تتربع فوق قمة بركانية هرمية الشكل، وكأنها علم في رأسه نار، بحيث يراها الناس من كافة الجهات ومن مسافات بعيدة. وقد تهدمت وأطلالها الباقية تدل على عظمتها وروعتها، ولم يبق من عناصرها النبطية سوى تاج وساكف.

ومنذ العصر الفاطمي أخذ اسم "صلخد" يتردد في الأخبار لمتداولة، فيذكر "ابن الجوزي" أن الخليفة الفاطمي "المستنصر" 427- 287 هجري 1063-1094 ميلادي أمر ببناء القلعة في عام 466 هجري 1073ميلادي، والذي بناها حسب الروايات الأمير "حسان بن مسمار بن سنان الكلبي". وإذا فتشنا عما بناه هذا الأمير لا نجده في الوضع الراهن للقلعة التاريخية بحسب المصادر المتوافرة عن تلك الفترة.

ازدهرت وتطورت "صلخد" في عهد الضابط "عز الدين أيبك" المعظمي، ففي عام 611 هجري -1214م ورثها الأيوبي المعظم العزيز "عيسى" عن أبيه "العادل أبو بكر"، الذي اعتمد عليها وزيره السابق أيبك، فقاد فيها حركة عمرانية واسعة امتدت طوال حكمه، أي حتى عام 644- 1247م، ولكن ليس فقط في "صلخد"، بل في الأردن والجولان. والحقيقة أن هذا الأيبك، كان واحداً من القادة العظام في السلطنة الأيوبية، وعلى الأخص في السنوات 624-626 هجري 1227-1229م، عندما كان وصياً على حاكم "دمشق" الناصر "داوود"، احتل مكانة رفيعة عالية في التاريخ. وفيما يخص "صلخد" فقد توسعت في عهده، وزينها بالمباني العالية، وترك لنا الوثائق الكتابية المنقوشة في الحجر، والتي تعدد أعماله، والنقوش تعود إلى الأعوام 616/1219-1220، 617/1220-1221، 619/1222-1223 أو629/1233

يقول الأثري "وليد أبو رايد" الموظف في دائرة آثار "السويداء" لموقع eSuweda عن أهمية القلعة في العصور المتعاقبة التي مرت عليها، وخصوصاً في عصر المماليك: «لعل الذي ذكره تاريخياً ووثقه الدكتور "علي أبو عساف" في كتابه الأول عن "حوران" خير دليل على أهميتها، فمع ازدياد خطر الصليبيين الذين وطدوا نفوذهم في فلسطين، أخذت أهمية "صلخد" تتعاظم، وأخذ اسمها يتردد بكثرة، إذ يروى أن السلجوقي "توتش" 471- 488 هجري 1078-1075 ميلادي قد أسند إلى ابنه "فالوس التكين" قيادة حاميتي "بصرى" و"صلخد"، وفي عهد الأتابك "طغتكين" 479-522 هجري 1104 - 1181 ميلادي، عين القائد فخر الدولة "كوموشتكين" في هذا المنصب.

جدرانها العالية ما زالت صامدة في وجه الزمن

وبعد مقتله 541هجري -1146 ميلادي، آل المنصب إلى مملوكه السابق "التنتاس"، وفي السنوات اللاحقة أصبحت القلعة من أملاك الأتابك "معين الدين أنور" في "دمشق"، وأقام عليها الضابط "مجاهد الدين بوزان" الكردي، الذي بقي في هذا المنصب في عهد الزنكي "نور الدين محمود"، بعد احتلال "دمشق" عام 549 – 1154 ميلادي، وبوصول "نور الدين" إلى السلطة، بدأت حقبة زمنية من الاستقرار، ثم أصبح ابنه "محمد" في عام 555 - 1160 ميلادي صاحب القلعة.

