لاعب مشاكس يستفز الخصوم ويشوش عليهم بحركاته البهلوانية وأسلوب لعبه المغامر، يمتلك مهارات فردية عالية وقدرات فنية وتكتيكية في أرض الملعب تجعله ضمن حسابات مدربيه ومدربي خصومه. يحظى باحترام كبير من قبل الجماهير ومحبة نادرة يفخر بها كما يفخر بأنه لعب للمنتخبات الوطنية بكل فئاتها وحافظ على مكانته في ناديه الأم "جبلة" لحوالي عشرين عاماً.
تميز عن زملائه بأنه لم يلعب في سورية إلا لنادي "جبلة" الذي وقع له سابقاً طوال حياته وحصد معه أرفع البطولات المحلية وأهمها، مركزه في خط الدفاع لم يمنعه من تسجيل العديد من الأهداف الحاسمة كان أهمها هدفه في مرمى "الجهاد" نال به "جبلة" بطولة الدوري وهدف ضد "الشرطة" حمى ناديه من الهبوط.
إنه لاعب يستحق الاحترام على مسيرته الناجحة كنت اتمنى لو انه حافظ على نفسه واستمر في اللعب لفترة أطول لكنه وعلى ما يبدو اختار الخروج بنفس الصورة التي حفظها الجمهور مرفوع الرأس وهذا خيارٌ نحترمه
موقع eLatakia التقى نجم الكرة السورية وكابتن فريق "جبلة" المعتزل "خالد جاديا" وفتح معه حديث الذكريات وتنقل معه خطوةً خطوة كاشفاً خفايا مسيرته الرياضية بصعوباتها وعقباتها ومواطن الجمال والسعادة فيها، ولكي يشتمل حديثنا على كل المراحل طلبنا منه أن يبدأه لنا من الخطوة الأولى أو ما يحب تسميتها "ذكريات مارادونا الصغير" التي حدثنا عنها قائلاً: «في صغري لقبت بمارادونا الصغير وفي الكبر لقبني الصحفي المخضرم "فايز وهبي" بالظهير العصري للكرة السورية فأحببت اللقبين كل واحد في مرحلته وسعيت لكي أحفاظ عليهما خلال مسيرتي المتواضعة التي بدأت بين أزقة وحارات "جبلة" أتلاعب بالكرة وتتلاعب بي بطريقة عشوائية قبل أن أعرف أن هناك فرقا وأندية ومجموعات منظمة تلعب الكرة وتتنافس من اجلها فأردت التعرف على ذلك عن قرب وأصبحت كل يوم أتوجه إلى ملعب "جبلة" أتابع تمارين اللاعبين وألم الكرات لهم وأتعلم منهم وأستمتع بمشاهدتهم، علاقتي اليومية بالكرة جعلت أدائي يتطور في سن صغير فكنت مطلباً لفرق المدارس والأحياء الشعبية وكنت لاعباً أساسياً في كل المباريات، لكن اهتمامي بكرة القدم وشغفي بها أزعج والدي الذي طالبني بهجرتها والتفرغ للدراسة أو الذهاب للعمل وقال لي كلاماً لا أنساه في حياتي عرفت متأخراً مدى صحته "الرياضة لا تطعمك خبز ونحن أسرة لا تأكل في اليوم الذي لا تعمل فيه"، معارضة والدي الحبيب قابلهاً دعمٌ لا متناه من المصور "غسان عتال" وهو شخص مهتم بالكرة ويحب من يلعبها فأخذ على عاتقه مهمة تأمين معظم متطلباتي وراح يصورني ويقول لي ستصبح لاعباً في منتخب "سورية" قريباً ولكن إياك أن تتسرع».
دخوله إلى نادي جبلة كان من بوابة الكابتن "أحمد شلبي" الذي أعجب به وأخذه معه إلى النادي لتكون المفاجأة التي يروي تفاصيلها "الجاديبا" قائلاً: «وجودي الدائم في نادي "جبلة" قربني من اللاعبين وجعلني أحظى باهتمامهم ورعايتهم الكريمة التي وصلت إلى درجة أن الكابتن "أحمد شلبي" كان يأخذني معه إلى النادي ودعاني في إحدى المرات لمشاركتهم بعض التمارين الجانبية فهرعت إليه مسرعاً لألعب إلى جانب عمالقة الكرة السورية "روميو اسكندر، راغد خليل، محمد قيصر، مناف رمضان، عمار إزمرلي" صحيح أن مهمتي كانت وقتها الحصول على الكرة وهي مهمة صعبة أمام لاعبين كهؤلاء لكنها مهمة رائعة في وقتها خاصةً عندما كنت أسمع قائد السفينة الجبلاوية في تلك المرحلة الكابتن "رفعت الشمالي" وهو يقول لي: أيها الصبي أكبر بسرعة نحن بانتظارك».
