في شهر "تشرين الأول" من كل العام يتحضر المزارعون لبدء "قطاف الزيتون"، بتحضير أدوات القطاف والأوعية لتعبئة الثمار، والتعاقد مع عمال، وغيرها من التحضيرات للحصول على الموسم الوافر من هذه الشجرة التي باركتها الكتب المقدسة، واستضاء الناس بنور زيتها، واستهلكوا ثمارها في الطعام، وأخرجوا منها الدواء، وامتازت بطول عمرها، وبها ضربت الأمثال؛ في حب الأرض والسلام.
موقع "eSyria" جال بين مزارع الزيتون في "محافظة طرطوس" للتعرف على التحضيرات التي تسبق عملية القطاف، والتقى المزارع "سعد ناصر" صاحب مزرعة كبيرة لإنتاج الزيتون، بتاريخ 5/10/2010، والذي تحدث عن التحضيرات السنوية التي تسبق عملية القطاف، بالقول: «يقوم الناس عادةً في محافظة "طرطوس" بقطف الزيتون بعد أول هطول قوي للمطر، وكأي موسم زراعي آخر فإن للزيتون تحضيرات تسبق عملية القطاف، ففي بداية الموسم في كل عام، نقوم بتحضير عدد من الأوعية لتعبئة ثمار "الزيتون"- تسمى "شوالات"-؛ كذلك نقوم بتعاقد مع عدد من العمال، لأن قطف الزيتون عمل جماعي يحتاج إلى يد عاملة تأتينا عادةً من منطقة "الجزيرة السورية" لعدم كفاية اليد العاملة في طرطوس، ونفضل قطف الزيتون بعد هطل المطر لأن المطر يؤدي إلى ارتفاع الزيت في الثمرة بعد أشهر الصيف الجافة.
هذه الآلة تقوم على محور يلتف آلياً على محور آخر مسببا هرس الثمرة قليلاً، وهي طريقة سريعة تُنجز 32كغ في خمس دقائق، وقد وفّرت هذه الآلة على النساء كمّاً هائلاً من التعب- حيث كانت هذه المرحلة من اختصاص النساء غالباً
ويستمر القطاف عادةً طوال شهر "تشرين الأول"، ويختلف هذا الموعد بين منطقة وأخرى في "الساحل السوري"، أما الثمار فنقطفها لغايتين الأولى استخراج "الزيت" والثانية لتناول الثمار مع الطعام فننتقي الثمار الجيدة ونقوم "برصّها" أي ضغطها لإحداث شق فيها ليدخل الماء والملح إلى الداخل لتخفيف الطعم المر ويتم الرصّ يدوياً أو عبر آلة مخصصة لهذا الغرض، في حين تذهب الكمية الأكبر إلى "المكبس" لاستخراج الزيت».
وعن أنواع شجر "الزيتون" المتوافرة في طرطوس يقول السيد "ناصر": «معظم الأنواع متوافرة لدينا، وذلك بسبب اتساع رقعة المساحة المزروعة بالزيتون، ومن أشهر الأنواع "التمراني" أو "الدعيبلي" حيث يختلف الاسم من منطقة لأخرى وهذا النوع هو الأشهر والأكثر انتشاراً، ويليه "الخضراوي" وهو صغير الحجم متطاول، ثم "الصفراوي" المميز بكمية الزيت داخله.
وهناك أنواع من "ثمر الزيتون" اٌقل انتشاراً وهي "النهري" بشكله العنقودي و"الخشّابي" بشكله الضخم غير المتناسق و"الشامي" الكبير الحجم والمتطاول، وأخيراً "الزيتون الهجين" الذي يتميّز بإنتاجه السريع والكبير، وأي أنواع أخرى قد توجد فهي محدودة وليست حالة عامة».
وفي الوقت الذي يجهّز فيه الناس لقطف "الزيتون" تعمل "مكابس الزيتون" على التحضير أيضاً لاستقبال الموسم الجديد، وعن هذا الجانب يقول السيّد "ماير شاليش" صاحب أحد "المكابس": «يقوم الناس عادةً بالتقاط الزيتون الساقط لوحده عن الشجرة والذي مضى عليه فترة على الأرض، ويسمى "عرجوم"، حيث نقوم بكبسه أولاً حتّى لا يختلط مع الثمار المقطوفة حديثاً، حيث أن زيتها يختلف عن زيت "عرجوم"، ومع انتهاء كبس "العرجوم" يبدأ دور الزيتون المقطوف، أما عن نسبة الزيت في الثمار فتختلف باختلاف طبيعة الأرض واختلاف العناية بالشجر كذلك فترة القطف هل سبقت هطول المطر أم جاءت بعده».
وعن الثمار التي يتم حفظها وأكلها مع الطعام يُخبرنا الشاب "رائد محمّد"- صاحب محل لبيع "حب الزيتون" خلال شهر الموسم، عن عمله بالقول: «أبيع هنا الأنواع التي تستخدمها السيدات للتخزين، وهذه الأنواع تتميّز عن بعضها بخصائص في الحجم والشكل والطعم فهناك "الخضراوي" المفضل للتخزين لأنه مقاوم للاهتراء، في حين أن "الدعيبلي" الكبير الحجم والأقل مقاومة للاهتراء، يُخزّن لشهرين أو ثلاثة فقط، وهناك زيتون "أبوشوكي" المطلوب في المطاعم، لكبر حجم ثماره، و"التفاحي" المستخدم لنفس الغرض، ويبقى "الشامي" الكبير الحجم والمتطاول والذي يُفرّغ من بذرته لتوضع فيه حشوة شبيهة بحشوة "مكدوس الباذنجان"».
في القديم كانت السيدات تضرب "حبة الزيتون" بحجرة صغيرة قبل حفظها أما الآن فهناك "رصّاصات آلية" لتقوم بهذا الغرض يقول عنها السيّد "علي شاليش" أحد العاملين في "مكبس للزيتون": «هذه الآلة تقوم على محور يلتف آلياً على محور آخر مسببا هرس الثمرة قليلاً، وهي طريقة سريعة تُنجز 32كغ في خمس دقائق، وقد وفّرت هذه الآلة على النساء كمّاً هائلاً من التعب- حيث كانت هذه المرحلة من اختصاص النساء غالباً».