«اعتقد أهالي مدينة "تل أبيض" أن افتتاح البوابة الحدودية سيعود عليهم بالنفع العميم، وذهبوا في أحلامهم أشواطاً بعيدة، من حالمٍ بوظيفة مرموقة في البوابة الجديدة المرتقبة، إلى راغب في ولوج عالم التجارة البينية بين سورية وتركيا، أو الدخول من البوابة الواسعة للتخليص الجمركي، وفي أدنى الأحوال شراء سيارة عابرة للحدود بين البلدين، وربما بين قارتين، فهم شاطروا تركيا حلمها في الانضمام للاتحاد الأوربي، وباتت الأحاديث عن المسافة القليلة التي تفصل مدينتهم عن القارة الأوربية لها جاذبيتها، وطعمها اللذيذ الحلو تحت ألسنتهم.
بالتوازي مع هذا الطموح المشروع، رغب الأهالي بتحسين سوية الخدمات في المدينة، واستكمال مرافقها الخدمية كافة، ومنها مشروع جر مياه "الفرات" لإرواء مدينة "تل أبيض" وقراها، ولكن مع اقتراب عام كامل على استثمار المشروع، هل حقق ما يصبوا إليه الناس من تذوق مياه "الفرات"؟ وما دام الحديث عن مصادر المياه، وضرورة توفيرها نقية وسليمة، ماذا فعلت الجهات المعنية بشأن نقل مكب القمامة من جوار نبع "عين العروس" إلى موقع بديل؟ وهل سيتلمس مشروع معالجة مياه "الجلاب" سبله للتنفيذ؟».
من طرائف مدينة "تل أبيض" أن سكانها المطالبين دوماً بنقل مكب القمامة من نبع "عين العروس"، هم أنفسهم من يعارض نقلها إلى أي موقع بديل، بحجة تعارض وتضارب المصالح الشخصية الضيقة للبعض، ويمكن الاستدلال على ذلك من تعثر كافة الجهود الرامية إلى إيجاد مكب بديل عن الموقع الحالي. خلال السنوات الماضية، كان النبع جافاً، ورمي القمامة في مجرى النهر وتحويله لمكب لقمامة المدينة، لم يكن بذا أهمية، ولكن المشكلة بدأت مع عودة النبع للتدفق والجريان، وباتت القمامة من مصادر التلوث الرئيسية لمياه النبع، إلى جانب أقنية الصرف الصحي، ويسعى مجلس المدينة لتحويل المنطقة المحيطة بالنبع إلى مقصد سياحي عبر سلسلة من المشاريع التي شملت تحسين الموقع وتثمير المقصف وتعبيد وتسوية الطرق، ولكن يبقى مكب القمامة حجر عثرة أمام هذا المشروع السياحي الهام
ذكر ذلك السيد "محمد الخليل"، من أهالي مدينة "تل أبيض"، وهو يتحدث لموقع eRaqqa بتاريخ (20/10/2009)، عن واقع المشاريع الخدمية في المدينة، والأحلام التي رافقت افتتاح البوابة الحدودية.
ويضيف السيد "محمود السلمو" من أهالي المدينة، قائلاً: «حلم الفردوس المفقود لبوابة "تل أبيض" لم يأتِ من فراغ، ولم يبتدعه أهالي المدينة من بنات أفكارهم، فتصريحات المعنيين في هذا المجال كانت تعدهم بآمال عريضة، فالشاحنات والبرادات العابرة عبر البوابة ستكون بالمئات، وقاموا من أجل ذلك بتعريض الطريق الواصل إلى "الرقة" لاستيعاب الكثافة المرورية، ونفذوا محلق خارجي يصل البوابة بالطريق العام دون الحاجة للمرور بالمدينة والتسبب باختناقات مرورية، وستكون هناك منطقة للتجارة الحرة بين البلدين، تُطرح فيها شتى أنواع السلع والبضائع، وستكون أبوابها مفتوحة لطالبي التبضُّع والتسوق، فالمدينة مقبلة على حركة تجارية غير مسبوقة، وهي بوابة سورية نحو العالم الأوربي.
حتى لا يُفهم من كلامنا أن البوابة الحدودية في "تل أبيض" لم تكن لها منعكساتها الإيجابية على الصعد كافة، وإتاحتها لآفاق استثمارية واعدة، أقول إن المقصود بهذا الكلام هو الاستفسار عن الأثر الاجتماعي المباشر لإحداث البوابة، وأحلام الأهالي التي ساهمت تصريحات المعنيين، والمقالات الصحفية في كثير من الأحيان، في بلورتها وصياغتها، والتي تبيّن بعد افتتاح البوابة واستثمارها، أنها مجرد أمنيات لا أثر لها على أرض الواقع.
قد يقال أننا نتعجل قطف الثمار قبل نضجها، وأن فوائد البوابة على المستوى الاجتماعي آتية لا ريب فيها، نقول إننا لسنا في عجلة من أمرنا، وما تحقق في مجال زيادة التبادل التجاري وسهولة انسيابية السلع بين البدين إنجاز كبير، وطموح غالٍ قد تحقق، ولكننا نأمل أن ينال هذا التغيير الواقع الخدمي في المدينة، لتصبح مدينة "تل أبيض" بوابتنا الواعدة نحو تركيا والقارة الأوربية».