ومع انتقال السلطة في عام 571 هجري إلى السلطان الأيوبي "صلاح الدين يوسف"، بدأت مرحلة ازدهار جديدة في سورية، تركت بصماتها في "صلخد" أيضاً وبعد انتصاره في حطين 1187 ميلادي دخلت قلعة "صلخد" في ملكيته، وحين أصبح "الفضل علي" في عام 588 هجري -1192 ميلادي حاكمها على سورية ومركزه "دمشق"، حازها هو شخصياً، فقام خلال أعوام 589- 591 هجري، 1193- 1195 ميلادي، بتجديد بناء القلعة، وجعلها بعد اعتزاله الحكم مقره الأهم من عام 592-597 هجري، 1196-1201 ميلادي، وقبل طرده تخلى عنها للضابط "قراج الصالحي" الذي بقي فيها أيضاً في عهد الأيوبي "العادل أبو بكر"، وزينها ببرج جديد ثم ورثها ابنه في عام 604 هجري - 1202م "ناصر الدين يعقوب"».

منظر من القلعة على مدينة صلخد

ويتابع "أبو رايد" حديثه عن القلعة في عهد القائد المملوكي الشهير "عز الدين أيبك" أهم القادة الذين وصلوا إليها، وعرفوا قيمتها، وحاول تطويرها، فقال: «ازدهرت وتطورت "صلخد" في عهد الضابط "عز الدين أيبك" المعظمي، ففي عام 611 هجري -1214م ورثها الأيوبي المعظم العزيز "عيسى" عن أبيه "العادل أبو بكر"، الذي اعتمد عليها وزيره السابق أيبك، فقاد فيها حركة عمرانية واسعة امتدت طوال حكمه، أي حتى عام 644- 1247م، ولكن ليس فقط في "صلخد"، بل في الأردن والجولان. والحقيقة أن هذا الأيبك، كان واحداً من القادة العظام في السلطنة الأيوبية، وعلى الأخص في السنوات 624-626 هجري 1227-1229م، عندما كان وصياً على حاكم "دمشق" الناصر "داوود"، احتل مكانة رفيعة عالية في التاريخ.

وفيما يخص "صلخد" فقد توسعت في عهده، وزينها بالمباني العالية، وترك لنا الوثائق الكتابية المنقوشة في الحجر، والتي تعدد أعماله، والنقوش تعود إلى الأعوام 616/1219-1220، 617/1220-1221، 619/1222-1223 أو629/1233».

الدرج العالي المؤدي إليها

مدير دائرة الآثار في "السويداء" المهندس "وسيم الشعراني" أوضح لموقعنا عن الرقم وما تعنيه، والمثبتة هناك من قبل دائرة الآثار، قال: «إن هذه الرقم وثقتها البعثات العلمية الآثرية السورية، وكان هناك تعاون كامل مع بعض البعثات الأجنبية، وهي مصنفة بدقة في كتاب "أبو عساف" الثاني الجديد عن "حوران" وآثارها، وقد جاءت على الشكل التالي:

  • رقم 1989: (أحد أهم الرقم) وهو عبارة عن حجر كبير في القلعة يستخدم كحنت هو سليم وفي وسط النقش فراغ يوحي بكسر غير أن النص كامل، وفيه ذكرت فيه "سلخت" أو "صلخد"، وهي الترجمة لسلكاه في كتاب العهد القديم.ولم يعثر على اسمها القديم في النصوص اليونانية أما في النبطية فاسمها "صلخد" وكتبها "أوسيبووجيريوم" "سلكا"، وأشار إلى أن هذه المدينة كانت في "باشان" في عهد الملك "أوغ" أو"أوج".
  • ولا يمكن القول كما يظن الناس إن المدينة كانت موجودة وقت ذاك، ومن الملاحظ أنها لم تذكر في القوائم الجغرافية، ولا نجد اسمها أيضاً بين المعسكرات الواردة في القوائم العسكرية ولا في قوائم هيراك ولا في قوائم الكنائس الشهيرة، أي في الأبرشيات التي تبين أنها تضم الكثير من أسماء المدن والقرى في الولاية العربية، والحال هذه على المرء أن يفترض أن اسم "صلخد" قد تحور عن اسم "ديونيسياس" أو "تريكوميا" أو أي اسم آخر نجده بين الأسماء في الولاية العربية والذي لا نعرف موقعه، وقد أشاد المؤرخون العرب ومنهم "أبو الفداء" بـ"صلخد" ومحيطها، ولهذا السبب نعتقد أن "صلخد" كان اسمها عند السكان الأصليين "ديونيسياس" وهو يوناني.

