ولد الكتاب الخامس من إصدارات المكتبة "العمومية للأطفال" فبعد "باقة زهر، غيمة الشعر الوردية، عصافير ووطن، وقراءة اللوحة الفنية" أطل المولود الخامس "أكره اللون الأحمر" وهو من كتابات الأطفال نتاج ورشة عمل "رسالة إلى غزة" وضمن حملة "لن ننسى"..

تقول المديرة التنفيذية لمكتبة "الأطفال العمومية" "عدوية ديوب": «تهدف المكتبة من خلال أنشطتها التفاعلية إلى ربط الطفل بالمجتمع أكثر وحثه على أن يكون مشاركاً ومؤثراً مما يزيد من انتمائه ورفع حس المسؤولية لديه تجاه المجتمع وقضاياه.. ويأتي كتاب "أكره اللون الأحمر" ورسائله المتنوعة التي وجهت لأطراف مختلفة تتويجاً لنشاط تفاعلي زامن أحداث "غزة" المؤلمة وحاول أن يوثق لهذه المجزرة بطريقته.. وهذه الورشة فكرة الفنان "عصام حسن" وإشرافه».

طيري يا حمامة السلام.. طيري في الهواء إلى "غزة" طيري، فهناك طفل طلب أمه، فقدموا له بقاياها، ثم طلب أباه، فوجهوا رصاصهم الحاقد عليه، ثم طلب فرحاً، فوجد نفسه يسير في جنازة أخويه

في لقائنا مع الفنان "عصام حسن" قال: «ما لفت انتباهي أثناء وبعد حرب "غزة" أن الكثير من وسائل الإعلام استخدمت الصور القاسية والمؤلمة بشكل معيب، وبعيدة عن الجانب الإنساني، وقد تم استثمارها بالشكل السياسي، فهناك محطات كثيرة وظفتها للضغط.. فبعد أن رأينا هذا التجاذب الإعلامي على أشلاء أطفال "غزة" وأبنائها.. لابد من طرح آراء أشخاص لديهم رؤيا بسيطة كالأطفال.. ومتابعين لأوضاع أطفال "غزة".. وجاءت فكرة الكتاب لتبقى وثيقة دائمة أفضل من طرحها في مجلة أو جريدة».

أكره اللون الأحمر بين يدي أ. عصام حسن

متابعاً: «لذلك في ورشة العمل التي أقيمت ضمن مكتبة الأطفال العمومية "باللاذقية" لم يتم اختيار المميزين أو من لديهم موهبة أدبية ولكن استند الاختيار على التسجيل بعد وضع الإعلان.. فمن كان من ضمن أول خمسة وعشرين مسجلاً حصل على القبول ضمن الورشة والتي استمرت لشهر كامل، لمدة ثلاث جلسات أسبوعياً، تمتد كل جلسة ساعتين ونصف..

ولم يعرف الأطفال ماذا سيكتبون، كما أن دفاترهم الذين يكتبون عليها تبقى ضمن المكتبة حتى لا يتم التدخل بها.. اعتمدت الفكرة على الخطاب المباشر من الأطفال إلى مجموعة من الجهات وقد اختيرت على شكل رسائل لتكون أكثر مباشرة وقد بلغ عدد الرسائل 81 رسالة وزعت ضمن اثني عشر باباً كل باب يضم عنوان رسالة اختير من رسائل الأطفال ما يناسب كل عنوان وهي على التوالي: رسالة من طفل إلى بيته في غزة، رسالة إلى الأطفال الشهداء في "غزة"، رسالة إلى طفل يعيش في "غزة"، رسالة إلى قلوب الأمهات في "غزة"، رسالة إلى العدو، إلى أطفال العدو، وإلى أطفال العالم، إلى الحكام، إلى "غزة"، إلى حمامة السلام، إلى المستقبل، وترك الباب الأخير كمساحة حرة».

المديرة التنفيذية عدوية ديوب

مشيراً: «خصصت ضمن الورشة جلستان بعد كتابة الرسائل ليرسم الأطفال ما كتبوه حسب تصوراتهم، وقد استخدمت بعض هذه الرسوم وتصرفت بها بما يخدم النصوص، ولأن رسوم الأطفال لم تكن كافية فقد وضعت لوحات صممتها ونفذتها خصيصاً لهذا العمل.. ولكن لوحة الغلاف كانت للطفلة "إنانا صارم" والتي يبلغ عمرها تسع سنوات».

وأضاف: «قبيل كل جلسة كنت أسعى لأدخل الأطفال في الجو المريح والحميمي من خلال بعض الألعاب المحببة والحوارات المقربة لديهم.. كما كنت أدمجهم مع الحالة المطلوبة بما يتناسب مع الموضوع المطروح.. ما أنتج كتابات مميزة، وخلق حالة حب دائمة ومتبادلة بيني وبين الأطفال المشاركين وهذا رصيد جميل».

تجدر الإشارة إلى أن مقدمة الكتاب كتبها بعض الأطفال المشاركين كمقدمة جماعية تقول: «رسالتنا لن تصل بالبريد وإنما الهواء هو ساعي البريد. رأى أشياء وأشياء، منها فرحة ومنها محزنة. رأى الأمل لكنه تخيله موضوعاً في كؤوس مرمية على الطرقات وهو يطير فوق يافا وحيفا وأريحا. الجدران تنطق بصمت أطفال غزة. الألغام تتبعثر في أراضي "غزة". خطوات تتجه نحو مخرج المدينة قاصدة الهروب إلى أرض خالية من الدمار. سمع الهواء صوتاً يرتد من بعيد: الحرية "لغزة".. الحرية "لغزة"، مذيلة بتوقيع "سارة خليل، نورس شعباني، ورد حسن، رامي علي، إنانا صارم، العباس محمد"».

وجاء في رسالة الطفل "حيدر فياض" إلى قلوب الأمهات في "غزة": «أيتها القلوب لا تحزني. عندما أكبر سأرجع لك أولادك. أعرف أنك لا تريدين أن يقتل أبناؤك. إنني أعرف هذا الشعور، وكأنك وردة قطفت أوراقها، ولكن لا تحزني سأعيد الأوراق إلى مكانها عندما أكبر».

وفي رسالة إلى حمامة السلام من الطفلة "روز محفوظ" تسع سنوات: «طيري يا حمامة السلام.. طيري في الهواء إلى "غزة" طيري، فهناك طفل طلب أمه، فقدموا له بقاياها، ثم طلب أباه، فوجهوا رصاصهم الحاقد عليه، ثم طلب فرحاً، فوجد نفسه يسير في جنازة أخويه».

كما جاء في مساحة حرة رسالة من "مصطفى ياسين" ست سنوات «3+7=10 "سورية" معك يا "غزة"!».