مهارات "الجاديبا" فرضته أساسياً في تشكيلة ناشئي "جبلة" من اليوم الأول وهو يتحدث عن القفزات النوعية التي حدثت في مسيرته قائلاً: «دعيت للعب مع ناشئي "جبلة" وأشركني المدرب "أحمد يوسف" في أول مباراة ضد "الوثبة" في "حمص" وتمكنت من تسجيل هدف فريقي الوحيد في المباراة ومع ذلك كانت فرحتي ناقصة لخسارتنا بهدفين مقابل هدف، لم تطل فترة لعبي لفريق الناشئين ورفعت بسرعة إلى فريق الشباب الذي ضم جيلاً رائعاً من اللاعبين الذين لم يستمروا "أيمن هلو، فراس فران، غياث محفوض" وقدمنا مع بعضنا البعض أداءً رائعاً تحت إشراف المدرب "عبد الحميد الخطيب" ومن بعده "أحمد البشلاوي".
قفزت مسرعاً إلى فريق الرجال وأنا مازلت في عمر الشباب وما هي إلا أيام حتى تلقيت دعوةً للانضمام إلى المنتخب الوطني للشباب الذي سيشارك في بطولة آسيا ولعبت ضد "قطر واليابان والهند" وحققنا نتائج إيجابية أهلتنا إلى الأدوار المتقدمة وكنا على بعد خطوة من كأس العالم لولا خسارتنا الظالمة أمام الصين، من اللاعبين الذين كانوا معي في صفوف المنتخب "سامر سعيد، ياسر جركس، ينال أباظة، علي خليل، مهند شيخ ديب، محمد بودقة، مصطفى حمصي، سيد بيازيد، زياد شعبو، سليم جبلاوي".
استفدت كثيراً من تجربة المنتخب وارتقى أدائي بشكل لافت بعد الخبرة التي اكتسبتها وثقة المدرب اللامتناهية بأدائي وإمكانياتي وحظيت بإعجاب مدرب المنتخب الأولمبي حينها "أنور عبد القادر" ودعاني للمشاركة في تصفيات الأولمبياد وقدمت كل ما امتلك من قوة مع زملائي لكن شاءت الأقدار وخسرنا أمام "الكويت" بهدفين لهدف وحرمنا من التأهل».
بدأ "الجاديبا" حياته الرياضية مهاجماً لكنه عاد مكرهاً إلى الدفاع وأمضى مسيرته مدافعاً دون أن يشعر وهو يتحدث عن سبب تغيير مركزه قائلاً: «لعبت في البدايات مهاجماً وكنت أتميز بقدمي اليسرى وفي موسم "1996، 1997" كنا نلعب ضد "الكرامة" فأصيب الكابتن "وائل حاج عبيد" الذي لم يكن له بديل له مما اضطر المدرب لتغيير خطته وإعادة توزيع الأدوار فأشرك الكابتن "ماهر قناديل" عوضاً عنه في مركزه وأعادني إلى الخلف لكي أغطي غياب القناديل في مركز "باغ شمال" ونجحت في هذا المركز وقدمت مباراة رائعة وأخذ نجمي يتصاعد في هذا المركز مباراةً بعد أخرى واستطعت أن أحقق معادلتي الدفاع والهجوم وأن أصنع الأهداف وأسجلها وأدافع عن مرمى فريقي ببسالة مما دفع الصحفي "فايز وهبي" ليطلق علي لقب "الظهير العصري للكرة السورية" وهو لقب مازال يلازمني.
وخلال إحدى المباريات شاهدني مدرب منتخبنا للرجال الكابتن "بوجيدار" فأعجب بأدائي ودعاني إلى صفوف المنتخب فاستجبت رغم أنني كنت متوجهاً إلى "مصر" مع فريقي "جبلة" للمشاركة في بطولة هناك وحضرني خلال "15" يوماً لكي أكون أساسياً في تشكيلته لكن ما كان شائعاً في تلك المرحلة أن الأولوية في اللعب تكون للاعبي فريق "الجيش" الذي كان دائم المشاركات الخارجية فبقيت على مقاعد البدلاء رغم قناعة المدرب بأحقيتي في اللعب وأشرك المدرب أحد زملائي لكن الجماهير السورية لم يرق لها ما حصل وارتفعت الأصوات على المدرجات تقول "جاديبا ياعصري العب العب يا أصلي" فاستجاب المدرب لنداءاتهم وعدت إلى التشكيلة الأساسية التي بقيت فيها طويلاً وشاركت بأكثر من خمسين مباراة دولية لكنني لم أسجل أهدافاً لأن طريقة لعبنا كانت "3،5،2" وهي طريقة تكون مهامي فيها دفاعية أكثر مما هي هجومية صحيح أن المدرب كان يطالبني بالتقدم لكنه كان يؤكد انه عليَّ العودة مسرعاً وعدم المجازفة لعدم وجود من يملأ الفراغ في مكاني».