وعن مكب القمامة في موقع نبع "عين العروس"، يضيف السيد "توفيق الحاج إمام"، من أهالي القرية، قائلاً: «من طرائف مدينة "تل أبيض" أن سكانها المطالبين دوماً بنقل مكب القمامة من نبع "عين العروس"، هم أنفسهم من يعارض نقلها إلى أي موقع بديل، بحجة تعارض وتضارب المصالح الشخصية الضيقة للبعض، ويمكن الاستدلال على ذلك من تعثر كافة الجهود الرامية إلى إيجاد مكب بديل عن الموقع الحالي.
خلال السنوات الماضية، كان النبع جافاً، ورمي القمامة في مجرى النهر وتحويله لمكب لقمامة المدينة، لم يكن بذا أهمية، ولكن المشكلة بدأت مع عودة النبع للتدفق والجريان، وباتت القمامة من مصادر التلوث الرئيسية لمياه النبع، إلى جانب أقنية الصرف الصحي، ويسعى مجلس المدينة لتحويل المنطقة المحيطة بالنبع إلى مقصد سياحي عبر سلسلة من المشاريع التي شملت تحسين الموقع وتثمير المقصف وتعبيد وتسوية الطرق، ولكن يبقى مكب القمامة حجر عثرة أمام هذا المشروع السياحي الهام».
وحول مشكلة المياه في المدينة، تحدث لموقعنا السيد "خليل الباكو"، رئيس مجلس مدينة "تل أبيض"، قائلاً: «لم تكن "تل أبيض" يوماً بعيدة العهد عن المياه العذبة، وهي التي تجاور نبع "عين العروس"، وتستفيد منه لأغراض الشرب والسقاية، ولكن الحاجة الحقيقة للمياه العذبة والنقية، بدأت مع نضوب مياه النبع، فحلم أهالي المدينة بمشروع لجر مياه "الفرات" إلى مدينتهم، سيما وأن مشاريع الاستصلاح وصلت إلى مشارف المدينة.
بدأت المؤسسة العامة لمياه الشرب بمشروع ضخم لإرواء "تل أبيض" وقراها بمياه "الفرات"، وقد تأخر إنجاز المشروع كثيراً، إلى أن رأى النور مطلع العام الحالي /2009/، وقد وصلت مياه المشروع إلى أكثر من /163/ قرية ومزرعة وتجمعاً سكانياً، ولكن الفرع الثاني للمشروع، والذي يروي بلدة "سلوك" وقراها لم يستثمر بعد، وكانت حجة مؤسسة المياه أنها بصدد استبدال وصلة البلاستيك في هذا الجزء بوصلة من الفونط المرن، ويعود التأخر في استبدال الوصلة إلى وجودها ضمن الأراضي الزراعية، وأن المؤسسة ستسارع باستبدالها فور الانتهاء من حصاد المحاصيل وتسويقها، والآن ونحن على أبوب الموسم الزراعي الجديد ولم تتحقق أياً من هذه الوعود.
في مدينة "تل أبيض" نفسها لا يختلف الحال كثيراً، فما زالت المدينة تعتمد في مياه شربها على الآبار الجوفية، ويقول الأهالي أن هذه المياه مرتفعة الملوحة وخاصة في أحياء المدينة الجنوبية، ومياه "الفرات" لا تصلهم إلا في القليل النادر، وإن وصلت فهي قليلة وضعيفة».
وحول إمكانية استصلاح الأراضي في "تل أبيض"، يقول السيد "خالد الحسين": «طُرح أكثر من مرة، في جلسات مجلس المحافظة، واللقاءات الجماهيرية مع المعنيين، مسألة تحويل نهر "الجلاب" إلى وادي "قره موخ"، وقد قامت المؤسسة العامة لاستصلاح الأراضي بدراسة الجدوى الاقتصادية لهذا المشروع وإمكانية تحويل المجرى، ولكن حتى هذا التاريخ لم تبت المؤسسة بشأن تحويل المجرى من عدمه.
بالتوازي مع هذا المشروع، درست المؤسسة مشروعاً آخر حول إمكانية استخدام مياه "الجلاب" في ري أراضي "تل أبيض" و"سلوك"، بعد أن أصبح دائم الجريان، ولكن هذا المشروع يجب أن يسبقه مشروع آخر يتمثل في إقامة محطة لمعالجة مياه النهر قبل دخوله الأراضي السورية، فالمياه الحالية تتميز بارتفاع نسبة عكارتها، ووجود نسب مرتفعة من المواد الكيماوية فيها، لكونها أصلاً من نواتج أقنية الصرف الزراعي لمشاريع الري التركية، وقد ساهم استخدامها بوضعها الراهن في ارتفاع نسبة الملوحة في الأراضي المروية بمياه "الجلاب"، وبالتالي خروج مساحات واسعة من الأراضي من حيز الاستثمار الزراعي».