لا ينفصل عالم "هويدا أبو حمدان" النحتي عن عالمها التشكيلي الذي ضخت من خلاله صوراً لحالات قرأتها بالزيت والماء بتمازج لوني يجذب قارئ لوحاتها لتفاصيل حياة تكونها أشجار باسقة وحصان وراقصة ترفل بثوبها الفضفاض بين الربيع والخريف، وحكايا البيوت القديمة وإطلالات نسائها اللواتي يرقبن المغيب الصامت.

"هويدا أبو حمدان" خريجة الفنون الجميلة ومدرسة الفنون التي اختارت الفن منذ الصغر، تحدثت عن تجربتها الفنية لموقع eSuweda لكونها عملت في مساحات التشكيل إلى جانب تجارب في النحت على البازلت أخذت تشكل محوراً جديداً لعملها الفني.

يقرأ المتابع لأعمال "هويدا" ولهاً خاصاً باللون وانحيازاً كلياً للموسيقا التي ترسم الأشكال الإنسانية والنسائية خاصة، في توجه فيه شيء من معادلة عين تسمع وأذن ترى، فهي بدأت مشروع فنانة عندما استجابت لنداء العمق فيها، بطاقة فنية لماحة تبحث عن منفذ مع زميلات لها في المرحلة الإعدادية وقد جمعت هذه المجموعة في مرسم خاص، ولتظهر بموهبتها لتكون أحد طلبة مركز الفنون التشكيلية حيث تعمقت رؤيتها واغتنت تجربتها بالبحث والاطلاع لتكون كلية الفنون الهدف المرتجى لفن هو في نهاية المطاف رسالتها بشخصية لها أحرفها وفواصلها ونقاطها في عملها التصويري والنحتي وعالم الأطفال

  • منذ الطفولة كان الرسم وسيلتك للتعبير حدثينا عن هذه المرحلة؟
  • مشاركتها في نصب الصخرة الأقوى

    ** الآن أفتح نافذة على ذاكرتي وأنظر من خلالها لأرى طفلة تحتضن قطعة حوّار أبيض في راحتها الصغيرة تسترق النظر إلى أن أحداً من الأسرة لم يرها، وتركض خارج بوابة المنزل إلى الشارع تمارس مع رفيقتها نوعاً من أنواع اللعب الممتع لهما وبعد فترة قصيرة يكون الشارع المعبد حديثاً قد امتلأ برسوم طفولية منفذة بالحوار لكثير من الدمى والطيور وغيرها... ما يلبث أن يمحوها المطر وأقدام المارة وعجلات السيارات، ولم تكن تنتهي هنا بل امتدت لوسائل أخرى، وكنت أنفرد بنفسي كثيراً أتسلق شجرة التوت التي تتوسط باحة المنزل تشدني إلى أغصانها العالية أفترش أذرعها أتأمل كل ما حولي، أرحل في عالمي الصغير الملون أرقب الغيوم البيضاء كم هي قادرة على التبدل وتكوين أشكال الحيوانات فيلة وأرانب وخراف كثيرة ووجه لشيخ جليل بلحية كثة بيضاء، ليكون الرسم وسيلتي للتعبير التي رعاها أخي الأكبر المرحوم "منير" الذي حرص على تشجيعي بالهدايا على كل رسمة كنت أرسلها له وهو طالب في جامعة "حلب"، وكان يخصص لي مساحة أكبر في المجلة الجدارية التي كانت تعد من قبل أفراد الأسرة، وكنت ملزمة في كل شهر عند تغيير العدد أن أرسم لوحة جديدة.

  • التحقت بمركز الفنون التشكيلية الذي صقل موهبتك قبل الكلية من أشرف عليك في هذه المرحلة؟
  • من أعمالها بالألوان المائية

    ** في المرحلة الإعدادية كنت محظوظة بأن يدرسني هذه المادة الأستاذ "جمال العباس" ليعطيني كما أعطى الكثير من الطلاب الدعم والـتأسيس الصحيح وفتح لي مجال الانتساب لمركز الفنون التشكيلية، لأنهي مراحله الأربع ثم أتابع دراستي في كلية الفنون الجميلة.

