في الجهة الغربية من بلدة "صافيتا" وعلى تلة في الجهة الجنوبية من قرية "بيت الشيخ يونس" وسط غابة من "السنديان" يقع أقدم بناء في القرية، والذي يفخر به أبناؤها كإرث ديني عن الأجداد.

الحقائق التي تأكدنا من صحتها بزيارة "موقع طرطوس" إلى القرية بتاريخ 15/7/2009 هي معروفة لدى معظم الأهالي، بالإضافة إلى مراجع مختلفة ذكرت بدقة تاريخ هذا الجامع الذي أنشأه أبناء القرية.

كان عدد سكان القرية بحدود 2000 نسمة في سنة الخمسين حين بدأت أؤذن في هذا الجامع وكنت آنذاك في بداية شبابي، وقبل ذلك الشيخ "كامل عبد الحميد" وقبله الشيخ "غانم إسماعيل" وقبله الشيخ "حسن علي القاضي"

دليلنا إلى هذا المسجد كان السيد "عبد الحميد عبد الحميد"، فهو من عرّفنا به وبقصته حين قال: «يعتبر هذا الجامع من أقدم الجوامع في المنطقة الساحلية، بناه الشيخ "غانم ياسين" وابن أخيه الشيخ "عبد الحميد يونس" سنة 1267 ﻫ، وبعد وفاتهما تممه أخو الشيخ "عبد الحميد يونس" الشيخ "ياسين يونس" والشيخ "سليم غانم" وكانا معروفان بالفضيلة والتقوى والصلاح، كما ساهم في إتمام بنائه أولاد الشيخ "غانم يونس" وأولاد أخيه».

الجامع من الداخل

من يزور هذا المسجد يلاحظ لون حجارته المميزة ما يدلّ على قدمه، وكما يعبّر: «بني الجامع من الحجارة الممسوحة بإتقان، حيث كان العمل بكامله يدوياً من تقطيع الحجارة إلى نقلها إلى مكانها، وقد أصبح معروفاً في محافظة "طرطوس" ومنطقة "صافيتا" بسبب شهرة قرية "بيت الشيخ يونس"، ولا تزال الشعائر الدينية والمناسبات تقام فيه حتى اليوم.

يقول الشيخ "إبراهيم مرهج" أحد أجداد العلامة الشيخ "عبد اللطيف إبراهيم" في تاريخ هذا المسجد:

الشيخ "عبد الرحمن عبد الرحمن"

أنشأه مسجد زاهياً- فيه المسرة والهنا

غانم وعبد للحميد قد- أسسا ذاك البنا

واجهة الجامع

ياسين وسليم هما- قد تمماه في عنا

يا ربّ تمم أجرهم- وأغنيهما كل الغنا

قد أرخوه حفظ ألا- يحاط به الفنا»

الرفقة التي ناهزت نصف قرن مع أحد أشهر جوامع المحافظة، حدثنا عنها الشيخ "عبد الرحمن عبد الرحمن" قائلاً: «كان عدد سكان القرية بحدود 2000 نسمة في سنة الخمسين حين بدأت أؤذن في هذا الجامع وكنت آنذاك في بداية شبابي، وقبل ذلك الشيخ "كامل عبد الحميد" وقبله الشيخ "غانم إسماعيل" وقبله الشيخ "حسن علي القاضي"».

وأضاف: «في سنة السبعينيات وفي أحد الأيام بقيت مع الشيخ "يونس إسماعيل" حتى خرج جميع من في الجامع وكانت السماء ماطرة، فوجدنا الأحذية مبللة وقال لي: أريد أن أبني شرفة على طول الجامع، فذهب إلى مدير المنطقة وطلب 300 كيس إسمنت لإنجاز ذلك، فسأله مدير المنطقة عن حاجته إليها وعندما أجابه وافق وسأله إذا كان يريدها دفعة واحدة، لكنها طلبها على دفعات من 50 كيس، وقد تم بناء هذه الشرفة في نفس العام».

من أجل استمرار استقباله لأبناء القرية وتوافدهم إليه وكأحد أهمّ المعالم التاريخية والدينية في المنطقة، كان الحرص على صيانته وترميمه بشكل لائق، وبحسب الشيخ "عبد الرحمن": «قبل حوالي أربعين عاماً كان الجامع يدلف قليلاً من السقف، وعندها قام والدي الشيخ "محمد عبد الرحمن" بترميمه ودهنه بمادة "الكلس".

حديثاً منذ حوالي 15 عاماً قام مهندسان مغتربان من القرية وهما "فراس يونس" و"وضاح يونس" بترميم المسجد بعد أن طلبنا منهما مشاهدة سقفه من الخارج، حيث تم نزع الطبقة الكلسية واستخدمت ألواح من البلاستيك ثم مادة "القار" (الإسفلت)، وبعد ذلك طبقة أخيرة من "الإسمنت" المجبول، كما تمّ تلبيس قاعته من الداخل بألواح خشبية وترميمه بشكل لائق.

تجاوزت شهرة هذا الجامع حدود المحافظة، فمنذ حوالي أربع سنوات جاء إليه زوار في حافلة من "لبنان"، كما يأتي إليه زوار من مختلف المناطق وخصوصاً صيفاً».

يقول الحج "محمد ياسين"، وهو أحد أكثر المهتمين بتاريخ القرية: «يوجد مسجدان حالياً في القرية؛ افتتح الأول سنة 1267 ﻫ وألحق به عام 1417 ﻫ قاعة واسعة مع مئذنة، ولم تنقطع الآذان والعبادة فيه منذ بنائه، وقد كانت الكلفة المادية للملاحق من الأبنية من أموال الخيرين من محافظة "دمشق" وغيرها، وبمساعي المحامي الدكتور "مفيد عبد الكريم"».