بعد الانتهاء من جني محصول الزيتون في كل عام وخاصّة في السنة التي تكون فيها الشجرة قد حملت الثمار يعمد المزارعون إلى القيام بعملية تقليم الأشجار وذلك بهدف الحصول على إثمار جيد في العام التالي وكذلك الحصول على شكل جميل ومناسب للشجرة.
ولمعرفة المزيد حول عملية التقليم وفوائدها للشجرة والموسم قام مراسل موقع eSyria بجولةٍ في أحد حقول الزيتون في منطقة "عفرين" وهناك التقى بالمزارع "محمد خليل إبراهيم" الذي كان يقوم بعملية تقليم أشجاره وسأله عن الهدف من هذه العملية فأجاب بالقول: «طبعاً شجرة الزيتون لدينا تتميّز بأنّها تحمل الثمار في موسم ويكون حملها خفيفاً في الموسم التالي، ولذلك وبعد الانتهاء من جني المحصول في السنة الحاملة نقوم بعملية تقليم الأشجار وذلك من خلال قطع الأغصان اليابسة والضعيفة والمريضة والتي حملت الموسم الحالي وترك الأغصان والفروع الطرية والقوية والخضراء».
هناك تقليم تربية وهدفه اختيار شكل الشجرة للمستقبل وتقليم إثمار وهدفه اختيار الأغصان الحاملة للثمار وتشجيع الحصول عليها
وأضاف: «وخلال فصل الربيع تنمو هذه الأغصان كما تظهر أغصان جديدة تكبر حتى موسم الحمل القادم أي الموسم بعد التالي حينها تكون الشجرة قد أصبحت قوية وطرية وخضراء وبالتالي تكون فرصتها مهيئة بشكل كبير لحمل الحب».
وحول ما إذا كان يعتمد طريقة علمية في التقليم قال: «نحن نشأنا وكبرنا بين الأشجار وبالتالي أصبحنا نعرف ماذا تريد وما هو المطلوب منا كمزارعين وكمربين لها، ثم إنّ العيش مع الأشجار لعشرات السنين والعمل اليومي في الحقول أكسبنا خبرة كافية للقيام بهذا العمل فمنذ أن كنت طفلاً وأنا أذهب مع والدي إلى الحقل وأتعلم منه التقليم وقتل الدود وحرق الأغصان وغيرها».
وفي الحقل أيضاً كان شقيقه "إدريس" يقوم بحرق نواتج التقليم من أغصان خضراء فسأله مراسلنا عن سبب ذلك فقال: «نحن في العادة نقوم بحرق هذه الأغصان بعد التقليم مباشرةً وذلك للتخلص منها بغية فلاحة الأرض مباشرة وكذلك فإنّ بقاء هذه الأغصان مدة طويلة في الحقل يجعلها مرتعاً للحشرات والديدان التي تنخر في سيقان أشجار الزيتون، ورغم ذلك يعمد بعض المزارعين لإبقاء هذه الأغصان الخضراء في حقولهم حتى نهاية فصل الصيف حيث تتعرض للشمس فتصبح جافة تماماً ومن ثم يمرون بالجرار الزراعي فوقها حتى تصبح كالتبن ليختلط بالتربة ويتحول إلى سماد يفيد الشجر».
بعد هذه اللقاءات التقى مراسلنا في كلية الزراعة بجامعة "حلب" بالدكتور "أحمد معروف" وأجرى معه لقاءً دار حول الهدف من عملية تقليم أشجار الزيتون وفوائده وذلك من الناحية العلمية وفيما يلي نص اللقاء:
* فكرة عامة عن التقليم؟
** «التقليم عملية فكرية قبل أن تكون عضلية، وهي عبارة عن قص وتهذيب لأفرع النباتات بغية توجيه النمو أو التخلص من أجزاء غير مرغوب بها أو الحصول على شكل وارتفاع معينين للشجرة، بالنسبة للأشجار الفتية يتم التقليم من أجل الحصول على الهيكل القوي الذي يتناسب مع وطبيعة نمو هذه الأشجار بحيث يتم تربية الفرع الرئيسي والأفرع الهيكلية وتوزيعها بشكل صحيح، أما على الأشجار المثمرة فيتم للحفاظ على تجدد تشكيلاتها الثمرية ونموها الخضرية بحيث تؤمّن استمرارية هذه التشكيلات».
** «أطول عمر بمعدلات إنتاج منتظمة وأفضل شكل يتناسب والخصائص البيولوجية للشجرة وإتاحة المجال لتنفيذ الخدمات البستانية من مكافحة الآفات ونوعية القطاف وتنظيم حمل الثمار كماً ونوعاً وبشكل سنوي».
** «هناك تقليم تربية وهدفه اختيار شكل الشجرة للمستقبل وتقليم إثمار وهدفه اختيار الأغصان الحاملة للثمار وتشجيع الحصول عليها».
** «تقليم غراس الزيتون الناتجة عن عقل مجذّرة يبدأ منذ السنة الأولى لزراعتها وخاصّة المروية منها أما في المناطق الجافة فقد تُترك الغرسة لتنمو مدة من / 3-4/ سنوات ثم تُقلّم».