حقق الجاديبا مع ناديه الأم "جبلة" ما يشتهيه أي لاعب في الدوري السوري فمن لقب إلى آخر ومن بطولة إلى أخرى وكان لها بصماته الخالدة التي حدثنا عنها بالقول: «حققت مع نادي "جبلة" بطولة الدوري وبطولة كأس الجمهورية وبطولة المحبة وبطولة الوفاء لكن دائماً هناك بطولات لا تنسى وأهداف لا يمحوها الزمن ولي مع الماضي حكايات خالدة يأتي في مقدمتها حكاية هدفي على "الجهاد" في موسم "1999، 2000" الذي كنا نتنافس فيه مع ناديي "حطين وتشرين" على لقب الدوري وأمامنا هذه المباراة إذا فزنا ظفرنا باللقب فأكرمني الله بركلة حرة مباشرة تصديت لها باتقان وأودعتها في المرمى هدفاً حمل معه لقب الدوري الرابع لجبلة في تاريخه.
بعد هذه البطولة هبط مستوانا كثيراً لاعتزال وغياب بعض اللاعبين وعدم وجود البدلاء فأصبحنا مهددين بالهبوط إلى الدرجة الثانية وكان لدينا مباراة أمام "الشرطة" لا بديل فيها من الفوز في موسم "2002، 2003" وأتى الفوز بأقدامي بعد تسجيلي هدف الفوز».
اشتهر "الجاديبا" باستفزاز الخصوم وهي مهمة لطالما أوكلها إليه الجنرال "رفعت الشمالي" ويتحدث "الجاديبا" عن هذه المهمة قائلاً: «عندما كنت في البدايات قال لي "أحمد شلبي" إذا أردت إرهاق الخصوم عليك أن تستفزهم في أرض الملعب وتوترهم بأسلوب رياضي خالص معتمداً على المهارات والأسلوب الفني البعيد عن الخشونة" دخلت هذه المقولة في "دماغي" وسعيت لتطبيقها ونجحت في ذلك مما دفع المدرب "رفعت الشمالي" إلى إيلائي مهمة استفزاز الخصوم والتلاعب بالمهاجمين في نصف ملعبنا وهي مهمة صعبة الخطأ فيها غير مسموح ومع ذلك أخطأت خلال إحدى المباريات التي طالبني فيها الجمهور بإمتاعه ونادوني "جاديبا متعنا" فأخذت أستعرض بالكرة وأقوم بحركات بهلوانية وأتلاعب بمهاجمي الخصم من على زاوية الركنية على إثر ذلك صفق لي جمهور الخصم لكن لا تسلم الجرة دائماً، وأثناء المباراة قمت بحركة استعراضية فأمسك بي اللاعب بيده وأخذ مني الكرة فلحقت به لآخذها فقام بالتمثيل والوقوع داخل الجزاء وحصل على ركلة جزاء جاء منه هدف جعلني أمتنع عن الاستعراض في المنطقة المحرمة وإبقاء نشاطاتي على الأطراف».
تلقى الظهير العصري العديد من العروض الاحترافية خلال مسيرته وهو يقول عنها: «لم أحب يوماً أن ألعب خارج "جبلة" لكن ظروف الحياة تجبرك على البحث عن الفرصة التي جاءت بعد مباراتنا ضد نادي "الكويت الكويتي" في كأس الإتحاد الآسيوي فخلال المباراة أعجب بي مدرب "الكويت" وكان مدرباً لمنتخب "يوغوسلافيا" في نفس الوقت وطلبني لكي أكون ضمن صفوف ناديه لكنهم رفضوا الاستغناء عني في "جبلة" وخسرت الفرصة الذهبية التي عادت بمستوى أدنى في موسم "2005" حين تلقيت عرضاً من نادي "أبو ظبي" ولعبت معهم موسماً كاملاً عدت بعده إلى "جبلة" الذي كان بأمس الحاجة إلي».
أسئلة سريعة.
