُعتبر وجودها بهذه المنطقة قديماً قدم الآثار الموجودة فيها، وعائلة "العبسي" في قرية "نحلة" واحدة من هذه العائلات.

موقع eIdleb التقى السيد "أحمد العبسي" ليحدثنا ما يعرفه عن تاريخ وجود عائلته في هذه القرية قائلاً: «عائلتنا من أكبر وأقدم العائلات الموجودة في قرية "نحلة"، بل في "جبل الزاوية"، وهناك العديد من الأدلة التي لا تُخفى على أحد من أهل القرية، تثبتُ قدم العائلة والأدوار التي لعبتها عبر تاريخ القرية، فمنذُ أكثر من /150/ عاما كان مختار القرية واحد من أجدادي، ولا يزال بحوزتي مجموعة من أختام المخترة التي كتب على كل منها اسم صاحبه، ومنها يعود لزمن "فرنسا"، ومنها عائد للدولة العثمانية، وكتب على أحد هذه الأختام "إسماعيل آغا"، وهو جدُّنا الرابع أو الثالث، حيث إنه كان مختار القرية في ذلك الوقت، ورث المخترة عن أبيه وأورثها إلى ولده، ووجد في العائلة دفتر سُجل فيه تاريخ العائلة، ويمثل شجرة عائلتنا، كان بحوزة أحد أعمامي ولكنه فقد بالفترة الأخيرة ولا أعلم أين ذهب».

عائلتنا من العائلات العريقة، وكان لها دور كبير في مقارعة الفرنسيين ولعبت دوراً مهم في ثورة الشمال، وكانت على اتصال مع قادة الثورة كالزعيم "إبراهيم هنانو" و"مصطفى الشيخ حسين" وغيرهم، ولا يزال السيد "أحمد العبسي" عضو في رابطة المحاربين القدامى على قيد الحياة، وكان أبي وأعمامي آغوات القرية ومخاتيرها حتى فترة متأخرة، ولهم صيت واسع، وكلمة مسموعة في كل القرى والمناطق المجاورة، وكُلف أحد أجدادنا في حكم مدينة "حلب" في ظل العهد العثماني، وبقي حاكماً لها أكثر من عشرين عاما

ويضيف السيد "العبسي": «لا أزال احتفظ بوثيقة مكتوبة بخط اليد، يزيد عمرها على /180/ عاما، قمتُ بتغليفها ووضعها ضمن إطار، حفظاً لها من التلف والضياع وعلقتها بواجهة دكاني الذي أعمل به، لأنها تذكرني بماضي أجدادي، وتتضمن الوثيقة عقد بيع قطعي لكرم في أحد أطراف القرية، كان بحوزة آغوات "أتراك"، قاموا ببيعه لأحد أجدادي، وهو عقد بيع مبرم ويتضمن أسماء شهود من "حلب" ومن "تركيا"، ابتدأت الوثيقة بـ"أُقر بمجلس الشرع الشريف لدى مولانا وسيدنا عمدة العلماء السيد الحاج "عبد الله أفندي كوراني زاده" نائب شيخ الكتاب، حضرة المولى المحترم حاكم الشريعة الغراء بـ"حلب" الشهباء، وورد أيضاً في صلب الوثيقة، "بيع الكرم بما يحويه من أشجار زيتون وكرمة وتين وغيرها، في قرية "نحلة" التابعة لقضاء "أريحا" من أعمال "حلب" للسيد "أحمد العبسي" آغا، بثمن قدره وجملته مئتين (قرش) سلطانية مقبوضة"، وخُتم العقد بأسماء الشهود وهم "عمران أحمد آغا جالق زاده، أحمد آغا جالق زاده، الشيخ محمد ناشد، والشيخ علي المصري وجناب الشيخ عقيل أفندي الزويتيني"».

السيد مفيد العبسي

ويقول السيد "مفيد العبسي": «عائلتنا من العائلات العريقة، وكان لها دور كبير في مقارعة الفرنسيين ولعبت دوراً مهم في ثورة الشمال، وكانت على اتصال مع قادة الثورة كالزعيم "إبراهيم هنانو" و"مصطفى الشيخ حسين" وغيرهم، ولا يزال السيد "أحمد العبسي" عضو في رابطة المحاربين القدامى على قيد الحياة، وكان أبي وأعمامي آغوات القرية ومخاتيرها حتى فترة متأخرة، ولهم صيت واسع، وكلمة مسموعة في كل القرى والمناطق المجاورة، وكُلف أحد أجدادنا في حكم مدينة "حلب" في ظل العهد العثماني، وبقي حاكماً لها أكثر من عشرين عاما».

ويقول السيد "شاكر البدوي": «كل أهل القرية يعرف أن عائلة "العبسي" واحدة من أقدم العائلات في القرية، إضافة إلى وجود العديد من الإثباتات على ذلك، ففي الفترة الأخيرة وجدت مجموعة من القبور في أحد أطراف القرية، وكتب على شاهدة أحدها توفي المغفور له "خليل العبسي" عام /1070/ميلادي، ولا تزال الشاهدة موجودة والكتابة عليها واضحة، ويوجد قبران آخران كتب عليهما بالخط الكوفي، ولم نستطع ترجمة ما كتب، وهذا إن دل على شيء فإنه يدل على أن الحياة بقرية "نحلة" لم تنقطع منذ أمد بعيد، وأن آل "العبسي" من أصول هذه القرية».

وثيقة تمثل سند بيع قطعي عائد للعهد العثماني
شاكر بدوي