الطفل ذو الإعاقة هو شخص مختلف لكنه ليس متخلفاً، وأطفال التوحد هم أطفال أولاً ثم هم متأخرون نمائياً لكن لهم الحق في التعلم ولهم الحق في الحصول على غطاءٍ إنساني وحماية منا، لأن حمايتنا لهم تحمي حقهم في الحياة والتعلم والاكتساب، خاصة أنهم بحاجة للجميع ليقفوا إلى جانبهم وليحيطوهم بالرعاية والعلم.

التعريف بمرض "التوحد" سلبياته وإيجابياته وطريقة التعاطي معه وسبل تفادي تفاقم مشكلة الأطفال المتوحدين مع توعية الناس لضرورة التعامل مع هؤلاء الأطفال بإنسانية، أهداف طرحتها جمعية التوحد في "اللاذقية" خلال مسيرها السنوي الرابع الذي امتد على مسافة من أمام قصر المحافظ في "اللاذقية" وصولاً إلى مقر جمعية التوحد في حي المشروع العاشر حيث كان مكان انتهاء المسير الذي شارك فيه ألف شخص وقالوا بصوت واحد: "التوحد اليوم والبارحة وغداً".

الدراما السورية تسلط الضوء بشكل دائم على قضايا الإعاقة لكنها تغفل قليلاً موضوع التوحد لذا يجب أن يلعب التلفزيون دوره كمنبر حر يساهم في إيصال الفرحة إلى قلب الطفل وأسرته

موقع "eSyria" شارك في هذا المسير أو هذه الظاهرة الإنسانية وسار إلى جانب الدكتور "جمال مثبوت" ومعه طفله "أحمد مثبوت" الذي يعاني من مرض التوحد فما كان من الأب الطبيب إلا أن يحدثنا عن هذا المرض من موقعه كأب وكعضو في جمعية التوحد حيث قال: «مرض التوحد هو عبارة عن اضطراب نمائي شامل يصيب الطفل بين السنوات الأولى من العمر حتى سن أربع سنوات ويشمل التواصل البصري واللفظي ويتأثر لدى الطفل اللعب التخيلي كما يرافقه بدرجة 75% إعاقة عقلية، لكن الأطفال المتوحدين إذا تم تأهيلهم بشكل جيد يشفى من هذا المرض واحد من أصل ستة متوحدين بشكل كامل والثاني يحتاج إلى مساعدة جزئية والبقية يحتاجون إلى مساعدة مدى الحياة لكن ليست مساعدة صعبة بل مساعدة بسيطة، وطفل التوحد على الرغم من مرضه يتميز عن الأطفال العاديين والسبب أنه إجمالاً واحد بالمئة من الأطفال الطبيعيين قد يصبح نابغة في علم معين بينما ينبغ عشرة بالمئة من الأطفال المتوحدين ونبوغه يتمثل في جزء من العلوم، والأمثلة على ذلك من الشخصيات المتوحدة النابغة "بيكاسو، أينشتاين، بيتهوفن، موزارت، بيل غيتس"».

الدكتور جمال مثبوت

منشأ هذا المرض غير معروف وأسبابه غير معروفة لأن هناك أطفالاً بعد أن تكون حياتهم طبيعية يصابون بهذا المرض لذا وجب اكتشاف المرض مبكراً من قبل الأهالي وتأهيل أطفالهم كما فعل الدكتور "جمال" مع طفله ويتمنى أن يفعل الجميع فعله ويقول لأهالي المرضى: «يجب على الأهل تأهيل أبنائهم المرضى والكشف المبكر عنهم عندما يشعرون بمشاكل لدى أطفالهم كرفض التواصل لأن طفل التوحد يسمع لكنه لا يجيب على الآخرين وعند ملاحظة هذا الوضع يجب مراجعة طبيب أعصاب مختص بالجملة العصبية عند الأطفال لأن طبيب الكبار لا يستطيع التشخيص ويجب أن يكون الطبيب متخصصاً بعلم السلوك كأطباء الجمعية الذين يساعدون في خروج الأطفال من هذه الحالة، كما يجب على الأهالي عدم الخجل من أطفالهم وتخبئتهم في المنازل لأن هذا يزيد المشكلة ويفاقمها بدل أن يحلها، فليس هناك أجمل من أن تصطحب مريض التوحد في مشوار أسري بدل من أن تدفنه حياً في منزله».

