تعد تربية أسماك الزينة من اللمسات الجمالية الخلابة في حياة الكثير من الأشخاص الذين يتمتعون بحس مرهف وتأمل في إبداع الخالق والرغبة في إضفاء لمسة جمال طبيعية ملونة هادئة بعيدا عن صخب الحياة ومشكلاتها.
ولعل أكثر المشكلات التي تواجه الأشخاص الهواة والمحترفين أن المعلومات المتوافرة عن هذا المجال قليلة وبعيدة عن الواقع والتطبيق، وهو ما دعا العديد منهم إلى عدم إدراك متعة هذه الهواية بسبب عدم قدرتهم على مسايرة العقبات في الواقع العملي، عالم صغير يضم في جنباته الكثير من الأسرار لمعرفة المزيد عنه، توجه موقع eAleppo إلى منطقة "أقيول" والتقى السيد "عبد الرزاق محو" أحد العاملين في مجال بيع أسماك الزينة الذي حدثنا بداية عن أصناف أسماك الزينة وأنواعها فيقول: «تعتبر تربية أسماك الزينة من الهوايات التي يتصف فيها الهاوي بالذوق بالإضافة إلى الهدوء، وتربية أسماك الزينة ليست مجرد هواية بل هي علم له أسسه وتطبيقاته فهي ليست علماً جامداً يتعامل بالنظريات المجردة بل علماً تتحسسه وتعيشه».
منهم من يفضلون الأسماك المحلية عن الأجنبية بحيث في معظمها تتلون بألوان برتقالية على غير الأسماك الأجنبية التي تتلون وبألوان مختلفة، بحيث يكثر الطلب على أسماك "الكوبي"، "الكولدفيش" وهي من الأنواع المحلية
وأضاف: «من الضروري أن يلم مربو الأسماك ببيئتها ومعرفة ما تحتاجها من أمور لكي تتكاثر، فالأسماك تعيش في أماكن مختلفة من العالم، وباختلاف المناطق تختلف ظروف معيشتها، وإن أسماك الزينة التي تربى في البيوت لها تأثير نفسي على الشخص، الذي ينظر إليها فإنها تمنحه الهدوء الذي قلما يجده في حياته اليومية».
قياسات الحوض المفضلة
وعن المواصفات الفنية لحوض الأسماك وقياساته المتنوعة أجاب: «هذا تابع لمستوى الطبقات الاجتماعية التي تهوى الأسماك، ولكن أكثر الطلب تكون على الأحواض المتوسطة التي يتراوح حجمها ما بين / 60 ـ 100 / سم، بحيث يتسع لثلاثة أزواج من الأسماك الكبيرة وعشرة أزواج من الأسماك الصغيرة إن كان حجم الحوض /60/ سم وإن كان /100/ سم، فإنه يوضع /20/ زوج من الأسماك الصغيرة وستة أزواج من الأسماك الكبيرة، ويجب الحرص على أن يكون الحوض مصنوعاً من الزجاج فقط لأن البلاستيك يؤدي إلى تجمع البكتيريا عليه مما يسبب خطر على حياة الأسماك».
فلتر الهواء والتصفية
رغم تمكن الأسماك من العيش بداخل الماء إلا أنه يجب على كل من يمتلك حوضاً أن يؤمن الهواء بداخل الحوض وعن هذا يضيف: «دور الفلتر هو في تأمين الهواء إلى داخل الحوض وتنقية الماء أيضاً، لأن السمك وبجميع الأحوال لا يستطيع العيش بدون الهواء سواء أكان بداخل الحوض أو على سطح الماء، ومعظم الأسماك التي تربى في الأحواض هي أسماك نهرية على عكس الأسماك البحرية التي يجب أن تؤمن لها حرارة مناسبة ودرجة ملوحة تناسب درجة ملوحة البحر التي تعيش فيه، إضافة إلى ذلك حينما يقوم شخص بتعبئة حوض الأسماك من صنبور الماء الذي نشرب منه يجب عليه أن يترك الحوض بدون أسماك لمدة /24/ ساعة لكي تصبح ماء الحوض قديمة ويتخلص من مادة الكلور المضافة لماء الشرب وتتشكل في الماء أيضاً نسبة من البكتيريا، بذلك تصبح ماء الحوض قريبة من ماء النهر».
