تعتبر الأزياء الشعبية في الجولان ركيزة أساسية من ركائز الفنون الشعبية وهي حصيلة الكثير من الحرف الشعبية كالنسيج والخياطة والتطريز وغيرها. ففي عالم ما فتئت تتقارب فيه الاختلافات الثقافية، فإن (الهوية الإبداعية) أصبحت أكثر أهمية من أي وقت مضى.
ولا شك أن الأزياء الشعبية في منطقة الجولان هي صورة لتفاعل ابن الجولان مع البيئة الاجتماعية والطبيعية، حيث كان يتم اختيار اللباس المناسب في فصلي الشتاء والصيف، ففي الشتاء، الدامر الطويل وعباءة الصوف والفروة والألوان القاتمة لتمتص حرارة الشمس، وفي الصيف، كانو يرتدون الألبسة القطنية الرقيقة والواسعة كالسروال الأبيض القطني العريض والجلابية الواسعة والعباءة الرقيقة الشفافة. أما اللون فكان يعود للمناسبة سواء أكانت للفرح أو الحزن.
لباسنا الجولاني يتميز بألوانه الجميلة ومطرزاته ونقشاته فهو يحافظ على حرارة الجسم في الشتاء ويساعد على تهوية الجسم في الصيف
وللحديث عن لباس أهل "الزوية" في منطقة "فيق" وقراها في الجولان التقى موقع eQunaytra الأستاذ "أحمد محمود الحسن" باحث في الموروث الشعبي الجولاني فبدأ حديثه عن لباس الرجل في "الزوية" قائلاً: «يقسم لباس الرجل في الزوية إلى لباس الرأس ولباس الجسم فلباس الرأس يتألف من الكوفية يضع الرجال على رؤوسهم الكوفية ويسميها الشعبيون (حطة أو كفية) نسبة إلى الكوفة على ما يبدو وتكون من قماش مربع الشكل طول ضلعه ذراع أو أكثر تطوى على شكل مثلث لتوضع قاعدته على الرأس وتزمزم أطرافها فوق الجبين ويظل الباقي على الظهر أما الطرفان فيبقيان سائبين على الكتفين أو ملتفين حول العنق وقد يلف بها الوجه عند الاستخفاء أو لمنع الحرارة ووهج الشمس أو عند هبوب الرياح الباردة المغبرة.
وتكون الكوفية مصنوعة من القطن أو الحرير الرقيق ولونها أبيض وقد يضع البعض بدلاً منها الشماخ أو السُلك الملون بالأحمر والأسود والأبيض.
وأيضا العقال ويوضع فوق الحطة البيضاء وهو أسود اللون مصنوع من شعر الماعز أو الإبل أو الكتان المبروم وله دائرتان متقاطعتان وله من الخلف دلاتة أو أكثر بطول تنتهي من الأسفل بكرتين صغيرتين على شكل هلال فتحته إلى الأسفل. و"العقال" لغة هو الرباط من عقل أي ربط يقال عقل الأعرابي ناقته أي ربطها، وفي فصل الشتاء يلبس الرجال "البكدلية" أو الفروة ولعل هذا اللباس هو الأول من نوعه بين الأزياء الشعبية التي تمثل بعفوية تامة وتصنع من جلود صغار الخراف ذوي الصوف الأبيض الناعم الطري وتحبك أطراف جلودها ببعض ويجعل الصوف من الداخل التماساً للدفء والراحة معاً وقد تبطن من الخارج بقماش أسود أو أزرق أو خمري يتطرز بخرج يتناسب لونه مع لون القماش بأشكال هندسية متشابكة تسمى "السفايف" تسمى فروة إبطيه إذا كانت قصيرة وبكدلية إذا كانت طويلة ويطلق عليها أيضا اسم فروة مقببة وهي لا تعيق الحركة وتساعد الفلاح في الرعي والتنقل وتمنع عنه حر الصيف وبرد الشتاء.
ويلبس الرجال أيضا "الدامر" وخاصة في فصل الشتاء وهي قطعة تشبه المعطف القصير يصل طوله إلى الفخدين أكمامه طويلة وواسعة ذات فتحة مطرزة وليس للدامر أزرار ظاهرة وهو لباس جميل ومريح ويلبسه الرجال والنساء على السواء ولا تخلو أي عروس من هذه القطعة الجميلة تلبسها فوق ثوبها الرئيسي الطويل.
