"حلب" هنا! "حلب" حاضرة الثقافة منذ مئات السنين، والمركز الحضاري والعاصمة للعديد من الدول والدويلات التي مرت على المنطقة خلال السنوات الماضية والتي كانت فيها هذه المدينة مصدر إشعاع حضاري ونقطة جذب لما حولها من المدن.

وتعود من جديد هذه المدينة وعن طريق سلسلة الحفلات "أمسيات الخريف الموسيقية" لاستعادة مركزها الثقافي والحضاري في "سورية" من خلال إقامة عدد من الحفلات الموسيقية تبدأ من "حلب" وتنتقل عبر المدن السورية شرقها وغربها، شمالها وجنوبها في فكرة يعبر عنها السيد "عمار غزال" مدير مديرية "المدينة القديمة" أحد المؤسسين لهذه الفكرة ولهذا المشروع بالقول:

هي بذرة صغيرة أتمنى أن تكبر وتتحول إلى مهرجان مستمر يتم دعوة عازفين كبار له مستقبلا

«الموسيقى لغة عالمية، ولغة مشتركة بين الجميع. وعندما تحاور شخص بلغة الموسيقى فإنه سيفهم ما تقوله له مهما كانت لغته الأخرى التي يتخاطب بها مع البقية. والموسيقى الكلاسيكية موسيقى لها خصوصيتها ومن حيث أنها لغة نوعية وهي اللغة التي أريد أن أخاطب بها باقي المدن السورية من خلال سلسلة الحفلات هذه».

السيد أشرف كاتب" والسيدة "رامونة نيريس"

أما السبب الذي دفع به لإقامة هذا النشاط وسلسلة الحفلات الموسيقية هذه فيقول:

«هناك انقطاع ما بين المدن السورية! كل مدينة منها تعمل منفردة لوحدها كمؤسسة مستقلة داخل حدودها الإدارية، ولا تعرف ماذا يتم من أنشطة داخل المحافظات الأخرى مثلا، وأين وصل الطرف الآخر بتطوير فكره وخدماته للمواطنين واهتمامه بشؤون تطوير مدينته وخدماتها للساكن، كما أنه من النادر وجود أنشطة مشتركة ما بين هذه المدن. سأقوم عن طريق الموسيقى بتوصيل الرسالة لهؤلاء حول مفهوم خدمة المواطن والذي سيكون عن طريق مشروع "مدينتنا" والذي أنا جزء منه أيضا مثلما هو الحال مع أي مواطن في "حلب"».

وهذه الرسالة التي يريد الأستاذ "عمار" هي:

«إذا أردت أن يفهمني الآخرين فعلي أن أذهب إليهم وأقنعهم بعقليتي حتى يستوعبوني وأصل لهم. والرسالة التي أود إيصالها لهم هي مفهوم "الخدمة العامة" حيث نحن كموظفي بلدية أو كمجلس بلدية بشكل عام ليس الهدف من عملنا "قمع المواطن"، بل تامين ظروف حياة أفضل له إضافة إلى أننا لسنا جهة وصائية عليه بل جهة تعمل وتنفذ مشاريع وفق الأنظمة والقوانين والأفكار التي يضعها أناس يمثلون السكان المستفيدين من هذه المشاريع مثل السكان والمؤسسات الأهلية والجمعيات وغرف التجارة والفعاليات الأهلية».

هذه الفكرة سيمثلها كل من العازف "أشرف كاتب" السوري الأصل والمقيم في "ألمانيا" إضافة إلى العازفة الليتوانية الأصل والمقيمة في "ألمانيا" أيضا "رامونة نيريس". كانت البداية مع السيد "أشرف" الذي قال لنا:

«عندما كنت في زيارة إلى "سورية" الصيف الماضي مشاركا في "الأيام السورية الألمانية" كنت أتمنى ألا تطول المدة وأعود إلى "حلب" من جديد. فقام مجلس مدينة "حلب" ومحافظة "حلب" إضافة إلى وزارة الإدارة المحلية بتبني فكرة هذه الأمسيات انطلاقا من فكرة أن "حلب" بحاجة إلى دعم فني أكبر ونشاطات فنية وثقافية أكثر على اعتبار أن مدينة "حلب" هي مدينة ضاربة في القدم وفيها حركة موسيقية كبيرة؛ فقررت إطلاق سلسلة هذه الحفلات كتحية من "حلب" إلى باقي المدن السورية تقول: "نحن موجودون ونقول لكم مرحبا من شعب "حلب" لكم أيتها المدينة السورية" والتي انطلقت الأستاذ "عمار غزال" الذي دعم الفكرة وأيد قيام هذه السلسلة».

