عيد الأضحى أحد أهم مناسبتين عند المسلمين، ويوافق اليوم العاشر من ذي الحجة بعد انتهاء وقفة عرفة، الموقف الذي يقف فيه حجاج بيت الله الحرام لتأدية أهم مناسك حج البيت، كما يعتبر ذكرى لقصة سيدنا "إبراهيم" عندما أراد التضحية بابنه سيدنا "إسماعيل" تلبية لأمر ربه لذلك يقوم الكثير من المسلمين بالتقرب إلى الله في هذا اليوم بالتضحية بأحد الأنعام وتوزيع لحم الأضحية على الأقارب والفقراء و أهل بيته، ومن هنا جاء اسمه عيد الأضحى.
موقع "eSyria" قام بجولات متعددة خلال أيام العيد ليتعرف على معاني ومفهوم الأضحية في مجتمعنا، وبداية التقينا الشيخ "محمد أحمد" باحث ديني، الذي حدثنا: «شرع الله تعالى الأضحية لتكون منسكاً لنا وعبادة نتقرب بها إليه، كما شرعها لحكم وفوائد كثيرة تعمّ الفرد والأسرة والمجتمع والأمة، إضافة إلى كونها تُذكرنا بمناسك الحج، وأعمال ضيوف الرحمن وحكم كثيرة منها إحياء ذكرى نبي الله "إبراهيم" وابنه "إسماعيل" حيث فدى "الله" إسماعيل من الذبح بالكبش العظيم، وتذكرنا هذه القصة بطاعة "إبراهيم" عليه السلام لله عزّ وجل، فتشحذ هممنا، وتُعيدنا إلى دائرة الطاعة للخالق بعد غفلة طويلة، كما تذكرنا ببر "إسماعيل" عليه السلام لوالده في زمانٍ أصبح فيه البر نادراً».
الأضحية فيها توسعة على الناس جميعاً، خاصة الفقراء والمساكين في هذه الأيام المباركة، ليعم الفرح والسرور جميع الناس حيث يشارك الفقراء والمحتاجين الأغنياء والقادرين في أكل اللحم خلال هذه الأيام المباركة، فأنا والكثير ممن حولي في هذا الحي الفقير يقصدنا أهل الخير ليشاركونا عيدهم، وهو بالتأكيد تصرف نبيل ينم عن جوهر ديننا الإسلامي
عن أسماء العيد والأيام المخصصة للذبح يحدثنا الشيخ "محمد": «لأيام عيد الأضحى أسماء مختلفة حسب التاريخ الهجري منها "تسعة ذي الحجة يوم عرفة، عشرة ذي الحجة يوم النحر، الحادي – الثالث عشر من ذو الحجة أيام التشريق" وغيرها من الأسماء أما بالعامية فيسمى عيد الأضحى بالعيد "الكبير"، ووقت الذبح أربعة أيام، يوم النحر وثلاثة أيام التشريق، لما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "كل أيام التشريق ذبح"، حيث أن وقت ذبح الأضحية يبدأ من بعد صلاة وخطبة عيد الأضحى - وهو أفضل الأوقات - إلى قبل مغيب شمس آخر أيام التشريق وهو الثالث عشر من ذي الحجة».
اعتدنا شراء اللحوم من الأسواق المخصصة لذلك أو محلات الجزارين الصغيرة، لكن خلال أيام عيد الأضحى نجد في معظم المساحات الخالية من المباني بأحيائنا راعياً وأغنامه يبيع من قطيعه إلى المستهلك مباشرة، وفي منطقة جمعية المهندسين بمحافظة "حلب" التي ألف سكانها أرضاً خالية وسط ازدحام المباني ليقصدوها أيام كل "أضحى"، حيث استقر فيها أيام هذا العيد الراعي "فهد الجابر" وعن مهنته حدثنا: «مهنتي هذه ورثتها عن أجدادي، حيث نربي الخراف منذ ولادتها إلى أن تكبر ويصبح عمرها مناسباً للذبح، فنحرص كثيراً خلال تربيتها على غذائها الجيد وسلامة صحتها، لنقوم ببيعها لاحقاً بالجملة إلى المحلات المخصصة لبيع اللحوم، أما فترة عيد الأضحى فهي بالنسبة لنا موسم عمل نعتمد خلاله البيع المباشر للناس لنضمن نسبة أرباح أفضل، كما ترتفع نسبة مبيعاتنا بشكل جيد فتصل كمية البيع إلى ما يقارب المئة خلال فترة العيد، وبالتأكيد نعتمد التوضع في مناطق يكون سكانها ميسوري الحال حيث هنا بمقدور العائلة الواحدة شراء أكثر من رأس».