ويلبس الرجال أيضا العباءة في منطقة "الزوية" وتدعى بالخاشية ومعناها غاشية بمعنى الغشاء دليل الرقة وتلبس في الصيف والشتاء ولباساً في النهار وفي الليل دثاراً وبساطاً أثناء الرعي وسترة يخفي تحتها الفلاح ما يحمله وتصنع من وبر القماش ويكون قماشها حسب الوضع المادي للفرد فهي ذات خيط خشن مبروم عند الفقراء ويكون من الجوخ الأصلي ومن الصوف الناعم مع الفروة وبشريط ذهبي أفقي مع الأكتاف عند الأغنياء».
وعن لباس الجسم للرجل في "الزوية" قال "الحسن": «المزنوك (القمباز) وهو ثوب طويل يصل إلى مشط القدم مفتوح بكلتيه من الأمام قماشه من الجوخ والحرير العريض من الأسفل ثم يضيق تدريجياً نحو الأعلى ويردف الطرف الأيمن عادة فوق الأيسر ويغلق عند العنق بزر ظاهر، له كمّان طويلان ضيقان يتسعان راحة الكف ليساعد على التشمير عند الوضوء والطعام ويلبس فوقه جاكيت تناسب لونه القمباز قماشاً ولونه ويلبس الرجال تحت القمباز السروال، كذلك السروال أو (الشروال) وهو مصنوع من قماش الدامسكو نسبة إلى مدينة دمشق ومن قماش الأطلس الناعم ولونه أسود على الأغلب وهو لباس شرقي أصيل وذكر في التوراة، وتتخذ السراويل عادة من الجوخ البسيط الغامق اللون أسود- أزرق ويكون السروال أبيض أحيانا يلبس تحت القلابية ويكون مصنوعاً من القطن الخالص ويثبت السروال بتكة داخلية في أعلاه وتلف حول الخصر».
السيد "موفق العلي" من قرية "العال" المحتلة يقول: «أنا ما أزال محافظاً على اللباس الجولاني فهو لباس قطني فضفاض مريح ينسجم مع حركة الأعضاء وحركة الجلوس على الأرض والركوع والسجود، كما يساعد هذا اللباس على القفز والانحناء في الدبكات والأفراح الشعبية ويعبر عن بيئة الجولان التي تتميز بالمحبة والعفوية».
أما عن لباس المرأة في منطقة الزوية فأضاف "الحسن": «يتألف لباس الرأس عند المرأة من "الشمبر" حيث ترتدي المرأة الشمبر ذو اللون الأسود أو سمي الملفع وهو عبارة عن منديل حريري أسود اللون مستطيل الشكل طوله متران أو أكثر وعرضه يتراوح بين خمسين وستين سنتيمتراً أو أكثر يطرح على الرأس مباشرة حين يلف شعر الرأس والعنق والصدر ثم يردف إلى الخلف فيغطي النقرة وتنزل أطرافه تحت ثوب المرأة المسمى الشرش.
بالإضافة إلى العصبة وهي تلبس فوق الشمبر وتعصب على الرأس وهي عبارة عن قطعة مربعة الشكل من الحرير أو القطن ذات لون أسود أو بني أو خمري مطعمة بخيوط ذهبية أو مقصبة وفق خطوط مستقيمة ولها شراشيب من الخلف، تطوى باتجاه القطرين وتلف حول الرأس دورين أو أكثر وحديثاً أصبحت نساء الزوية يرتدين الإشارب المزخرف بزخارف نباتية وألوان تناسب لون الشرش ويلبس بشكل دائري بعد طيه بشكل مثلث ويعقد من الخلف بربطتين أو أكثر».
وعن لباس الجسم قال "الحسن": «ترتدي المرأة على كامل جسمها ما يسمى الثوب (الشرش) وهو يتألف من قطعة قماش مستطيلة الشكل تثنى عند تفصيلها نصفين متساويين بحيث يغطي كل جزء النصف الآخر تماماً ثم تخاط الأطراف الجانبية وتترك فتحتان جانبيتان للأكمام كما يفتح ضلع المستطيل من الأعلى على شكل دائرة ضيقة أو على شكل رقم 7 من الأمام ليدخل منه الرأس والعنق وقد تطرز فتحة الصدر أحيانا».
السيدة "حمدة الحمد" من قرية "فيق" المحتلة قالت: «لباسنا الجولاني يتميز بألوانه الجميلة ومطرزاته ونقشاته فهو يحافظ على حرارة الجسم في الشتاء ويساعد على تهوية الجسم في الصيف».
الجدير بالذكر أن "فيق" مركز القرى الجنوبية في الجولان ويتبع لها القرى التالية: (فيق– كفر حارب– سكوفيا– شقوم– العال– الياقوصة– دبوسيا– صفورية– خسفين– كفر الما– جبين– الجوخدار– الجرنية– الجدية).
*الصورة الرئيسية من أرشيف الباحث.