«يعتبر "طائر النعام" طائراً مقدساً لدى حضارات "الفرات" الأوسط حسب الرقم الأثرية المكتشفة، فهو من فصيلة الطيور الصحراوية التي لا تمتلك القدرة على الطيران، ولهذا السبب تمكن من العيش والتأقلم في الظروف الجوية الصعبة والقاسية في المناطق الجافة، وتدل الأبحاث الأثرية على أن طائر النعام كان موجوداً في المناطق الآسيوية وشرق "أفريقيا" ثم هاجر إلى الصحراء "الأفريقية ومنطقة الجزيرة العربية"».
بحسب ما قاله السيد "يعرب العبد الله" رئيس دائرة التنقيب في دائرة آثار "دير الزور" لموقع eDeiralzor مبيناً تاريخ النعام من الناحية الأثرية فقال: «تشير اللقى الأثرية المكتشفة إلى أن الآشوريين كانوا يعتبرون النعام طائراً مقدساً وكانت بيوض النعام توضع مع الموتى في المدافن عام /5900/ قبل الميلاد، كما اكتشفت البعثات الأثرية أواني مصنوعة من بيض النعام في معبد "عشتار" الأثري في مملكة "ماري" وفي تل "العشارة" (ترقا) شرق مدينة "دير الزور"، والذي يعود إلى الألف الثاني قبل الميلاد، ويعتبر بمثابة دليل على الخصوبة، فالنعام استوطن في منطقة "الفرات" الأوسط منذ آلاف السنين».
يعتبر النعام من الطيور قوية البنية وعالية الحيوية ويمكن أن تستمر بهذه القوة حتى لو لم يتم اتباع الاحتياطات الصحية بدقة، كما يمكن التحكم تماماً في أي مشاكل صحية يمكن أن تواجه المربي
السيد "سمير الجواد" أحد مربي النعام في محافظة "دير الزور" الذي قال: «بدأت بتربية طيور النعام "الإفريقي" ذي الرقبة السوداء منذ خمس سنوات، وحصلت على نتائج جيدة من حيث نمو جسم الطائر ووصوله إلى عمر الإنتاج، وهذا النجاح يعود إلى تطبيق تعليمات الخبراء الفنيين من خلال تفقيس البيوض داخل الحاضنات، والحصول على الصيصان الصغيرة وتربيتها إلى أن تصل إلى سن التزاوج».
أما عن طريقة تربية النعام أشار "جواد" قائلاً: «تربية النعام سهلة، ولا تحتاج إلى أيد عاملة كثيرة حيث يكفي ثلاثة أو أربعة عمال لإدارة مزرعة تضم /100/ إلى /150/ طائراً لأن النعام يأكل كل ما تأكله حيوانات المراعي، ولا يحتاج إلى مستلزمات، ومعدات مكلفة تتطلب إجراء صيانات دورية وقطع غيار وتجهيز المعالف والمشارب لا تتعدى استخدام برميل، أو إطارات لهذه الغاية، ولا يحتاج إلى حظائر مكلفة مقارنة بالدواجن بل يربى النعام ضمن مسارح تحاط بأسوار من الأسلاك، أو الطوب أو الخشب بمساحة /100/ متر مربع للعائلة الواحدة المؤلفة من ذكر واحد وأنثيين».
لم يتعرض القطيع الذي يملكه "جواد" لحالة نفوق أو مرض، وهذا يفضي بنا للتساؤل عن قدرات النعام المناعية فقال: «يعتبر النعام من الطيور قوية البنية وعالية الحيوية ويمكن أن تستمر بهذه القوة حتى لو لم يتم اتباع الاحتياطات الصحية بدقة، كما يمكن التحكم تماماً في أي مشاكل صحية يمكن أن تواجه المربي».
والتقينا أخيراً الدكتور "ابراهيم لطفي" رئيس دائرة الصحة الحيوانية بمديرية زراعة "دير الزور" والذي أشار إلى تاريخ النعام وجدواه الاقتصادية فقال: «استوطن النعام المنطقة منذ آلاف السنين، وتشكل منطقة "الفرات" الأوسط بيئة مناسبة لتربيته الذي أصبح اليوم يشكل حالة مثالية لتأمين مصدر غذائي رديف لتربية الدواجن من أجل تلبية الطلب المتزايد على الغذاء بسبب النمو السكاني المطرد».
وتابع "لطفي" حديثه بالقول: «يصنف النعام من الطيور الآكلة للعشب فهو يأكل الحشائش، و"البرسيم والفصة، والحبوب" ويلتهم الرمال الخشنة والحصى وقطع الأخشاب الصغيرة لتسهيل عمليات الهضم وجرش الأعلاف، ولذلك لا يحتاج لكميات كبيرة من الأعلاف إذ تكفي الطائر كمية /2/ كغ من العلف لإنتاج /1/ كغ من اللحم».
أما عن الدراسات الاقتصادية التي أجريت على مزارع النعام فبين قائلاً: «إن المردودية الاقتصادية لتربية النعام تزيد عن مردودية تربية الأبقار بمقدار /40/ ضعفاً حيث يحتاج إنتاج /1/ كغ من اللحم لدى الأبقار من /6-7/ كغ من العلف، وتعطي البقرة مولوداً واحداً في السنة بينما تنتج أنثى النعام /40/ فرضاً في السنة، ويبلغ العمر الإنتاجي للنعام /35/ إلى /40/ سنة في حين ينخفض لدى الأبقار إلى /15/ سنة».
وللنعام ميزات يوضحها "لطفي" بالقول: «النعام طائر هادئ وجميل يبلغ ارتفاعه /2.5/ متر ووزنه بعمر ثلاث سنوات حوالي 100 كيلو غرام، ويستطيع أن يرى لمسافات بعيدة ولا يضع رأسه بالتراب كما يشاع بل يقرب أذنيه من الأرض حتى يتعرف على موقع أعدائه، وهو الطائر الوحيد الذي يملك أصبعين في قدميه ويعتبر صاحب أقوى رفسة تصل قوتها إلى /150/ كيلو غراماً، ويستفاد من تربيته في الحصول على اللحوم والجلود الثمينة المقاومة للماء التي تستخدم في صنع الحقائب والأحذية والملابس عالية الجودة ويستفاد من الريش في أعمال التنجيد وتنظيف الآلات الإلكترونية وتضع أنثى النعام /50/ إلى /100/ بيضة في الموسم تستخدم غير المخصبة منها للأكل حيث تدخل في صنع الحلويات والمعجنات وتكفي البيضة الواحدة لإطعام /14/ شخصاً كما تستخدم الدهون في صناعة المستحضرات الطبية والتجميلية».