سخّان الحرارة
إن لكل سمك طبيعة قد اعتاد عليها في عيشه، منه يعيش في درجة حرارة عادية والبعض الآخر يعيش في درجة حرارة مرتفعة ومن بين تلك الأنواع حدثنا "محو": «خصوصاً إن كانت الأسماك مستوردة فإنها تحتاج إلى درجة حرارة معينة والتي يؤمنها السخان ومن بينها الأسماك المستوردة من "تايلاند" أو "ماليزيا"، ولكن الأسماك التي تولد في بيئتنا لا تحتاج إلى السخان لأنها وبطبيعة الحال متأقلمة على تلك الحرارة، حيث يجب أن تكون درجة حرارة الماء /28/ مئوية وبشكل دائم سواء أكان الطقس صيفاً أو مساءاً وتساعد هذه العملية على تهيئة الجو الخاص للسمك».
مواصفات أسماك الزينة وأمراضها
لا تختلف الأسماك النهرية عن الأسماك البحرية في تنوعها فهناك أسماك مفترسة وأسماك أليفة في كلا النوعين وحول هذا يضيف: «بعض الناس لا يستطيعون التمييز بين الأسماك المفترسة والأليفة وهنا يقع على عاتق البائع أن يرشدهم إلى ذلك ومن بينها تلك الأنواع التي تدعى بأسماك "البارون" التي تلتهم أسماك "الإنجل" حتى وان كانت الأسماك الأليفة أكبر حجماً من الأسماك المفترسة فمن الخطأ أن يتم الجمع بينهم، فالأسماك المفترسة تتمتع بقوة أكبر من غيرها وتستطيع أيضاً أن تتحمل زيادة برودة ماء الحوض أو نقص كمية الأوكسجين منه، علاوة على ذلك هناك من الأسماك التي تصاب بالأمراض ومنها إصابة تدعى بـ "الفطر" التي تظهر في بداية فم الأسماك لينتقل بعدها إلى كامل أجزاء جسمها، إضافة إلى مرض "الهريان" الذي يكثر في فصل الخريف حينما يتبدل الجو على السمكة، من عوارضه اختفاء زعانف السمكة حينما تتآكل رويداً رويداً وتصبح السمكة بدون أية زعانف، وهناك إصابة ثالثة وتدعى بـ "التهابات الداخلية" حيث تظهر على الماء بقع بيضاء وهذا ناتج عن إصابة السمك بتلك الالتهابات، إضافة إلى مرض "الديدان" الذي يصيب جلد السمكة مما يضطرها إلى حك جلدها ببحصات الحوض وباستمرار، تلك أشهر أنواع الإصابات التي يمكن أن تصاب به أسماك الزينة».
ويتابع بالقول: «هناك من الأسماك التي تحب العيش بجانب النبات وهي من أنواع سمك "الديسكوس" حيث يحتاج إلى خشبة أمازونية لكي يحصل على الحموضة المناسبة من تلك الخشبة وإلى ضرورة توفير إضاءة خافتة وهذا النوع من الأسماك يعيش في نهر الأمازون بحيث يجب توفير جو شبيه بذلك النهر، هذا النوع من النبات إضافة إلى أنواع أخرى فإنه يحتاج إلى درجة حرارة تصل إلى /20/ درجة مئوية قد يتعارض أحياناً مع نوعية الأسماك ومدى حاجتها لتلك الحرارة فمثلاً إن سمكة "الديسكوس" تحتاج إلى درجة حرارة /30/ مئوية وهذه الدرجة عالية جداً بالنسبة للنبات الذي يحتاج فقط إلى عشرين درجة مئوية وإن ارتفعت أكثر يموت النبات وبهذا الشيء تتعارض أحياناً درجة الحرارة المناسبة للنبات مع درجة الحرارة التي تحتاجها أسماك الزينة».