طقوس عديدة يمارسها السكان خلال أيام العيد وعند التضحية، كتزيين وتجميل الأضحية قبل ذبحها، ففي ريف حلب كانت الزهور الملونة تكلل رأس ورقبته الكبش، وفي محافظة "درعا" زين الكحل العربي عيون الخراف الأربعة التي قررت الحاجة "عائشة الحراكي" التضحية بهم لنفسها ولزوجها ،ابنها، وابنتها المتوفين، وقد اعتادت "الحراكي" كما حدثتنا وراثة هذا الطقس عن أجدادها فبعد تكحيل العينين تحمل المرآة ليرى الخروف وجهه، وهي تعتبره يبدو بذلك كالعريس الجميل.
تتابع "عائشة" حديثها معنا: «الأضحية عبادة واقتراب من الله تعالى، لأن المضحي لا يقوم بأداء هذه الشعيرة إلا وقد دفعه حبُّهُ وذكرُهُ لله تعالى أن يتقرب إليه بهذا العمل، فيذكرُ الله مكبراً ومهللاً على أضحيته عند ذبحها، كما أنها باب من أبواب الشكر لله تعالى بتذكر نعمه علينا، بأن أبقانا من عام لعام، وخلق لنا هذه الأنعام وسخرها لنا ركوباً، دفئاً وطعاماً، ومتعنا بها حلالاً طيباً».
عن الأجواء العائلية، ومعاني العيد حدثتنا الحاجة "حكمت حسين": «تتسم أيام العيد بالصلوات وذكر الله، الفرح، العطاء، والعطف على الفقراء، ويسعد الأطفال بثيابهم الجديدة، وتكثر الحلوى والفواكه في بيت المسلمين، كما يقوم البالغون بزيارة أقاربهم ومباركتهم بالعيد، وأعتبر أن أجمل الطقوس هي عند تجمع الأطفال بعد صلاة العيد بقليل حول الخراف التي سنضحي بها ونكون قد زيناها بالزهور، حيث يفتخر أطفال كل عائلة بخروفهم فيرونه الأجمل والأكبر من كل أضاحي القرية، ويتم الذبح وتقسيم الكميات لتوزيعها بتعاون جماعي رائع، كما نخصص كمية للشواء لتتناول العائلة من الأضحية حسب سنة الرسول، فتجمع طاولة الغداء يومها العائلة كاملة من الجد إلى الحفيد».
بعض الفقراء ينتظرون هذا العيد بفارغ الصبر، ليسعدوا أطفالهم بوجبة كبيرة من اللحم، فهي سلعة غالية الثمن، تستغني بعض العائلات عن وجودها لأيام طويلة من العام، إحدى هذه العائلات كانت عائلة السيد "حسن فارس": «الأضحية فيها توسعة على الناس جميعاً، خاصة الفقراء والمساكين في هذه الأيام المباركة، ليعم الفرح والسرور جميع الناس حيث يشارك الفقراء والمحتاجين الأغنياء والقادرين في أكل اللحم خلال هذه الأيام المباركة، فأنا والكثير ممن حولي في هذا الحي الفقير يقصدنا أهل الخير ليشاركونا عيدهم، وهو بالتأكيد تصرف نبيل ينم عن جوهر ديننا الإسلامي».