    وقد ذكرت في كتاب العهد القديم "سلكاه" وفي النبطية "صلخد"، وهذا يعني أن حرف السين قد تحول إلى ص والكاف إلى خ وأضيف حرف الدال إلى الاسم، مما يوحي بتغيير غير مسبوق على الاسم وهذا ما يجعلنا نشك في صحة القول إن "سلكاه" هي "صلخد" وكتبها المؤرخون العرب "صرخد" أي أنهم أبدلوا الخاء بالراء وهذا مبرر للشك في أن "صرخد" هي "سلكا" وربما التبس على "أبي الفداء" وغيره التفريق بين "صلخد" و"الصوخر" الخربة الأثرية الهامة بين "ذيبين" و"أم الرمان" و"بكا"».

    ويتابع "الشعراني"الحديث عن الرقم الثاني الموثق بالقول: «وجد الرقم رقم 1991 إلى يمين مدخل القلعة والنص مؤطر مؤرخ في عام 147 بصرى=22 آذار 252 وهم الحكام المذكورين ويلقبون آفيسكافيو أي مراقبين أو مفتشين ذكروا أيضاً في كتابات من حوران وقد حددت وظائفهم على هذا النحو من قبل المشرع "خاريسيوس" الذي عاصر "كونستانثين"، وهذا يدل على أن لقب أسقف ليس فقط ديني ويبدو أن هذا النص يدل على أن الأسقف يمارس صلاحيات منها ما يتعلق بمراسم العبادات إذ كان من وظائفه الحفاظ على قدسية المعبد وإصلاح المعابد ومن المفيد أن نذكر أنه قبل مهد المسيحية كانت كلمة أسقف تطلق على وظيفة مدنية وربما كانت وظيفتهم في حوران مراقبة الجماعات المسيحية. أما الباقي فجاؤوا على النحو التالي:

  • رقم 1993: كسرة نقشت فيها كتابة حروفها كبيرة.

  • رقم 1994: في باحة بيت كسرة نقشت فيها كتابة مؤطرة وربما تعود إلى ما قبل العهد الروماني.

  • رقم 1996: في القلعة نص مؤطر يبدأ بصليب وهو من عام 496 بصرى =601أي قبل الفتح العربي بقليل.

  • رقم 1997: نص آخر من القلعة مؤرخ في عام 560 بصرى = 633 وأيضاً في العهد الغساني عشية الفتح العربي الإسلامي.

  • رقم 1998: في أحد البيوت مؤرخة عام 322.

  • رقم 2000: في أحد البيوت النص مؤطر مع خط فاصل بين الأسطر والحجر مكسور يؤرخ النص في عام 351.

  • رقم 2001: نص في القلعة مؤطر محفوظ بشكل جيد ومؤرخ في عام 369.

  • رقم 2004: حجر فيه نص مؤطر يعود لعام 392م.

  • رقم 2005: حجر نقش فيه نص وهو في أحد البيوت كسابقيه يرد فيه اسم "ريمه" والمقصود "ريمة اللحف" (وهي القرية الواقعة إلى الغرب من مدينة "السويداء").

  • رقم 2006: نص في حجر بأحد أبراج القلعة المربعة، من الصعب قراءته وتفسيره صعبة يبدأ باسم العلم أوكسيز.

  • رقم 2007: أيضاً في القلعة نص مؤطر يتألف من سطر واحد.

  • رقم 2010: في أحد غرف القلعة المظلمة في بدايته صليب.

  • رقم2011: أيضاً في القلعة جملة بين صليبين: "فيبريوديوتمس" وهو الكاهن الذي يوكل إليه المطران زيارة الكنيسة وأبرشيتها، ويتكرر اسمه في كتابات أخرى من المنطقة.

  • رقم 2012: كسرة حجر في المسجد المهدوم، وحروف النص كبيرة.

  • وننهي القول إن "صلخد" النبطية قد ظلت مزدهرة في أيام الغساسنة أيضاً بدليل الكتابات التي تعود إلى عهدهم».