ويضيف بأن البرنامج يتضمن مقطوعات موسيقية لعدد من المؤلفين الموسيقيين العرب والأجانب منهم مؤلف حلبي الأصل مقيم في "فرنسا" هو الأستاذ "ضياء السكري" حيث يضيف السيد "أشرف" بالقول:

«حاولت أن أضع في البرنامج الموسيقي الخاص بهذه الأمسيات مقطوعات موسيقية خاصة بعازفين عرب من دول البحرين، والأردن، ولبنان، ومصرن والمغرب. في برامجي التي أعزفها في أوروبا والعالم دائما ما كنت أضع قطعة أو قطعتين موسيقيتين لمؤلفين عرب لكي أشهر الموسيقي العربية في العالم عبر مشروع أحاول القيام به هو نشر المؤلفات الموسيقية العربية في مجال الموسيقى الكلاسيكية لكي يسمعهم العالم ويتعرف عليهم وعلى إبداعاتهم».

ويضيف بأن فكرة هذه المهرجان كانت على مبدأ المهرجانات الأوروبية التي تقام في مدن مختلفة مثل أمسيات "خريف وارسو" و"خريف باريس" حيث يتابع بالقول:

«هي بذرة صغيرة أتمنى أن تكبر وتتحول إلى مهرجان مستمر يتم دعوة عازفين كبار له مستقبلا».

أما عن برنامج الحفلات فسوف تبدأ في مدينة "حمص" مع الثالث من تشرين الأول، ومن ثم في "طرطوس" في 6/10، بعدها ينتقلون إلى "اللاذقية" في 7/10، لتعود إلى مدينة "حلب" في حفلة ضمن مديرية "الثقافة" في الثامن هذه الشهر، ومن ثم لتنتقل إلى مدينة "دير الزور" لاختتام سلسلة الحفلات هذه في التاسع من الشهر الجاري.

«أنا متفائل بهذه الأمسيات خصوصا بأن هناك مدن لم تقم بها حفلات موسيقى كلاسيكية من قبل مطلقا مثل مدينة "دير الزور" مثلا والتي سيتم نقل البيانو إليها من "دمشق" خصيصا للحفلة، ولا أدري ما واقع حال مدينة "طرطوس" بالنسبة للنشاطات الخاصة بالموسيقى الكلاسيكية إنما اعتقد بأن مثل هذه الأنشطة نادرة فيها هي ومدينة "اللاذقية".

وستشاركه في هذه الأمسيات كما ذكرنا سابقا الآنسة "رامونة نيريس" والتي يقول عن مشاركتها:

«تعزف معي الآنسة "رامونة" منذ ست سنوات حيث شاركتني في عدة حفلات أقيمت عبر دول العالم المختلفة مثل "فرنسا" و"انكلترا" و"المغرب" و"تونس". هي أيضا مهتمة بالمشروع الذي أعمل عليه وهذا النمط من الموسيقى حيث أبدت حماسة كبيرة عندما طلبت منها القدوم إلى "سورية" ومشاركتها معي في هذه الأمسيات».

ويختم بالقول بأنه يتمنى لو تجد هذه الأمسيات صدى لكي تكبر وتنمو مع قدوم عازفين أجانب آخرين للمشاركة فيها.

بحماسة كبيرة ورغبة زادتها مطالعتها لما هو موجود عن "سورية" على شبكة الانترنت، جاءت الآنسة "رامونة نيريس" لتكون شريكة الأستاذ "أشرف" في الأمسيات الموسيقية هذه حيث قالت لنا:

«هذه زيارتي الأولى لي إلى "سورية" إلا أنني اطلعت عليها عن طريق شبكة "الانترنت" واكتشف بلد جميل للغاية وخصوصا "حلب" وقلعتها التي هي عظيمة ما شجعني على القدوم إلى هذا البلد».

وتضيف بأن الناس كانوا رائعين ومميزين وبأنها كانت في الحقيقة تفوق توقعاتها، كما تضيف بأنها تتمنى أن تساهم هذه الأمسيات في تعريف الناس بالموسيقى الكلاسيكية بالشكل الصحيح حيث تتابع قائلة:

«برأيي قد يقدم برنامج هذه الأمسيات الغرض منه في تعريف الناس بالموسيقى الكلاسيكية، وخصوصا الموسيقى العربية التي ألفها مؤلفون عرب. هي جميلة واعتقد أن على الناس أن يتعرفوا عليها».

من حلب... تحية! هي لمسة من مدينة عريقة، إلى مدن عريقة أخرى في محاولة لبدء عملية تواصل ما بين هذه المدن ولمسة من مدينة ذات اسم عريق وكبير إلى مدن سورية أخرى.