«اصحا يا نايم ياللي نويت الصوم، أصحا يا نايم وحّد الدايم، صوم وصلاة وعبادة الرحمن، فرصة للتوبة أكسبها يا إنسان».
بهذه الكلمات يبدأ المسحر "زكريا الطويل" رحلة إيقاظ النائمين للسحور في رمضان بمدينة "درعا" وضواحيها، والذي بدأ هذه المهنة منذ الصغر عندما كان والده يوقظ الصائمين، وبعد وفاة والده أصر على إكمال ما بدأه، وما زال يقوم بإيقاظ الناس بفترة السحور.
مهمة المسحر في السنوات الماضية كانت من المهمات الضرورية التي لا يمكن الاستغناء عنها، حيث يقوم بإيقاظ الأهالي في منتصف ليالي رمضان ليتمكنوا من تناول وجبة السحور، لأن الناس في السابق كانوا ينامون في ساعات الليل الأولى، ولا توجد منبهات كالساعات والتليفونات
موقع eDaraa في 1/9/2009 رافق المسحر "زكريا" في رحلة السحور، فحدثنا عن مهنة المسحر بالقول: «مع انتشار أدوات التنبيه التكنولوجية الحديثة، استمرت مهنة المسحر كنوع من التذكير بالماضي والتراث العربي الإسلامي، فهو مظهر رمضاني عزيز على جميع أبناء "حوران"، وأنا أقوم بهذا العمل من أكثر 5 سنوات لوحدي، وقبلها كنت أمارسها مع والدي رحمه الله، ولدي أخ آخر يقوم بمزاولة مهنة المسحر في مدينة "درعا"، وأنا متخصص في منطقة الضاحية الأولى والثانية».
ثم يضيف: «مهمة المسحر في السنوات الماضية كانت من المهمات الضرورية التي لا يمكن الاستغناء عنها، حيث يقوم بإيقاظ الأهالي في منتصف ليالي رمضان ليتمكنوا من تناول وجبة السحور، لأن الناس في السابق كانوا ينامون في ساعات الليل الأولى، ولا توجد منبهات كالساعات والتليفونات».
وعن الطريقة التي يستخدمها المسحر لإيقاظ الصائمين يقول: «نقوم باستعمال "الطبل" ويكون مصنوعاً من جلد الحيوانات، مثل جلد البقرة أو جلد الخيل، وله جهتان الجهة الشمالية للضرب بالعصا، والجهة الجنوبية للضرب باليد، ونبدأ بالتسحير من بداية الشهر الكريم في حدود الساعة الثانية صباحاً تقريباً إلى وقت كافٍ من الأذان، لكي نستطيع أن نتجول في أكبر عدد من أحياء المناطق السكنية».
وعن الأهازيج والصيحات التي يرددها المسحر يضيف: «نردد الأهازيج المحببة إلى النفوس بمرافقة الطبل، ومن ليلة السابع والعشرين يردد المسحر أهازيج خاصة بتوديع الشهر الكريم، ومن تلك الأهازيج التي يرددها المسحر: قوم واصحا يا نايم، سبح المولى وشكور، وادعيلي من المستور. وفي آخر أيام رمضان نردد بعض العبارات منها:
ودعوا يا كرام شهر رمضان/ فعلى النبي الصلاة وعليه السلام
الوداع الـوداع / يا شهر رمضان
وعلـيك السلام / يا شهـر الصيام
كما التقينا مع الحاج "محمود عبد الرحمن رجا" الذي قال: «جرت العادة أن يظهر المسحر في أواخر أيام رمضان في وضح النهار على غير عادته، ويشاهده من لم يتمكن من مشاهدته بالليل، ويجوب الشوارع طلباً لزكاة الفطرة، وما تجود به نفوس الصائمين، لقاء خدماته التي قدمها للناس طوال فترة الشهر الكريم بإيقاظ الصائمين بفترة السحور وكان سابقاً يحمل "التنكة" ويضربها بالعصا، واليوم تحول إلى الطبل».
الشيخ "ضياء الملحم" قال لنا: «مهنة المسحراتي ارتبطت بشهر رمضان الكريم منذ عهد الرسول صلى الله عليه وسلم، وكان "بلال بن رباح" رضي الله عنه أول مسحراتي في التاريخ الإسلامي، حيث كان يجوب الشوارع والطرقات لإيقاظ الناس للسحور بصوته العذب طوال الليل، وكان المصطفى صلى الله عليه وسلم يقول "بلال" ينادي بالليل، فكلوا واشربوا حتى ينادي ابن "أم مكتوم"، وكان ابن "أم مكتوم" هو الذي يتولى أذان الفجر، ومنذ ذلك التاريخ أصبح المسحراتي مهنة رمضانية خالصة».