للزواج عادات وتقاليد، تؤثر في ربط العلاقات الاجتماعية واستمرارها، واحترام الأنظمة المنزلية، كل حسب فكره وثقافته، بمنظومة واحدة، تصبح عرفاً وعادة، وتأخذ صفة الإلزام، في التشريع العشائري أو الاجتماعي، كما في عادة الزواج الذي يبدأ بنقد العروس، ثم الخطبة أو "الطلبة"، يليها أكل الحلوى وإحضار الفقدة أي "قطع من ذهب، وساعة يد"، وذلك بحضور "الجاهة" وهم أكابر أهل القرية أو البلدة.
وحول نقد العروس والخطبة وأكل الحلوى تحدث الباحث التاريخي عضو اتحاد الكتاب العرب "اسماعيل الملحم" المشارك في إعداد موسوعة الجبل لموقع eSwueda قائلاً: «عندما يختار الشاب فتاة معينة، يبدأ بالتقرب من أهلها ومصادقتهم والتردد إلى منزلهم لدراسة الفتاة عن كثب، ويسأل عنها جيرانها وجاراتها فإذا استقر رأيه على خطبتها، بعث إليها بإحدى النساء لأخذ رأيها في الموضوع، هذا إذا كانا من قرية واحدة، أما إذا كانا من قريتين مختلفتين عندها يحتال الشاب لرؤيتها على منهل القرية "أي نبع الماء"، ثم يحل ضيفاً على أحد أصدقائه في قرية الفتاة، ولا تعدم نساء المضيف وسيلة لاستدعاء الفتاة ليراها الشاب بحجة أن تجدل شعر نساء بيت المضيف، أو لتطريز ثوب خياطته.. بعد موافقة العروسين، يخجل الشاب من مصارحة والده بأمر زواجه وعندئذ تطلع الوالدة الأب على الأمر، ثم تذهب لنقد العروس بعد موافقته، لتبدأ مرحلة نقد العروس والتي تتلخص بذهاب أم العريس وإحدى قريباته فتحلان ضيفتين أو زائرتين على أهل العروس، وتقومان خلال هذه الزيارة بمراقبة حركات الفتاة، ودراسة سلوكها وأخلاقها وإتقانها العمل المنزلي، وقد تستدرجانها لملاحظة جسمها ولا يفوتهما أن تشما رائحة فمها ولو اقتضى الأمر النوم معها».
الحياة وظروفها اليوم تبدلت وتغيرت، وأصبحت هناك امكانية للتعرف بين العروسين عبر الانترنت، ما أدى إلى اختفاء وتغير كثير من العادات التي نعرفها في مراحل عقد القران وهذا برأيي شيء طبيعي لأن لكل زمن عاداته وتقاليده
وعن الخطبة أو الطلبة بين الأستاذ "فارس العوام" بالقول: «تتم الخطبة إذا اجتازت العروس امتحان "النقد" بنجاح وغالباً ما يسبق الخطبة عملية "جس نبض" إذ يرسل أهل العريس إحدى النساء سراً أو أحد الأصدقاء لمعرفة رأي أهل العروس في الأمر وذلك خشية أن يكون جوابهم سلباً عند خطبة العروس علناً ما يخجل أهل العريس ويحط من قدرهم.