جمعية أطفال التوحد جمعية أهلية وليست جمعية حكومية، فما الدور الذي تلعبه مديرية الصحة لمواجهة هذا المرض؟ سؤال طرحناه على الدكتور "محمد شريتح" مدير صحة "اللاذقية" فأجاب: «نحن متعاونون مع كل بادرة تساهم في مساعدة الأطفال المتوحدين، كما أننا نقدم محاضرات ونقيم ندوات تثقيفية حول هذا المرض، ولدينا مركز لمساعدة ذوي الاحتياجات الخاصة يدعى مركز التدخل المبكر على أمل أن يكون تدخلنا مبكراً بالفعل، وهدفنا إيصال البهجة والفرحة الإنسانية إلى طفل التوحد وإيجاد آلية للتدخل المبكر لكي نحد من الإعاقة، ونسعى لإيجاد كافة الوسائل الوقائية والداعمة لأطفال التوحد لكي يعيشوا حياة جميلة ومفيدة».

طفل بين أحضان سلمى المصري وديمة قندلفت

المسير هو عبارة عن حلقة من حلقات التواصل الاجتماعي حسب وجهة نظر رئيسة جمعية التوحد السيدة "شهيدة سلوم" حيث قالت: «المسير يساهم في تواصل الأطفال المتوحدين مع الناس والعكس، وهو يخدمنا كجمعية بالمساعدة في نشر الوعي المجتمعي عن طريق الإضاءة على حياة الأطفال أين هم؟ وما الذي يقدمونه؟ وما الذي يقدم لهم؟ الجمعية تطورت بشكل جيد حتى وصلت إلى فكرة "التوحد اليوم والبارحة وغداً" فنحن عندما بدأنا كنا دون الصفر أما اليوم فقد أصبحنا في موقع جيد ولدينا فكر جيد واستراتيجيات على الصعيد العلمي تشمل التأهيل المهني والتربوي وإنشاء مركز متطور يخدم المنطقة الساحلية، واليوم أصبح بإمكاننا الحديث عن عملنا أكثر لأننا تمكنا من وضع الخطط وتنفيذها من أجل رسم مستقبلنا، لكن هذا لا يعني أنه لا تواجهنا صعوبات فنحن نعاني من العلاقة مع الجهات الرسمية وهم مقصرون في مسؤولياتهم باستثناء مديرية الصحة وهذه مشكلة أصعب من مشكلة الأهالي، لأن مشكلة الأهالي اقتربت من الحل بتقبلهم ومشاركتهم وهذا المسير دليل حي لمستقبل جيد».

الحضور الفني كان لافتاً من خلال مشاركة الفنانة "سلمى المصري" التي تحدثت عن المسير بالقول: «المسير مهم في إيجاد تضامن مع الأطفال ولفت الأنظار لهم لكي تتسع المعرفة تجاه هذا المرض، فنياً قدمت أفلام متخخصة بهذا المرض استطاعت أن تقدم خدمةً لكن نحن ما زلنا بحاجة لتقديم المزيد».

من المسير

أيضاً الفنانة "ديمة قندلفت" كانت من بين المشاركين تقول: «سعيدة بوجودي هنا لأن الفنان يستطيع أن يقدم الدعم من خلال مشاركته على أمل استقطاب أعداد أكبر من الناس لتوعيتهم وتعريفهم بالمرض وبهذه الجمعية، ومشاركتهم هموهم وتعريفهم بأن مشكلة التوحد ليست فردية بل جماعية فمن ليس لديه أخ مريض أو صديق أو جار أو ابن أو قريب؟ وهذا يعني أن المشكلة للجميع وعلى الجميع التواصل مع بعضهم بعضاً لإيجاد حلٍ لها».

طفل التوحد لماح وذكي من وجهة نظر الفنان "عبد الناصر مرقبي" وهو يستفيد من هذا المسير عن طريق المشاركة الجماعية لأنها جزء من علاجه عن طريق دعمه ودمجه بالمجتمع، لكن أين الدراما السورية من هذا المرض؟ سؤالٌ أجاب عليه الفنان "مرقبي" بالقول: «الدراما السورية تسلط الضوء بشكل دائم على قضايا الإعاقة لكنها تغفل قليلاً موضوع التوحد لذا يجب أن يلعب التلفزيون دوره كمنبر حر يساهم في إيصال الفرحة إلى قلب الطفل وأسرته».

من الجدير بالذكر أن جمعية التوحد في "اللاذقية" تقوم بتدريب الشباب في العمل على أساليب التعامل مع الطفل المصاب باضطراب التوحد من خلال تعزيز العمل التطوعي الذي تنادي به، والإسهام في تأهيل كوادر منظمة، وبناء جسر من التعاون وجعل المركز حلقة وصل بين النظرية والتطبيق الفعلي من خلال إكساب الشباب خبرة تدريبية محلية حول التعامل مع الفئات الخاصة، بالإضافة إلى عقد ورشات عمل وندوات توعية.

بقي أن نذكر أن المسير أقيم برعاية السيد محافظ اللاذقية د."خليل مشهدية" وحضور العديد من الفعاليات الإنسانية والشعبية والفنية والرسمية.