** تدريبياً الكابتن الجنرال "رفعت الشمالي" وكلاعبين "احمد شلبي" وحظيت بدعم الهداف التاريخي "مناف رمضان".
** "غسان معتوق" و"مهند الشيخ ديب".
** "عبد الله مندو" و"محمد عطار".
** الكابتن "خالد حوايني" وهو أسرع لاعب في تاريخ الكرة السورية.
"مالك شكوحي، عبد القادر عبد الفتاح، أكرم علي، محمد غندور، بهجت نصور، مناف رمضان، علي موسى، أيهم الشمالي، فراس خليل، مروان طاهر، خالد حوايني، سامر السابق، وائل حاج عبيد، ماهر قناديل ،خالد حوايني، أيهم بدور، حسن حميدوش، أحمد رحمون، عمار الشمالي".
* متى لعبت لجبلة أول مرة؟
** في موسم "1993"
** ضد "الفتوة"
* وآخر هدف؟
** ضد الوحدة.
* أجمل أهدافك؟
** ضد "الشرطة" على الطاير وضد الحرية في الدقيقة "94" من ركلة ركنية وقبل هذه المباراة قالت لي والدتي لقد حلمت بأنك سجلت هدفاً.
** اعتزلت كرة القدم مع نهاية الموسم الماضي لأنني مللت اللعب في نادي "جبلة" ولم أعد أشعر بوجود رغبة بي فقررت الاعتزال مرفوع الرأس وإقامة كرنفال لاعتزالي.
* متى كرنفال اعتزالك؟
** في الثالث والعشرين من شهر تشرين الأول 2010.
** سيشارك فيها نخبة من نجوم الفن والرياضة "دريد لحام، سامر المصري، وفيق حبيب، ربيع الأسمر، ثائر العلي، محمد مجذوب، فائق عرقسوسي" و"عمار ريحاوي، وائل عقيل، بهجت نصور، مناف رمضان، علي موسى، ينال أباظة، نادر جوخدار، عبد الله مندو، بشار سرور، وليد الناصر، علم كناني" وكلهم جاؤوا محبةً لخالد جاديبا.
** للاعب الناشئ "أحمد الشمالي".
* موقف لا تنساه؟
** لعبت مباراة مع فريق الشباب في القامشلي على إثرها نمت على بلكونة المنزل ووالدي لم يسمح لي بالدخول رغم إلحاح والدتي.
قالوا في "خالد جاديبا":
زميله السابق في فريق "جبلة" اللاعب "محمد غندور" قال عنه: «لاعب ناضج يحفظ مركزه، لعب بإخلاص للكرة وتفوق على نفسه بدنياً فعلى الرغم من انه لاعب قصير إلا أنه كان لاعباً ماكراً يعرف كيف يستفز الخصوم ويعرف كيف يجب أن يسيِّر المباراة من موقع الكابتن، كنت أتمنى عليه لو قبل العروض التي تلقاها ولعب خارج أسوار نادي جبلة».
مدرب فريق "مصفاة بانياس" الكابتن "عمار الشمالي": «قبل قدوم الجاديبا إلى نادي "جبلة" كان هذا النادي يعاني من ضعف واضح في الجهة اليسرى فأتى الجاديبا وملأ الثغرة دفاعياً بحنكته وهجومياً باختراقاته الخطيرة وأعطى نكهة كوميدية خالصة لأدائه وكان كلما لمس الكرة جعل الجماهير تترقب الحركة المضحكة التي سيقوم بها».
الصحفي المتابع للكرة السورية عموماً والجبلاوية خصوصاً "علاء محمد" قال: «جاء إلى "جبلة" في منتصف التسعينيات تقريباً وهي فترة نهاية الجيل السابق وكان برفقته حينها حوالي تسعة لاعبين لكنه تمكن من التفوق عليهم وإثبات جدارته بسرعة وحجز مركزاً أساسياً مع المنتخب في نهائيات آسيا "1996"، لعب للمنتخبات الثلاثة "شباب، أولمبي، رجال" ونجح مع المنتخبات الثلاثة كما نجح مع ناديه وحصد معه لقبي الدوري والكأس وكان أفضل لاعب فيه خلال عشرة المواسم الأخيرة».
مدرب "جبلة" الكابتن "توفيق مكيس" قال: «إنه لاعب يستحق الاحترام على مسيرته الناجحة كنت اتمنى لو انه حافظ على نفسه واستمر في اللعب لفترة أطول لكنه وعلى ما يبدو اختار الخروج بنفس الصورة التي حفظها الجمهور مرفوع الرأس وهذا خيارٌ نحترمه».