تعد مهنة تصليح الأحذية من أقدم المهن وأكثرها شعبية وانتشارا ومع توالي السنوات بقيت هذه المهنة موجودة مع بعض التعديلات التي ساهمت بتطوير أدواتها لتصبح مرنة وأكثر سهولة في الاستخدام.
وللتعرف أكثر إلى هذه المهنة التقينا العم "كامل ونوس" من قرية "مرسحين" بتاريخ 26/1/2010 الذي اعتاد منذ خمس وعشرين عاما على افتراش ركن صغير على أحد أرصفة "طرطوس" في شارع "المشبكة" عارضاً بضاعته من الأحذية وعن هذه المهنة يقول: «هذه المهنة التي أعتاش منها مع عائلتي، أمنت لي على مدار الخمس والعشرين عاماً الماضية المصدر الوحيد للدخل ولكن أدواتي بسيطة ومازالت هي نفسها منذ أن بدأت بها فهي عبارة عن "سندان" و"سكين" و"إبرة" خاصة بشبك الأحذية ومطرقة للمسامير وقاعدة خشبية لوضع "السندان" عليها أثناء العمل».
القديمة مثل التي أستخدمها تحتاج إلى وقت وجهد أكبر من الحديثة التي هي عبارة عن ماكينة للخياطة وهي أقل جهد ووقت ولكن القديمة أكثر متانة
وبالنسبة للخيوط المستخدمة في عملية الشبك يقول العم "ونوس": «إنها خيوط خاصة بشبك الأحذية نجلبها من المحلات الخاصة ببيعها وتكون متينة وبلونين الأسود والأبيض وتحتاج الفردة الواحدة من الحذاء إلى مدة عشر دقائق وبعدها تكون جاهزة للاستعمال».
ما الفرق بين أدوات تصليح الأحذية الجديدة والقديمة؟ يجيب: «القديمة مثل التي أستخدمها تحتاج إلى وقت وجهد أكبر من الحديثة التي هي عبارة عن ماكينة للخياطة وهي أقل جهد ووقت ولكن القديمة أكثر متانة».
ويكمل العم "ونوس" حديثه يخبرنا عن أهمية هذه المهنة من وجهة نظره قائلا: «إنها مهنة قديمة والناس بحاجة إليها فليس من المعقول أن نرمي بالحذاء الجديد لمجرد أن خدشا أصابه فبإمكانه أن يعود جديدا وصالحا للاستعمال بخطوات بسيطة من مصلحي الأحذية، وإيرادها معقول نوعا ما لأن أسعارها رخيصة فسعر تصليح جوز أحذية لا يزيد على الخمس والعشرين ليرة وهذا مبلغ بسيط مقارنة بالنتائج».
ولقاؤنا الثاني كان مع السيد "رمزي شحود" من "صافيتا" الذي على عكس سابقه طور مهنته بأدوات جديدة أكثر حداثة وافتتح محلاً خاصاً بتصليح الأحذية وحول هذا يحدثنا: «هذه مهنتي أبا عن جد ورثتها عن أبي ولكني استبدلت أدواتها القديمة بماكينة خياطة خاصة بالأحذية وتعمل على مبدأ ماكينة خياطة الألبسة العادية وتصلح لدرز كافة أنواع الأحذية باستثناء التي تحتاج إلى مسامير ولا أخفيكم أن هذه المهنة كانت السبب وراء امتلاكنا لمحل أحذية في سوق "النسوان" وأكثر ما يعجبني بها هي أن التعامل مع الزبون يكون مريحا فلا أحد يتعالى عليك أو يأمرك على العكس تماما وهنا لابد أن نصحح نظرة الشباب لهذه المهنة فهي ليست انتقاصا لأحد على العكس تماما فهي تحمل طابعا شخصيا بيننا وبين الزبون ومهنتنا لا تعتمد على الغلاء كمصدر للدخل وإنما الكثرة فكل يوم لدي ما يقارب الخمسين زبوناً وبالنسبة لي لا أضع تسعيرة فكما يقدر الزبون تعبي يعطيني، وما يزيد ربحي أني أمتلك محلا للأحذية فالزبون يشتري الحذاء ويخيطه فورا لزيادة متانته».
ويتابع: «أريد أن أنصح الشباب بامتهان كل المهن التي تدر ربحا معقولا وأن يتواضعوا للعمل الذي سيجدونه كثيرا وليس محصورا في فرصة واحدة ومن هذه المهنة استطعت أن أفتتح محلا للأحذية وأنا الآن في طور التحضير لافتتاح الفرع الثاني وكل هذا بسبب مهنتي العزيزة تصليح الأحذية».
وفي لقائنا مع السيدة "رحاب ديب" قالت: «اعتدت أن أشتري الحذاء وأدرزه عند المصلح قبل استعماله وذلك لأن أغلب الأحذية تجارية ولا تلبث أن تبتلي حتى تنتزع ومن الممكن أن أقوم بدرزها أكثر من مرة وتصبح أكثر جدة في كل مرة وبالتأكيد ليس من المنطقي أن تتخلي عن حذاء جديد لمجرد أن كعبه قد كسر أو تآكلت "نعلته" وإنما أهرع إلى المصلح ويعود الحذاء كما كان، لا، بل أفضل».