يذهب العريس وذووه مع بعض الوجهاء من الأسر الأخرى إلى بيت العروس، ويسمى هؤلاء "الواسطة" أو "الجاهة" ويحلون ضيوفاً على والد العروس الذي يعد لهم القهوة العربية المرة، ولكنهم يأبون تناولها عند تقديمها قائلين: "يا أبو فلان قهوتك مشروبة ولكن نحنا جايينك قاصدين وما نشرب قهوتك إلا بعد انقضاء غرضنا"، فيجيبهم: "خير إن شاء الله؟ على كل حال تفضلوا واشربوا قهوتكم وهالوجوه الكريمة إن طلبت واحد من ولادي بضحيه كرمالها"، عندها يبيّنون غرضهم قائلين: "يا أبو فلان نحن من قبل أهل وقرايب، وبدنا منك نزيد هالقربة، بنا حسبك ونسبك، نريد بنتك فلانة لإبننا فلان، البنت بنتك والولد ولدك والثوب اللي بتفصله نحنا منلبسه، وإن شاء الله تفرح بجميع أولادك"، في هذه المرة لا تتم الموافقة بل يتجامل والد الفتاة مع الواسطة، دون أن يقطع في الأمر سلباً أو إيجاباً ويقول لهم "على كل حال يهونها الله ونحنا بنتشرف بنسبتكم"، وتمر فترة يتشاور خلالها والد الفتاة مع زوجته وابنته ويعرض الأمر على أقربائه لعل فيهم من يريد الفتاة لنفسه إذ هو أحق بها من الغريب ثم تعود "الواسطة" لإتمام الخطبة، ويعتبر الوالد موافقاً عندما يقول: "أعطيت إذا الله أعطى"، عندها تبدأ المفاوضة حول المهر والحلي والملابس والأثاث وقد يكون متفقاً على هذه الناحية بين الأسرتين سراً فتنتهي مهمة الواسطة عند إتمام الخطبة وقد يلجأ والد العروس إلى المساومة إذ يطلب مهراً كبيراً ثم يتنازل عن جزء منه شيئاً فشيئاً، والمهر يدفع كله قبل الزفاف وقد لا يكون نقداً صرفاً، فأحياناً يقدم العريس بعض الماشية أو قطعة ارض كجزء من المهر، ولم يعرف المهر المؤجل إلا في السنوات الأخيرة، إنما يدفع للمرأة عند طلاقها بدلة ثياب ومبلغ من المال لا يتجاوز مئتي ليرة "هذا المبلغ كان في زمن سابق أما اليوم فقد تبدلت الأحوال" وهذا ما يسمى "عتيقة الرقبة"، أما الحلي فهي عبارة عن رباع "أرباع" ليرات ذهبية يقدمها العريس وتوضع بترتيب خاص على طربوش العروس، كما يقدم لها قرصاً فضياً مشنشلاً بالغوازي الذهبية، ويستعاض عنه اليوم "بساعة يد وعقد ذهبي ودمالج وأساور" ويسمونها الفقدة، كذلك يقدم العريس صندوقاً خشبياً مطعماً بالصدف استعيض عنه اليوم بغرفة النوم كاملة، وآلة خياطة، ويحدد عدد بدلات الثياب ونوعها كجهاز العروس، بعد الاتفاق على هذه الأشياء جميعها يدفع العريس شيئاً من المال كعربون أو يؤجل ذلك حتى أكل الحلوى».
وعن أكل الحلوى أوضح المعمر "يوسف قيسية" الذي تجاوز العقد الثامن من العمر بالقول: «أكل الحلوى بمثابة إعلان الخطبة وفيها يدعو أهل العريس سكان البلدة إلى بيت العروس قائلين: "تفضلوا على أكل حلوى فلانة لولدنا فلان"، وهناك يقدم لعروسه هدية خاصة من الحلوى والثياب والعطور، بعدها تصبح العروس عروساً بحق ويحرم عليها الاجتماع بعريسها أو ارتياد بيته حتى وإن كان غائباً عنه، أما اليوم فالشاب يستطيع الاجتماع بخطيبته والتحدث إليها في بيتها وبحضور أهلها، كما أن "الشبكة" أو خاتم الخطبة يقوم هو بنفسه بإلباسها إياه أمام أهلها، ليس "للحلوى" و"الطلبة" صفة الإلزام لأي من الطرفين إلا الالتزام الأدبي، إذ يعتبر الناكث كاذباً، فإن كانت العروس هي الناكثة فعلى أهلها إعادة ما قبضوه من مال وهدايا ومن ضمنها جميع المصاريف بما فيها ثمن الحلوى وإن كان العريس هو الناكث فلا يحق له استعادة شيء مما دفع أو قدم أو صرف».
وعن عادات اليوم من جيل الشباب بين الشاب الدكتور "وسام الخطيب" قائلاً: «لعل العادات التي كانت تطبق سابقاً، لا يمكن أن تكون اليوم بنفس الطريقة، إذ ما زالت عادة الجاهة موجودة، ولكن إرسال أم العريس لنقد العروس، أصبح الأمر اليوم بيد العروسين فقط، وطريقة الطلبة يذهب المرة الأولى ثم تعود الواسطة ثانية من أجل المهر، أيضاً أصبحت قليلة لأن العريس هذه الأيام يعقد الاتفاق مع العروس وأهلها قبل احضار والديه، لكن أكل الحلوى وحفلة الخطبة والغناء والأهازيج ما زالت قائمة في كل مناطق المحافظة».
وأضاف: «الحياة وظروفها اليوم تبدلت وتغيرت، وأصبحت هناك امكانية للتعرف بين العروسين عبر الانترنت، ما أدى إلى اختفاء وتغير كثير من العادات التي نعرفها في مراحل عقد القران وهذا برأيي شيء طبيعي لأن لكل زمن عاداته وتقاليده».