  • لوحاتك المائية والزيتية عبرت عن الطبيعة والإنسان في ظل تقلب الفصول ودوران الحياة، هل اتبعت مدرسة فنية عمداً أم لوحاتك كما كانت تستدعي أبطالها كما استدعت الواقع؟
  • من لوحاتها

    ** للوحة عندي تصور مسبق أنطلق منه لكنني بشكل أو بآخر أتمرد على هذا التصور لأنطلق حيث تأخذني اللوحة وفي الغالب تقودني للواقعية التعبيرية، التي لم أتجه إليها متعمدة أو عن اختيار مسبق لهذه المدرسة، وبالتالي فهي تظهر في لوحاتي التي كنت من خلالها أحاكي الطبيعة والحياة باندماجي مع عالم لوني يستحضر عناصره حسب ضرورة العمل، لذا تختلف عناوين لوحاتي وتختلف وسائلي فقد رسمت بالألوان المائية التي شعرت بقدرتها على التعبير وقدمت نماذج شعرتها مناسبة لمواضيع لوحاتي إلى حد بعيد، ومع الألوان الزيتية دخلت في تفاصيل أعمق ومواضيع كانت علامة فارقة في حياتي، لكنني لم أتصور يوماً أن أتحول للنحت الذي بات يشغل الحيز الأكبر من وقتي.

  • تقولين إنك حديثة العهد بالعمل على البازلت، هل هي مرحلة اختبار لهذه المادة؟ أم هي استمرار لعملك الفني لأنك حققت النجاح في عدد من الأعمال الفردية والجماعية؟
  • ** كان تخصصي في الكلية في الاتصالات البصرية ورغم حبي للنحت فإنني لم أختبره ولم يكن لي تجارب سابقة إلا أثناء وجودي في مركز الفنون التشكيلية وفي كلية الفنون الجميلة، ومارسته أيضاً أثناء التدريس لطلابي في مادة الجبصين المباشر، وأقول بصدق أن عملي على البازلت كان مفاجأة فريدة لي لم أحضر نفسي لها مسبقاً، وأعتبرها أكبر مفاجأة وباب من أبواب الجنة فتح لي، ولا أعرف ما الذي حرضني لأسأل عن كيفية التعامل مع هذه المادة، وكيف نطوع هذا الشيء الصلب القاسي لتتحرك فيه الحياة وقد بدأت العمل بمحض الصدفة لأنتج بعد 12 يوماً عملي الأول بطول متر، اليوم وبعد مرور عام ونصف على دخولي هذا المجال تغمرني السعادة لأنني اكتشفت بعض أسرار هذه المادة، وقد وفقني الله بالعمل مع فريق، لأقدم وزملائي أعمالاً استحقت التكريم وعرضت في إحدى الساحات الهامة في محافظتي، وهي عمل "الصخرة الأقوى" الذي شاركت فيه عدداً من الفنانين وكانت مشاركتي به تتمحور حول التراث وحضارة هذه المنطقة.

  • كان أول ما أنتجته مجموعة من القصص ألفتها ورسمت أبطالها للأطفال فإلى أين سيصل بك الطموح في التشكيل والنحت؟
  • ** لا أتوقع أن أبتعد عن التشكيل وعن قصص الأطفال حتى وإن استهلك النحت الجزء الأكبر من وقتي لأن كل منهما عبر عني، وبطريقة أخرى أستطيع القول أنهما رسما عالمي ومن خلالهما استطعت ولوج عالم الفن الجميل الذي من خلالها نقيم حضارة الشعوب، مشاريع كبيرة تشغلني في الفن التشكيلي وأخرى للنحت ويبقى لي حلمي الخاص أن أتمكن من إنجاز عمل نصب كبير، وهذا بالطبع مشروع طويل الأمد أجهد على تأمين مقومات تحقيقه في هذه المحافظة التي تذخر بالمواهب الفنية.

    الفنان التشكيلي والناقد "جمال العباس" عبر عن وله "هويدا" باللون بقوله: «يقرأ المتابع لأعمال "هويدا" ولهاً خاصاً باللون وانحيازاً كلياً للموسيقا التي ترسم الأشكال الإنسانية والنسائية خاصة، في توجه فيه شيء من معادلة عين تسمع وأذن ترى، فهي بدأت مشروع فنانة عندما استجابت لنداء العمق فيها، بطاقة فنية لماحة تبحث عن منفذ مع زميلات لها في المرحلة الإعدادية وقد جمعت هذه المجموعة في مرسم خاص، ولتظهر بموهبتها لتكون أحد طلبة مركز الفنون التشكيلية حيث تعمقت رؤيتها واغتنت تجربتها بالبحث والاطلاع لتكون كلية الفنون الهدف المرتجى لفن هو في نهاية المطاف رسالتها بشخصية لها أحرفها وفواصلها ونقاطها في عملها التصويري والنحتي وعالم الأطفال».

    جدير بالذكر أن الفنانة "هويدا أبو حمدان" من مواليد 1962 خريجة كلية الفنون الجميلة جامعة دمشق، ومدرّسة في معهد الفنون التشكيلية، مشاركة دائمة في المعارض الجماعية في عدد كبير من المعارض في "دمشق وحلب واللاذقية" إلى جانب "السويداء" تمتلك رصيداً كبيراً من الأعمال التشكيلية بالزيت والألوان المائية إلى جانب تجربتها في مجال النحت التي تضاف لمسيرتها الفنية.