هناك من الخيّرين من رفعوا شعار الخير والمحبة بين الناس، وساروا على ذاك النهج، ولأنّ التاريخ شاهدٌ وحافظٌ لرجالاته نذكر منهم الشيخ "حسين الحجي" من شيوخ "بني سبعة" صاحب علامة الامتياز في ذلك.
موقع eHasakeh زاره في منزله بمدينة "القامشلي" وكان حديثه الأولي عن نشأته فقال: «بداية نشأت في قرية "أبو توينة" التابعة لناحية "تل حميس"، والتي تبعد 30 كم عن مدينة "القامشلي" من عشيرة "بني سبعة"، وعملت في الزراعة، وترعرعنا على نشر رسالة الخير والمحبة بين أبناء المنطقة أيّاً كان جنسهم، أو عرقهم، ولا نبخل في الدعم المادي والمعنوي في سبيل ذلك».
رسالة المحبة والخير هي رسالة سامية، والقادر عليها يجب عليه فعل ذلك، وما نقوم به أحياناّ جزء من تلك الرسالة، ويجب ألاّ يقتصر ذلك على مساعدة المحتاجين والفقراء، بل لأبعد من ذلك، وأقصد دعم المقاومة في لبنان وفلسطين وجميع عناوين الحق المشروع قدر المستطاع
ما سمعناه وشاهدناه عن أعماله الطيبة الثمينة، ودفع أمواله في سبيل ذلك يستحق الذكر عن ذلك يحدثنا: «رسالة المحبة والخير هي رسالة سامية، والقادر عليها يجب عليه فعل ذلك، وما نقوم به أحياناّ جزء من تلك الرسالة، ويجب ألاّ يقتصر ذلك على مساعدة المحتاجين والفقراء، بل لأبعد من ذلك، وأقصد دعم المقاومة في لبنان وفلسطين وجميع عناوين الحق المشروع قدر المستطاع».
عرف عن الشيخ تقديمه المساعدة لكافة أبناء المحافظة وفعالياتها حتى الرياضية منها فعن الدعم الذي يقدمه لرياضيي المحافظة يقول: «تعتبر الرياضة متنفسا حقيقيا لجميع بقاع العالم، ومنها مدينة "القامشلي" لذا كان من الضروري تضافر الجهود لدعمها بكافة الوسائل، ورياضة المدينة متمثلة بنادي "الجهاد" صاحب السجل العريق والرافد القوي للمنتخبات الوطنية سابقاً، فكان العهد بإعادته للواجهة ودعمه كل حسب موقعه، وقدرته، وها هي بوادر إشراقاته تظهر من جديد».
وعن بصماته في تحقيق التآخي بين العشائر وتحقيق مصالحها قال: «نسعى دائماً لنشر لغة المحبة بينهم، ونقوم على وجه السرعة بتطويق الخلاف الذي ينشب أحياناً بين العوائل والعشائر، وذلك بتقريب وجهات النظر من خلال زياراتنا المتكررة، ويكون هناك تجاوب من الجميع لأفكارنا، وتقبّل لزيارات وجهاء العشائر في حل الخلاف، والذي يحدث غالباً نتيجة تقاليد وأعراف بالية، ونحاول بترها بكافة الوسائل، ولا يهم المال الذي يصرف في سبيل ذلك بقدر ما يهم الخير والسلام».
للشيخ بصمة واضحة في حل الكثير من المشاكل العشائرية المستعصية، فحدثنا عن بعضها قائلاً: «نشب خلاف بين إحدى العشائر في المنطقة، وكانت نتائجها سلبية نوعاً ما من حيث القتل والتشريد وتشنج النفوس فبعد جهد كبير، وأيّام عصيبة نزعنا فتيل الدم، فتصافت القلوب، وتعانقت الصدور، وكانت سعادتنا جميعاً كبيرة بهذا الصلح. وأذكر أيضاً خلافا آخر بين عشيرة بني سبعة، فقطعنا أشواطاً كبيرة في إعادة الوئام وتحقق ذلك بفضل الله، وجهود الخيّرين، وتحقق الصلح».
وما الصفات التي يجب أن يتحلى بها المصلح؟
«أولها الذكاء، والاستقامة وعدم الانحياز، والبعد عن المغريات وخاصة المادية فالقصد من عملنا كسب مرضاة الله تعالى وثقة الناس بنا، وأيضاً عليه أن يكون مطلعاً على العادات والتقاليد التي تخصّ منطقة النزاع، إضافة إلى إلمامه بالأحكام الشرعية التي تساعده في عمله، وأن يتصف بالحلم وعدم الانتصار للذات وألا يفرق بين طبقة اجتماعية وأخرى أي ألا يعمل بمقياسين».
وعن طبيعة عمل المحكّم قال "الحجي": «أولاً فريق العمل الذين يشكّلون مجموعة من المحكمين الاجتماعيين يجب أن يكونوا فريقاً واحداً وإن كان اختيارهم من قبل طرفي النزاع، (حيث يعيّن كل طرف أشخاصاً من قبله) ولكن ذلك لا يعني أبداً أن ننحاز إلى الطرف الذي طالبنا بأنّ نمثله، حيث نستمع لأقوال الطرفين بمعزل كلّ طرف عن الآخر ونناقشهم في أقوالهم، ثمّ يطلب إليهم أن يوقعوا على صكّ يسمى "صكّ تحكيم" ويذكر في هذا الصك أسماء طرفي الخلاف مفصلاً من البطاقة الشخصية، وأنهم اختاروا لجنة تحكيم مؤلفة من فلان وفلان راضين ملتزمين بما تقره وتجمع عليه مهما كانت النتيجة، ثمّ تجتمع اللجنة بعيداً عن طرفي النزاع وتناقش المسألة في ضوء المعطيات، وتحدد الهدف بعد مناقشة الأمور، حتى يتمّ التوصل إلى رأي واحد يدوّن تحت اسم قرار لجنة التحكيم ويوقّع من قبل كافة أعضاء اللجنة، ويعتبر في العرف الاجتماعي أنّ من المعيب أن ينسب أحد أعضاء اللجنة إلى نفسه موقفاً لمصلحة من كلّفه إذ يعتبر قرار اللجنة موقفاً لمصلحة قرار كلّ واحد فيها، وأيضاً من المعيب جداً أن يقبل أحد المحكّمين أيّ مبلغ مالي حتى ولو كان هديةً بسيطة، ويعتبر قرار هذه اللجنة ملزماً للطرفين».
ما الأمور التي تستندون إليها في الحل؟
«أولاً الأثر المترتب على الخلاف، الوضع الاجتماعي، الوضع المالي، الوضع الرسمي ويقصد به إسقاط الحقوق الشخصية والدعاوى المقامة من قبل كلّ طرف على الطرف الآخر تحت مبدأ تقديم كل ما ينفع الطرف الأول على ألا يلحق ضرراً بالطرف الثاني، ويتم ذلك وفق استشارة قانونية من قبل محامي الطرفين».
وكان لصديق دربه "يوسف حمّاد الحسون" شهادة حق به فقال: الشيخ "حسين الحجي" مشهود له بالخير والتواضع وحب الإخاء من جميع أبناء وطوائف محافظة "الحسكة" وهو يناضل في سبيل إصلاح المجتمع منذ نشأته الأولى، وتغذى على المساهمة المادية والمعنوية في حل القضايا، والقضاء على بعض الأعراف السيئة، فأخلاقه الحسنة شيمته، وكرمه اللامحدود عنوانه، بالإضافة إلى أنه منتج زراعي من الدرجة الأولى، ويسعى دوماً لتعميق وترسيخ اللوحة الوطنية».