طعام السمك وأهمية الطحالب في الأحواض
هناك عدد من أنواع الطعام الذي يتغذى السمك عليه ومن بينه حدثنا عنها "محو" بالقول: «طعام يسمى "قريدس" وأيضاً "الدود المجفف" وهناك حبوب تتم إضافتها على سطح الماء في كل يوم مرة واحدة وإن زادت تلك النسبة يمكن أن تؤدي إلى موت السمكة في أكثر الأحيان، هناك أيضاً من يساعد الأسماك على تأمين الطبيعة المشابهة للطبيعة التي ولدت فيها وهي الطحالب حيث تعطي للأسماك مجموعة من البكتيريا التي تبنى على الحوض التي يحتاجها وبنسبة لا تتجاوز /20/ بالمائة وإن زادت على تلك النسبة فهناك سمك اسمه "الباستيكموس" يقوم على التهام مادة البكتيريا وهي عبارة عن مجموعة نشطة من الأنزيمات تتشكل في المياه لتزيل الروائح الكريهة من أحواض الزينة وتساهم في التخفيف من انتشار أمراض السمك».
تهوية أحواض الزينة وتنظيفه
تساعد الفلاتر الموجودة في الأحواض على عملية تهوية الحوض وتنظيفه وعن تلك العملية قال: «إن تبديل ماء حوض الأسماك ضروري جداً وخصوصاً عند كل شهر مرة واحدة إن كان هناك فلتراً للتصفية وإن لم يكن فيجب تبديل ماء الحوض في كل يوم مرة واحدة لأن ماء الحوض يفقد الأوكسجين منه بسبب احتياج الأسماك لكمية من هواءه ناهيك عن الثقل الذي يتعرض إليه الماء جرّاء البروتين الموجود في طعام السمك فيأتي دور الفلتر بالتصفية والتهوية عندما يأخذ الهواء من الأنبوب ليضخه ثانية في الحوض فتظهر على شكل فقاعات في داخل الماء، وبعض الأشخاص يرتكبون خطأ فادحاً حينما يرشون ملطفات للجو في الغرفة ظناً منهم أنهم يطردوا رائحة الحوض من الغرفة ولكن تلك العملية تتسبب في مخاطر كبيرة حيث يموت السمك من تلك الرائحة حينما يقوم الفلتر بسحب هواء الغرفة ليضخه داخل الحوض منها يستنشق السمك تلك الرائحة والتي تحتوي على نسبة من المواد الكيميائية والكحولية فتؤدي في النهاية إلى موت أسماك الزينة ».
أذواق أهل "حلب" لأسماك الزينة
نظراً لتوفر أنواع عديدة من أسماك الزينة منها ما هو محلي ومنها ما هو أجنبي وحول هذا الموضوع أجاب: «منهم من يفضلون الأسماك المحلية عن الأجنبية بحيث في معظمها تتلون بألوان برتقالية على غير الأسماك الأجنبية التي تتلون وبألوان مختلفة، بحيث يكثر الطلب على أسماك "الكوبي"، "الكولدفيش" وهي من الأنواع المحلية».
ومن بين المولعين بأسماك الزينة والتي فضّلها على مشاهدة التلفاز التقينا السيد "حسام حميد" ليحدثنا عن هوايته لأسماك الزينة فيقول: «أحببت أسماك الزينة، فهي تعطي الهدوء والسكينة وخصوصاً إن كان الإنسان مرهقاً من عمله فتأتي تلك الأسماك لتعطيه شعور بالارتياح لما لها من جمالية مريحة، فأسماك الزينة التي أملكها تدعى "أروانا"، "الشبح" و"الببغاء" حيث أنني أجلس لساعات أمام حوض السمك وأفضله عن مشاهدة التلفاز فأقوم بين الحين والآخر بتبديل الأسماك الموجودة عندي حيث بلغ عددها /400/ سمكة موزعة على خمسة أحواض وداخل كل حوض مجموعة من ألعاب الزينة والمرجان والنبات الطبيعي».
وختم قائلاً: «فضّلت الأسماك الأجنبية على المحلية لكونها تتمتع بجمالية أكثر من الأسماك المحلية ولكون المحلية تعتبر أولى الطرق للدخول إلى عالم أسماك الزينة، حيث أن الأجنبية منها تحتاج إلى عناية أكبر مثل توفير درجة حرارة معينة وتوفير نبات يتلاءم مع الأسماك، وقد وجدت هذه الهواية منذ الصغر».