** «يجب عدم خروج فرعين من نقطة واحدة وأن تخرج الأفرع على الساق بزاوية منفرجة ويجب أن تكون المسافة بين نقط خروج الأفرع لا تقل عن /10/ سم، كذلك يجب إزالة الأفرع غير المرغوب بها تدريجياً خلال عدة سنوات لتجنب اندفاع الشجرة نحو النمو الخضري وبالتالي تأخر الإثمار وأخيراً يجب أن يبدأ تقليم التربية من المناطق القريبة من سطح التربة ونحو الأعلى».
** «إنجاز عمليات التقليم والمكافحة والقطاف بسهولة وعدم تعريض الأشجار للرياح وإعاقة نمو الأعشاب تحت الشجرة والتقليل من تبخر الماء من التربة بفعل الظل كما تحمي الساق من أشعة الشمس، وأخيراً يلجأ بعض المزارعين إلى تربية الشجرة على ساق طويل بغية فلاحة تحتها ولكن ذلك يسبب الكثير من الأضرار والأفضل هو اللجوء إلى الركش حولها».
** «نعم هناك أولاً المبادئ الفيزيولوجية وتتضمن ما يلي: إنّ ورقة الزيتون مصنع الغذاء ويستمر نشاطها من /2 -3/ سنوات، وكذلك إنّ شجرة الزيتون من الأشجار المحبة للضوء لأنّ الضوء يزيد من التمثيل الضوئي، وأيضاً يجب معرفة أنّ النسغ يتمركز في الأغصان الفتية والقوية الموجودة في نهاية الأفرع حيث يغذي الأفرع بشكل أفضل كلما كانت الأفرع قريبة من الساق».
«أما المبادئ البيولوجية فتتضمن أنّ الأغصان الغليظة والفروع الكبيرة تمتلك براعماً كامنة تستيقظ بعد القطع وتعطي نموات وبسهولة وأنّ الحمل والإنتاج في الزيتون يتواجد على نموات العام الماضي وتشكل أشجار الزيتون نموات في نهاية الأغصان في كل سنة، كما يُلاحظ انحناء الأغصان الحاملة للثمار مقارنة بغير الحاملة ويجب على المقلّم أخيراً تجنب إحداث الخلل غير المبرر بنسبة الأوراق إلى الخشب من خلال التقليم الجائر للأغصان القصيرة والأفرع الحديثة».
** «ضمان الحصول على محصول جيد سنوياً وعلى نوعية جيدة بتشجيع تكوين خشب الحمل القوي وتسهيل عمليات القطاف ومكافحة الأمراض والحشرات والعمل على عدم تدهور الأشجار وضعف المحصول كلما تقدم عمر الشجرة والعمل على بقاء المجموع الخضري لها».
* مراحل تقليم الشجرة؟
** «إزالة الأجزاء الكبيرة والكثيرة والتي تمثل الجزء الأكبر من التقليم والإبقاء على أغصان التجديد مع التخلص من الأغصان الميتة والمتجردة من الأوراق وعلى المقلّم ترك الأغصان الحديثة المثمرة للأخير ليقلّمها بعناية».
«وعملية تقليم أشجار الإثمار تكون كما يلي: إزالة الأغصان المريضة واليابسة والمكسورة والمتشابكة والطفيلية وفتح قلب الشجرة لتسهيل دخول أشعة الشمس والهواء إليها، وكذلك يجب الاحتفاظ بعدد من الأغصان يوازي محيطها إجمالي محيط الجذع أو أقل مع إزالة بعض الأغصان الثانوية عن الأغصان الرئيسية التي احتفظ بها، ويجب دهن أماكن الجروح الكبيرة بمادة المستيك أو الطين وتعقيم أدوات التقليم وحرق الفروع المريضة وتأخير تقليم الأغصان المريضة إلى نهاية التقليم لتفادي انتقال المرض للأشجار السليمة».
** «في المناطق الساحلية والدافئة بعد القطاف وحتى شهر شباط، أما في المناطق الباردة المعرّضة للصقيع والثلوج فيُفضّل ذلك في آخر فصل الشتاء وذلك خلال شهري شباط وآذار».
** «نعم لأنّه يمكننا الاستفادة من تلك النواتج في استخدامها كوقود في المدافىء والأفران وكذلك فإنّ النموّات الخضرية تُعتبر علفاً جيداً للحيوانات حيث تبين أنها تحتوي على 9% بروتين، 4،2% دهون، 2% ألياف، 2،7% رماد، وكذلك يمكن تقطيعها بواسطة مطاحن لتُضاف للتربة أو تُخمّر ليعد منها سماد عضوي أو لاستخدامها بعد التقطيع كوسط لزراعة النباتات والتزيينية، وأخيراً يُعد من أوراق الزيتون وبذورها قلائد جميلة للزينة وتصنع تماثيل وأدوات موسيقية».
«ومن الناحية الطبية فإنّ مضغ أوراق الزيتون يُذهب التهاب اللثة والحلق لأنّ فيه عصارة قابضة تنفع في علاج هذه الالتهابات أما إذا دُقّ وضُمد بعصارته أو بمائه نفع في حالات الجروح والقروح والدمامل لاحتوائه على المادة القابضة المطهرة، إنّ مستخرج ورق الزيتون مضاد ميكروبي طبيعي اُستعمل للدعم الغذائي في السيطرة على العديد من الفيروسات والبكتيريا وحتى بعض الطفيليات».