أشكال عديدة تنطوي عليها مسألة التعبير عن مكنونات النفس الإنسانية، تتشابه في بعضها وتختلف كلياً في بعضها الآخر، حتى الذين اختاروا اللون ليقولوا من خلاله كلمتهم وليعبروا عن ذواتهم وحياتهم فهم مختلفون في مفاهيمهم ونظرتهم الفنية، وها هو الفنان التشكيلي "عبد الكريم عزام" ابن مدينة "المعرة" يختار الطبيعة معادلاً موضوعياً لأفكاره وهواجسه ليعيد صياغتها بريشته وألوانه ليضيف إليها شيئاً من ذاته ومن فكره.

الفنان "عزام" وعلى هامش أحد معارض الفن في المركز الثقافي بـ "المعرة" التقاه موقع eIdleb في حوار بدأ فيه بالحديث عن المحاولات الأولى:

اتجهت أيضاً في سياق الفن التشكيلي إلى اللوحات التوثيقية معتمداً في إبرازها على دقة التصوير من خلال تجسيد المنمنمات الصغيرة مستخدماً الألوان الزيتية تارةً والمائية تارةً أخرى، ومن الأعمال التوثيقية الجامع الكبير في "المعرة" وقلعة "المعرة" وقلعة "حلب" و"مسجد نبي الله يوشع"، وتطرقت إلى القضية الفلسطينية في لوحة أسميتها "الشهيد"، وتطرقت في بعض رسوماتي إلى ملامح الشخصية أو الوجوه التعبيرية في سنٍ متقدمة

«كنت أرسم باستخدام أقلام الرصاص والفحم، وشرعت بعد ذلك بالرسم بالألوان المائية والزيتية، وكان لأساتذتي الفنانين مثل الأستاذ "مصطفى صلوح" فضلٌ كبيرٌ في ظهور موهبتي، وطبعاً أكملت مشوار الهواية بعد التحاقي بمركز "فتحي محمد" للفنون التشكيلية في مدينة "حلب"، وكان من أهم مشرفي المدرسة الأستاذ "سعيد طه" والسيدة "صباح ديبي" الذين مهدوا لي طريق الدخول في الطرائق الفنية الواقعية والتجريدية واتجاهات المدارس الفنية الأخرى، وصرت أخصص كل وقتي لرسم لوحات تعبر عن عمق فني معين».

للوحة للفنان عبد الكريم في المعرض

وبعد وقوفه على مفترق طرق الاتجاهات الفنية المختلفة أين وجد الفنان "عبد الكريم" نفسه أكثر يقول:

«تشكل لدي اليوم أسلوب فني يحاكي الواقع، وهو عبارة عن دراسة أكاديمية واقعية مثل دراسة الطبيعة والأشجار والبحر والأرض، وأمتلك حساً نفسياً مريحاً عندما أنتهي من رسم لوحة معبرة عن جمال الطبيعة الحية الملأى بالتفاؤل والمستقبل الواعد، وأشعر أني لا أمل النظر إلى الشيء الذي صاغته أحاسيسي ظلاً ولوناً، والحقيقة أن اللوحة الفنية لا تظهر كاملة إلا بعد معايشة تامة للمناظر وتجسيدها في خيال الفنان الحالم إحساساً وإبداعاً».

لوحة الجامع الكبير بالمعرة

وحول نتاجه الذي يعتمد التوثيق منهجاً يقول: «اتجهت أيضاً في سياق الفن التشكيلي إلى اللوحات التوثيقية معتمداً في إبرازها على دقة التصوير من خلال تجسيد المنمنمات الصغيرة مستخدماً الألوان الزيتية تارةً والمائية تارةً أخرى، ومن الأعمال التوثيقية الجامع الكبير في "المعرة" وقلعة "المعرة" وقلعة "حلب" و"مسجد نبي الله يوشع"، وتطرقت إلى القضية الفلسطينية في لوحة أسميتها "الشهيد"، وتطرقت في بعض رسوماتي إلى ملامح الشخصية أو الوجوه التعبيرية في سنٍ متقدمة».

وفي عرض سريع لتاريخ مشاركاته الفنية قال "العزام": «أول معرض فردي شاركت فيه كان سنة 1983، وانطلقت من المعارض الفردية إلى المعرض الجماعي الأول الذي اُقيم سنة 1987 في المركز الثقافي، ثم المعرض الذي أقيم في تكية "خان مراد باشا" وأنا مشارك دائم في المعرض الفني الذي يُقام سنوياً على هامش مهرجان "أبي العلاء المعري" برصيد لوحتين أو أكثر في كل عام، وآخر مشاركة لي كانت في معرض "الخريف" الذي أقيم في "دمشق" السنة الفائتة، ومن وجهة نظري فإن أهمية مشاركة الفنان في المعارض تنبع من كونها تقدم التطور الذي يُستنبط من آراء وملاحظات الآخرين، وأعتبر أن النقد وإبداء الرأي بمثابة تقييم وتحسين لإنتاجي الفني».

وعلى سبيل استعارة الوصف استعنا في سياق ذلك بما كتبه الأستاذ الصحفي "خالد رستم" عن الفنان "عبد الكريم عزام" عندما أجرى لقاءً معه سنة 1982 حيث قال في مقدمته: «التقيت الفنان الناشئ "عبد الكريم عزام" أثناء عرض لوحاته الفنية في المركز الثقافي وحدثني عن الأبعاد الفنية للوحاته الجميلة الأخاذة التي تشد الناظر وتسر المشاهد، وتغمره بنفحات إنسانية ومشاعر وجدانية طيبة استمدها من نقاء الطبيعة وزهوها وأصالتها وحركتها، إنه الفنان الذي يغرف من معين الطبيعة ما يحلو له وما يستسيغه من الذوق، وكل ما فيها من حركات وإيماءات وسكنات مستساغة مستحبة، إذا ما تُرجمت شعراً وفناً عذباً عبر لوحات فنية مستوحاة من صميم الواقع».